النقص في النظافة يؤدي إلى تلوث المواد الغذائية بالميكروبات..‼

بمجرد حلول فصل الصيف والحرارة المفرطة، تحل معه المشاكل الناتجة عن التسممات الغذائية.. وهي أمراض تحدث في الجهاز الهضمي، وأحيانا في الجهاز العصبي، تصحبها أعراض بالمعدة والأمعاء، ويحدث هذا لمجموعة بشرية تناولت نفس الوجبة الغذائية وكثيرا ما تحدث في فصل الصيف، حيث إن ارتفاع الحرارة يسهل تكاثر المكروبات ويساعد على وصولها إلى المواد الغذائية، وهذا الوصول يتم بشتى الطرق.. هذا ما سنتعرف عليه من خلال الحوار الذي أجريناه مع الدكتور نور الدين بوحاجب الطبيب الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي..
*حاوره بوجدة : محمد بلبشير*
س. - دكتور، ما مصدر التسممات الغذائية؟
ج. – التسممات الغذائية تظهر كثيرا بحلول فصل الصيف والحرارة، و ذا الفصل هو عامل يسهل تكاثر المكروبات ويعمل على وصولها إلى المواد الغذائية عبر شتى الطرق.. فالذباب ينقل هذه المكروبات من مكان إلى آخر، و الأيدي القدرة التي تمس المأكولات و المياه الملوثة التي يتم استعمالها في غسل الأواني.. وليعلم القارئ أن المأكولات التي تترك خارج الثلاجة ساعات كثيرة بعد طبخها تتلوث بطريقة أو بأخرى وفي بعض الأحيان ينتج المرض ليس من تلوث المادة الغذائية بل في أصل المادة الغذائية، كما يحدث مع مرض جنون البقر..
س. – وكيف تحدث هذه التسممات إذن؟
ج. – هذه التسممات تحدث عبر ثلاثة طرق رئيسية.
1/ حينما تتلوث المادة الغذائية بمكروبات أو بمواد سامة ناتجة عن هذه المكروبات.
2/ حينما تكون المادة الغذائية سامة في حد ذاتها إما بتقادمها أو التقاطها عنصر من عناصر التسمم.
3/ حينما تتلوث المادة الغذائية بمواد كيماوية أو بمواد سامة ناتجة عنها.

س. – طبعا دكتور هذه التسممات لها مسبباتها كالبكتيريا. فما هي التسممات الغذائية بالبكتيريا؟
ج. – هناك أنواع كثيرة من البكتيريا التي تلوث المواد الغذائية نذكر منها:
1/ التسمم ببكتيريا staphylocoque ، الذي ينتشر كثيرا في محيطنا ، هذه البكتيريا تنتج مادة سامة يطلق عليها اسم Toxine ، فبعد مدة تتراوح ما بين ساعة و 6 ساعات من تناول طعام ملوث بهذه البكتيريا ، يبدأ المرض بصفة فجائية بالآم حادة في البطن مصحوبة بقيء و إسهال و غثيان .. ثم إن خطورة هذا المرض له علاقة مع كمية المادة السامة التي تم امتصاصها ، و مما يميز هذا المرض ظهوره عند عدة أشخاص تناولوا نفس الوجبة ، ثم الوقت القصير الذي يفصل بين تناول الغذاء الملوث و ظهور الأعراض.
2/ أما الوقاية من هذا المرض ، فهناك مجموعة من التصرفات هدفها الأصلي منع وصول هذه البكتيريا إلى المادة الغذائية، فالذين يعملون في تحضير الأغذية أو بيعها أو تقديمها للمستهلك ينبغي عليهم العناية والنظافة الشخصية، ومنعهم من العمل في حالة مرضهم بمرض معد، وينبغي الحفاظ على المادة الغذائية في جهاز التبريد.
3/ التسمم المباشر ببكتيريا حية، فسبب المرض هنا ليس المادة التي تنتج عن البكتيريا بل البكتيريا في حد ذاتها، ومن أكثر هذه البكتيريا انتشارا تلك التي يطلق عليها اسم "صالمونيلا"، ومن أهم الأمراض التي تحدث عن هذه البكتيريا مرض التيفويد، ويطلق على المرض أيضا مرض "وسخ اليدين"، عند وصول هذه البكتيريا إلى الإنسان، وبعد مرور 8 أيام إلى 14 يوما، يبدأ المرض بصفة تدريجية، يبدأ بنقص في شهية الطعام وآلام في الرأس والعضلات وارتفاع في درجة الحرارة، إلى أن تصل الحالة إلى انهيار عام و نقص في الحيوية الذهنية.. ولتفادي وصول هذه البكتيريا إلى المادة الغذائية ينبغي عزل المريض وتطهير فضلاته حتى لا تصل إلى المحيط كما ينبغي إيصال شبكة المياه الصالحة للشرب إلى جميع السكان ومحاربة تسربات مياه الواد الحار ومحاربة استعمالها لسقي المزروعات، كما ينبغي التحقق من سلامة العاملين في المواد الغذائية سواء عند تهيئتها في الطعام أو عرضها بالمتاجر ..
س. – وماذا عن المواد الكيماوية التي تلوث المأكولات؟
ج. – الاستعمال المفرط وسوء استعمال المواد الكيماوية في الفلاحة يمكن أن تنتج عنه نسب عالية من بقايا هذه المواد في الخضر والفواكه، ولابد من التطرق هنا إلى الأخطاء الصحية الناتجة عن استعمال الطاجين المصنوع من الطين أو الخزف، وغالبا ما يستعمل الرصاص كمادة للطلاء، وعند استعمال هذا الطاجين للطبخ أو للأكل يتحلل الرصاص في المادة الغذائية، لذا فان السلطات العمومية مدعوة لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية صحة المواطنين بمنع استخدام الرصاص في صناعة الخزف.. ان صناعة الطاجين يكلف 5،3 درهم اذا استعمل الرصاص للطلاء، وهذا يشجع العاملين في هذا الميدان لاستعمال الرصاص في صناعة الخزف..

