2025 نونبر 12 - تم تعديله في [التاريخ]

50‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬لتقليص‭ ‬الفوارق‭ ‬المجالية‭.. ‬إنجاز‭ ‬26‭ ‬ألف‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬وآلاف‭ ‬المشاريع‭ ‬الاجتماعية

برنامج‭ ‬الفوارق‭ ‬المجالية‭ ‬حقق‭ ‬نسب‭ ‬التزام‭ ‬بلغت‭ ‬98‭% ‬واستفادت‭ ‬منه‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬بنسبة‭ ‬74‭%‬
الجعفري‭: ‬برنامج‭ ‬تقليص‭ ‬الفوارق‭ ‬أحدث‭ ‬تحولا‭ ‬تنمويا‭ ‬عميقا‭ ‬ويمهد‭ ‬لجيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬الترابية



العلم: ليلى فاكر

حقق برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية الذي رصد له غلاف مالي إجمالي يبلغ 50 مليار درهم خلال الفترة بين 2017–2023 تقدما كبيرا على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات القروية والجبلية، ووفق المعطيات الواردة في وثيقة قدمتها وزارة الاقتصاد والمالية إلى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في إطار مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، كشفت عن حصيلة ضخمة حققها البرنامج تمكن من ترجمة جزء واسع من أهدافه على أرض الواقع، سواء في النقل المدرسي والصحة والتعليم والماء الصالح للشرب أو في فك العزلة عبر الطرق والمسالك والمنشآت الفنية.

وأظهرت البيانات الحكومية أن مختلف الجهات استفادت من مشاريع مهيكلة شملت أكثر من 26 ألف كيلومتر من الطرق والمسالك القروية، وأزيد من أربعة آلاف مؤسسة تعليمية خضعت للبناء أو التوسعة أو التأهيل، إلى جانب اقتناء آلاف التجهيزات ووسائل النقل المدرسي، كما سجل القطاع الصحي بدوره دينامية واضحة من خلال إنجاز 945 عملية تأهيل وبناء للمؤسسات الصحية واقتناء مئات تجهيزات وسيارات الإسعاف والوحدات الطبية المتنقلة، فيما حظيت منظومات تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب بنصيب مهم عبر مئات المشاريع الميدانية.

وتبرز المعطيات المالية للبرنامج مستوى متقدما في تنفيذ الاستثمارات المرصودة، بعدما تم تسجيل معدل التزام بلغ 98 في المائة على المستوى الوطني، وأداءات قاربت 83 في المائة، مع استفادة ملحوظة للمناطق الجبلية التي استأثرت بنسبة كبيرة من التدفقات الاستثمارية، كما تقدم الوثيقة توزيعا ترابيا مفصلا للمشاريع عبر مختلف جهات المملكة، بما يعكس حجم الجهود الموجهة لتقليص الفوارق وتحسين شروط العيش في المناطق التي كانت تعاني من الهشاشة وضعف البنيات الأساسية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور محسن الجعفري، الباحث في الاقتصاد السياسي والاستثمار، أن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية يشكل أحد أهم الأوراش الوطنية التي رصدت لها الدولة غلافا ماليا يقدر بـ 50 مليار درهم، أي بمعدل 10 مليارات سنويا. واعتبر أن هذا البرنامج، بميزانيته الضخمة وسقفه الزمني الممتد، يعد جزءا محوريا من النموذج التنموي الموجه للأقاليم التي كانت تعاني تاريخيا من الحيف التنموي.

وأوضح الجعفري أن العديد من القرى والمناطق النائية في المغرب العميق استفادت خلال السنوات الأخيرة من التغطية بشبكات الاتصالات، والربط بالتيار الكهربائي، وتزويدها بالماء الصالح للشرب، وهي مشاريع وصفها بأنها حيوية لأنهاتنقل المواطن من نمط حياة بدائي إلى نمط أكثر تطورا، يواكب ما هو متوفر في المدن الكبرى أو على هوامش الحواضر”.

وأضاف أن هذه الاستثمارات، التي وجهت أساسا نحو البنيات التحتية، أصبحت ملموسة على أرض الواقع، سواء عند التنقل بين المناطق أو عبر المسارات الطرقية التي تم تحديثها، لافتا إلى أن طريق تيشكا نحو ورزازات مثال واضح على جودة هذه المنجزات، إلى جانب مشاريع مماثلة في الأطلس وشمال وشرق المملكة، وأبرز أن هذه الدينامية ساهمت بشكل مباشر في تقليص الفوارق المجالية والمعيشية بين ساكنة الحواضر وسكان المناطق البعيدة.

وأشار الجعفري إلى أن البرنامج يندرج ضمن تصور جديد للسياسة الترابية التي تشهد اليوم نقاشا واسعا داخل الولايات والعمالات لإعداد جيل جديد من البرامج التنموية، واعتبر أن هذا التحول يتجاوز منطق مواجهة الفوارق المجالية فقط، إلى منطق تلبية الحاجيات والضروريات والرفع من جودة الخدمات العمومية الموجهة للمواطنين في مختلف المناطق.

وشدد على أن هذا التوجه الجديد جاء بناء على توجيهات الملك محمد السادس الذي دعا إلى إعداد جيل جديد من البرامج الترابية، مؤكدا أن تقييم برنامج تقليص الفوارق المجالية يدخل ضمن تقييم أشمل لسياسات ترابية كبرى تستجيب لانتظارات المواطنين وتساير التطورات المجتمعية.

وختم الجعفري بالقول إن اللقاءات التشاورية الجارية بمشاركة الفاعلين المحليين، والمجتمع المدني، والمنتخبين، والمواطنين ستسمح ببناء تخطيط جماعي قادر على الرفع من العرض الخدماتي وتطوير برامج ترابية حديثة تستجيب لخصوصيات كل منطقة وتطلعات ساكنتها.



في نفس الركن