العلم الإلكترونية - الرباط
المقاييس الديمقراطية المعتمدة لدى الدول المتقدمة، يمكن اعتبار الخطاب الملكي في افتتاح البرلمان الجديد بمثابة خريطة الطريق نحو العهد الجديد على أساس تغيير أسس السياسات العمومية وتجديد المناهج والوسائل والمقاربات في ظل الإجماع الوطني على القطع مع السياسات العقيمة والممارسات الحكومية العاجزة عن إحداث التحولات التي من شأنها أن تفضي بالمغرب إلى المرحلة الجديدة التي يتطلع إليها الشعب المغربي. فحينما قال جلالة الملك إن انتخابات 8 شتنبر كانت انتصارا للخيار الديمقراطي والتداول الطبيعي على تدبير الشأن العام، فهذا ليس مجرد إعلان عن التقدم في المجال الديمقراطي فحسب، وإنما هو التزام بالعمل على تفعيل المسار الديمقراطي وترجمة الانتصار الذي تحقق إلى دينامية فعالة وآلية نشيطة لبلورة الخيار الديمقراطي في صيغة حركية دائبة فاعلة في الدفع ببلادنا إلى الأمام. ولذلك أكد الخطاب الملكي على أن الحكومة الجديدة مسؤولة عن وضع الأولويات والمشاريع وتعبئة الوسائل الضرورية لتمويلها. وهذا أيضا التزام بالعمل من أجل تحقيق نقلة نوعية تضع المغرب أمام رفع التحديات بأكبر قدر من الإحساس بالمسؤولية والجدية والفعالية في تدبير الشأن العام تدبيرا ممنهجا يكون له مردوده العملي الذي يستفيد منه المواطنون كافة.
فهذه ليست حكومة جديدة فحسب، ولكنها حكومة التحدي وحكومة الإقلاع الديمقراطي والإنطلاق الإنمائي وترسيخ قواعد الاستقرار الذي يجلب الاستثمارات و يضمن للمواطنين جميعا الحياة الكريمة التي هي حق من حقوق الإنسان .
لقد جاء الخطاب الملكي في افتتاح البرلمان ليدخل المغرب إلى المرحلة الحاسمة التي تختلف عن المراحل السابقة التي ضاعت فيها الفرص الكثيرة للإصلاح وللتغيير وللتحديث. ولذلك فإن من مسؤولية الحكومة ، ومن مسؤولية البرلمان أيضا تدارك الفرص الضائعة والانطلاق في البناء الديمقراطي وفي النماء الاقتصادي وفي النهوض بالمغرب على نحو ينتقل بالوطن إلى مستويات أعلى من التقدم والتطور.من هذا المنظور السياسي ندرك أهمية ما ورد في الخطاب الملكي من التأكيد على الولاية التشريعية الجديدة التي تأتي في مرحلة واعدة، الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، مسؤولون مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية على نجاح هذه المرحلة بالتحلي بروح المبادرة والالتزام المسؤول. والعنصر الأكثر قوة وتأثيرا في هذه الفقرة من الخطاب، هو روح المبادرة التي تعني بالوضوح الكامل التحلي بالشجاعة العقلية وبالجرأة الإرادية وبالثقة واليقين والجسارة السياسية والإقدام على اتخاذ القرارات القوية والجريئة والمناسبة في الظرف المناسب، لمعالجة المشاكل ولتذليل الصعاب وللتعامل مع الأزمات بقدر كبير من النجاعة والتصميم والحسم بعيدا عن التردد وبالأيدي الثابتة والهادئة والمستقرة، وليس بالأيدي المرتعشة المضطربة. فهذه هي الخصال الرفيعة والسجايا الراقية التي تختزل في روح المبادرة التي أكد جلالة الملك على التحلي بها.
ن هذا الجمع بين الحكومة والبرلمان والمؤسسات والقوى الوطنية، في سياق واحد يؤكد أن مسؤولية التغيير جماعية ومهمة مشتركة وحركة متناسقة ومترابطة ومنسجمة، فلا يمكن إحراز النصر في معركة البناء على أسس جديدة وبعقلية جديدة إلا في إطار نظافر الجهود في عمل وطني فاعل ومؤثر. وتلك هي الفكرة المركزية التي عبر عنها الخطاب الملكي في افتتاح البرلمان.