س. – وماذا عن التسممات الغذائية عندنا في المغرب؟
ج. – كل سنة تردنا أخبار عن حدوث تسممات غذائية وهذا بين مجموعات بشرية، وقد نما في السنوات الأخيرة اهتمام المستهلكين بالجودة الصحية للمواد الغذائية، ونما هذا الاهتمام على الصعيد العالمي، وتعتمد مفاهيم علمية لتحديد جودة المادة الغذائية.
وهناك مشاكل كثيرة لها علاقة مباشرة مع المواد الغذائية، ومنها تلوث المادة الغذائية بالمكروبات نتيجة نقص في عنصر النظافة والاستعمال المفرط أو سوء استعمال الأدوية الفلاحية.
س. دكتور لنتحدث الآن عن الأكلات الخفيفة أو ما يسمى ب "الساندويتشات" في فصل الصيف؟
ج. – في فصل الصيف تكثر التسممات الغذائية التي تصيب مجموعات بشرية في مطاعم عمومية أو في مدارس أو مخيمات صيفية أو أندية.. وتعود إلى تناول خضر أو فواكه أو أكلات خفيفة مجهزة في ظروف تنقصها النظافة وغالبا ما يكون المتضررون تلاميذ مدارس أو مسافرين أو سياح، ويحدث أيضا في مطاعم مرخصة.. إن تعثر المسئولين في هذا الشأن يحدث فراغا يؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية والبيئية، وهذا الفراغ يؤدي إلى عدم مبالاة أصحاب محلات المواد الغذائية..

س. بصفة عامة، ماذا يمكنكم القول عن هذه الظاهرة الصحية و كيف يجب تفاديها؟
ج. – التسمم الغذائي هو التعرض لطعام ملوث أثناء الأكل بسبب فيروسات أو طفيليات، وعلامة التسمم الغذائي التي نعرفها يمكن أن تظهر بعد ساعة أو يوم أو يومين، ومن علاماتها بعض الأعراض البسيطة وكذلك أعراض خطيرة، أما الأعراض البسيطة فهي معروفة منها التقيؤ والمغص، حمى، آلام في البطن، قشعريرة، آلام عضلية، وكلها أعراض بسيطة، علاجها بسيط ويمكن أن تزول أحيانا تلقائيا وبدون أخذ دواء، أما المشكل فيكمن في الأعراض الخطيرة، والتي تكون عند صنفين من المرضى وهما كبار السن والأطفال، أو المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، كنقص في المناعة ومرضى السرطان والعلامات تكون خطيرة، تقيؤ مستمر وإسهال حاد وفيه دم وتقيؤ فيه دم كذلك، وحرارة مرتفعة.. وهنا لا بد من استشارة الطبيب والذي يصف العلاج عن طريق السيروم غالبا لأنها حالة خطيرة وجرثومية حيث تعطى للمصاب مضادات حيوية، الإضافة إلى أدوية مضادة للحرارة والتقيؤ.. ويمكن تحديد أسباب هذه التسممات في النظافة بالدرجة الأولى، وعدم طبخ الطعام بطرق صحيحة، كاللحم والدجاج، وعدم تخزين الأطعمة بالة التبريد، نظافة الأشخاص المشتغلين بالمطاعم، المعلبات المنتهية الصلاحية تصبح ملوثة وتسبب التسمم الغذائي، والتسممات الغذائية الفيروسية المعروفة هناك التهاب الكبد الفيروسي أ، والذي يكون عن طريق الأكل، وأعراضه تختلف حيث يكون مغص في البطن واصفرار وعلاجه يكون أحيانا بسيطا، إلا أن هناك حالات يعرفها الطبيب وتستدعي فحوصات دقيقة وذلك بداخل المستشفى أو العيادة.. وهنا ننصح بالإكثار من السوائل، وأثناء الحالات الخطيرة فالعلاج يكون بالمستشفى: تشنجات عضلية أسباب جرثومية ليستيريا والكومبيلوباكتير وغيرها.. كما ننصح بالنظافة والابتعاد عن الأكلات السريعة، واختيار طعام جيد، ثم الطبخ الجيد للحوم والدجاج، حيث نرى أخطاء كثيرة في هذا الإطار.. والوقاية أحسن من العلاج، والوقاية تتم عن طريق النظافة نظافة اليدين ونظافة الخضر والفواكه..

