Quantcast
2025 سبتمبر 12 - تم تعديله في [التاريخ]

المعلومة والفعالية الأمنية..


المعلومة والفعالية الأمنية..

 

*بقلم // ذ. عبد الحميد العباس*


إذا كان من بين الأهداف العامة لمؤسسة الأمن عبر الإدارة العامة للأمن الوطني كإدارة سيادية، هو الاهتمام بتكوين أطرها ومواردها البشرية من حراس الأمن ومفتشي وضباط وعمداء الشرطة والأمن وإعداد المرافق اللازمة لتخريج شرطيين جديرين بمهامهم كحماة للسكينة العامة وسلامة المواطنين، وذلك عن طريق محاربة الظاهرة الاجرامية بشتى الطرق والوسائل بما في ذلك اعتماد المقاربة الاستباقية والتوفر على المعلومة الدقيقة، وهو ما يتطلب تجنيد مخبرين للتغلغل واختراق وكر المجموعات الإجرامية المنظمة، الأمر الذي يستدعي وجود ضباط شرطة بكفاءة عالية وتكوين علمي أساسي ومتخصص في مجال الاستخبار والاختراق، وهو ما لا نجده عند بعض ضباط الشرطة القضائية بحكم تكوينهم ومعرفتهم السطحية بذلك المجال والاعتماد على اجتهادهم وتجربتهم الشخصية، مما قد يجعلهم عرضة للسقوط في فخ المعلومة الملغومة وعدم التحكم في المخبر واستعمالهم بدون إدراك كأدوات قانونية لتصفية حسابات معينة وكذا اصطناع معلومة على المقاس للتوجيه والتمويه في حرب الذكاء ما بين المافيا وضباط الشرطة.

لذلك على الرؤساء مراقبة وتأطير عمل أولئك الضباط والاطلاع على كل صغيرة وكبيرة واستعمال تقنية التنسيق بين كل أقسام الإدارة، خصوصا بين الشرطة القضائية و الاستعلامات العامة، وذلك لتجويد مجهود مكافحة الجريمة و التأكد من فعالية وحسن اختيار المخبر، فيكون العمل مؤسساتيا شفافا ومنظما، يتمكن من خلاله ضابط الشرطة المحترف من التركيز على عنصر التلبس الناتج عن المعلومة الدقيقة أكثر من الاعتماد على معلومات ملعوب في دقتها يتم الحصول عليها من مخبرين مدمنين أو بنات ليل او تجار ممنوعات يتم التساهل مع ما يروجون مقابل مقايضتهم بمعلومات ،فهي مصادر غير موثوقة وسهلة في أن تكون مزدوجة ، مما يفقد العمل الأمني رصانته و قوته و هيبته ، أمام عامة المواطنين إلى درجة التشكيك وأخذ انطباع سيئ عن المؤسسة برمتها، في حين أن الأمر لا يعدو ان يكون مجرد عمل فردي لبعض المتكاسلين والفاسدين من ضباط شرطة وسقوطهم في فخ الإغراءات المالية و استسهالهم و عدم تمكنهم من أساليب ومنهجية وانضباط وأدوات الاستخبار، الذي تبقى الريادة فيه للمشتغلين في دواليبه بصفة علمية واحترافية تجعلهم يضبطون رقعة تحرك الأهداف بشكل شمولي وبقفاز من حرير.

فقد أثبتت تجربة منح الصفة الضبطية للمدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها بهذه الإدارة، فيما يخص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية وهي جرائم خطيرة ومعقدة بما توفره الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني من معلومات دقيقة لعناصر الشرطة القضائية بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية، من تفكيك العديد من العصابات الإجرامية الخطيرة والعديد من الخلايا الإرهابية وتقديمهم للعدالة، مما أكسب هذه الإدارة احترام المواطن وثقته كي يطمئن لمستقبله واستقرار بلده.

لذلك لا ضير في الاستفادة من هذه المنهجية على مستوى المناطق و الولايات الأمنية التابعة للإدارة العامة للأمن الوطني، خصوصا وأنها تتوفر على أطر رفيعة المستوى بتجربة جد مهمة في مكافحة العصابات وتجار الممنوعات، بما ستقدمه أقسام الاستعلامات العامة العقل الدافئ لإدارة الأمن للشرطة القضائية بتلك المناطق الأمنية والولايات من معلومات في إطار تخصصها القانوني، بالتحري عن الجرائم ومعاينتها والتثبت من وقوعها وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ،فتكون تلك المعلومات من ضباط متخصصين بمثابة مادة اولية دقيقة، وهو ما سيكسب محاضر الضابطة القضائية قوة ثبوتية فعلية يوازي ما منحها المشرع في الجنح من وثوقية المضمون، الأمر الذي يستدعي أن توفر إدارة الموارد البشرية الوسائل الضرورية التي تسهل عمل ضباط تلك الفرقة من مهامها بشكل احترافي دقيق. فبالإضافة إلى مهام أقسام الاستعلامات العامة التي تشمل التتبع الإداري لإقامة الأجانب بالمملكة ومراقبة الفنادق والنزل وإعداد التقارير حول الاحتجاجات والمظاهرات بالشارع العام وبحوث الجمعيات ونشطاء الشأن العام السياسي بوسائل التواصل الاجتماعي والنشطاء الحقوقيين والسياسيين وكذا معرفة توجه الراي العام عبر جمع معلومات عامة. بالإضافة إلى مهام أخرى تبقى محفوفة بالسرية، فإن من شأن إضافة مصلحة أخرى على رأسها ضباط مهمتهم جمع معلومات واختراق أوكار الجريمة المنظمة بالمدن وتفكيك طلاسمها و شبكاتها و مدى توسعها و امتدادها في إطار العمل الاستعلاماتي المتحرك بدل الثابت، وتقديم تلك المعلومات لأقسام وضباط الشرطة القضائية لاستكمال البحث والتحري وتقديم المشتبه فيهم إلى العدالة، بتنسيق محترف وعال المستوى ومنظم بمسؤوليات محددة .أما منهجية العمل الفردي بترك بعض ضباط الشرطة يفعلون ما يشاؤون، فوساوس الشيطان وإغراءات المال وذكاء بعض زعماء الإجرام، قد يجعلهم يسقطون فريسة الفساد المدبر والتغاضي عن نشاط بعض المجرمين مقابل عمولات و إتاوات ونسج علاقات مصلحية غير قانونية، خصوصا مع استمرار بعض الضباط لسنوات طويلة في نفس المهام الامنية الحساسة التي تجعلهم عرضة للغرور الأمني إلى درجة قد يتحولون الى مصدر تهديد للأمن واستقرار المجتمع. وهنا يصبح من الضرورة الواجبة في إطار حماية أمن الدولة والمجتمع، لمن هم مخول لهم قانونا واستراتيجيا التدخل الصارم بما يلزم في إطار وحدة المؤسسة والهدف.


ذ. عبد الحميد العباس محام بهيئة طنجة

              



في نفس الركن
< >

الخميس 11 سبتمبر 2025 - 14:42 درس الزفزافي الذي صفع الانفصاليين..
















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار