
العلم الإلكترونية - وكالات
شنّت إسرائيل غارات جوية مكثفة استهدفت مقراً لوزارة الدفاع السورية في قلب العاصمة دمشق، ما أدى إلى اغتيال ثلاثة من كبار القادة العسكريين السوريين. ويأتي هذا الهجوم ضمن سياق أوسع لتحرك إسرائيلي مدروس نحو تعميق حالة الفوضى وتفتيت مراكز القوة في الشرق الأوسط، بعد فشل رهاناتها على ضرب إيران من الداخل.
ووفق ما نقلته القناة 14 الإسرائيلية، فقد رافقت الغارات تقارير تتحدث عن "فرار" الرئيس السوري أحمد الشرع وعائلته من دمشق، وهي معلومات سارعت وسائل إعلام سورية إلى نفيها بشكل قاطع. وظهر عدد من الإعلاميين السوريين في بث مباشر من ساحة الأمويين، أبرز رموز السيادة الوطنية في قلب العاصمة، للتأكيد على أن الأمور تحت السيطرة، وأن القيادة السورية لا تزال تمارس مهامها بشكل طبيعي.
ويُنظر إلى هذا الهجوم على أنه حلقة جديدة في مشروع "إعادة تشكيل الشرق الأوسط"، الذي تشتغل عليه الدوائر الصهيونية والأطلسية منذ سنوات، ويتجدد مع كل تحوّل استراتيجي في ميزان القوى. فبعد التصعيد مع إيران، واندلاع المواجهات الواسعة في جنوب لبنان، تحاول إسرائيل تصدير أزمتها الداخلية عبر افتعال بؤر توتر جديدة في سوريا، مستغلة هشاشة الوضع الإقليمي والتراخي الدولي تجاه تجاوزاتها المتكررة لسيادة الدول.
وحملت الهجمات الأخيرة بصمات واضحة لمخطط يستهدف رأس الدولة السورية والمؤسسة العسكرية التي تُعد آخر أعمدة الدولة الوطنية في وجه مشاريع التقسيم والانقسام الطائفي. وتزامنت الضربات مع اضطرابات شهدتها محافظة السويداء جنوب البلاد، حاولت بعض القوى الأجنبية استغلالها للترويج لفكرة انهيار الدولة السورية، تمهيداً لتقسيمها على أساس عرقي وطائفي، وهو ما حذرت منه دمشق مراراً.
وتأتي التحركات الإسرائيلية الأخيرة في وقت حساس يتميز بتغير ملامح التحالفات الإقليمية والدولية، وسط تراجع الحضور الروسي في المنطقة، ومحاولات إسرائيل وأمريكا ملء هذا الفراغ عبر التغلغل الأمني والسياسي، واستخدام القوة العسكرية كأداة وحيدة لفرض وقائع جديدة على الأرض.
كما أن استهداف سوريا بعد إيران يحمل دلالات عميقة، منها محاولة قطع خطوط الإمداد بين طهران ودمشق وبيروت، وتعطيل أي إمكانية لإعادة إحياء محور المقاومة الذي لطالما شكل تهديداً إستراتيجياً للتفوق الإسرائيلي في المنطقة. في المقابل، لا يستبعد محللون أن تؤدي هذه المغامرة العسكرية إلى نتائج عكسية، خصوصاً مع ما تبديه سوريا من صمود متجدد، وردود فعل مرتقبة من حلفائها في طهران وبيروت.