نصائح للوقاية من التسمم الغذائي للدكتور نور الدين بوحاجب طبيب اختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي:
للوقاية من أمراض التسمم الغذائي لا بد من توفر ثلاثة مبادئ أساسية وهي محاولة منع وصول الميكروب للغذاء، ومنع نموه، والقضاء عليه ويمكن تجنب ذلك بإتباع ما يلي:
عدم ترك الأغذية المطهية لمدة طويلة في درجة حرارة الغرفة حتى نمنع نمو الميكروبات وتكاثرها.
تبريد الغذاء بعد طهيه عند درجة أقل من 7ْم وذلك بحفظه في الثلاجة ، أما إذا كان الطعام سوف يؤكل بعد فترة قصيرة فيجب أن يترك ساخناً عند درجة أعلى من الدرجة القصوى التي تنمو عندها الميكروبات (60ْم) ويمكن تبريد اللحوم والدواجن سريعاً في الثلاجة بتقطيعها إلى قطع وأجزاء صغيرة أما بالنسبة للأغذية الأخرى مثل الأرز فيجب حفظها في الثلاجة في أواني لا يزيد عمقها عن 10سم حتى تصل البرودة إلى جميع أجزاء الطعام.
غسيل اللحوم والدواجن جيداً أثناء عملية التجهيز مما يساعد على خفض عدد الميكروبات التي تسبب المرض، حيث أن لحوم الحيوانات أو الأغذية الميتة هي المصادر الأولية لتلوث أدوات المطبخ والأغذية المطهية ولنفس السبب يجب غسيل الخضروات جيداً.
يجب الاهتمام بنظافة وتطهير أجهزة وأدوات المطبخ بعد نهاية كل يوم عمل بالمطبخ وكذلك بعد استخدامها في تجهيز الأغذية النيئة (مثل اللحوم والدواجن)، حيث أن ذلك يقلل فرص التلوث من المواد الأولية والأغذية النيئة إلى الأغذية المطهية.
الطهي الجيد للأغذية بحيث تتخلل الحرارة جميع أجزاء الطعام حيث أن ذلك يساعد على قتل الميكروبات. والحصول على الأغذية من مصادر سليمة منعاً لنشر التلوث، مع أبعاد العاملين المصابين بجروح وبثور وإسهال عن العمل.
التوعية العامة للعاملين في مجال تداول الأغذية وربات البيوت عن كيفية طهي وحفظ الطعام بصورة سليمة.
الحرص على شراء طعام من الأماكن الموثوقة والنظيفة ذات السمعة الجيدة.
تناول الوجبة الغذائية في الحال أو في غضون لا تتجاوز ساعتين لئلا تتاح الفرص لتكاثر البكتريا في الطعام.
غسل الأيدي بالماء و الصابون جيداً قبل إعداد الطعام وقبل تناوله وبعد دخول الحمام وبعد العطس والسعال وعند ملامسة الأسطح الملوثة وتعزيز هذا السلوك لدى الأطفال.
طهي الطعام جيد وبالذات اللحوم.
غسل الفاكهة والخضروات قبل الأكل وقبل تخزينها بالثلاجة.
تفضيل الأغذية أو الخضروات النيئة عن المطبوخة تستهلك طازجة كالسلطات عند وضعها بالثلاجات.
استخدام لوح خاص عند تقطيع اللحوم ولوح خاص لتقطيع الخضار فلا يصح استخدام لوح لتقطيع كل من اللحوم والخضار.
إتباع الطرق السليمة والصحيحة عند إعداد وتجهيز الأطعمة.
الحرص على حفظ الأطعمة حسب مجموعتها في حيز خاص بها.
استخدام الطرق الصحيحة لإذابة الدجاج من الثلج لا يسمح بتكاثر البكتريا.
توعية أفرد المجتمع بكيفية أخذ الحيطة والحذر من التسمم بالطعام وذلك من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة.