العلم الإلكترونية - باكو
تواصل كل من المملكة المغربية وجمهورية أذربيجان نحو تعزيز شراكتهما الاستراتيجية على أسس من التعاون الثابت والقيم المشتركة. وخلال زيارة لوفد من الصحافيين المغاربة إلى العاصمة باكو، أكد حكمت حاجييف، مستشار الرئيس الأذري ورئيس قسم الشؤون الخارجية في الإدارة الرئاسية، أن دعم بلاده للوحدة الترابية للمغرب ولمغربية الصحراء موقف راسخ غير قابل للتأويل، مشدداً على أن الأمر بالنسبة لأذربيجان "مسألة مبدأ".
وأشار حاجييف إلى أن العلاقات بين البلدين تتسم بالاحترام المتبادل والتقارب في الرؤية والمرجعيات الثقافية والتاريخية، واصفاً المغرب بـ"البلد الشقيق" ومشيداً بمتانة الروابط الثنائية التي تشمل مختلف القطاعات، رغم البعد الجغرافي الذي يفصل بين الدولتين. واستحضر في هذا السياق اللقاء التاريخي الذي جمع الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الأسبق حيدر علييف خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي بالدار البيضاء، معتبراً إياه بداية لمسار علاقات متينة بين باكو والعالم العربي والإسلامي انطلاقاً من بوابة الرباط.
ورداً على سؤال مباشر حول موقف أذربيجان من قضية الصحراء المغربية، جدد حاجييف موقف بلاده الثابت، موضحاً أن تجربة أذربيجان في استرجاع أراضيها المحتلة من طرف أرمينيا بعد عقود من الصبر والاحتكام إلى الشرعية الدولية تجعلها تدرك تماماً معنى السيادة المسلوبة. وقال بهذا الخصوص: "احتُلت 20% من أراضينا، بما فيها قره باغ، وظللنا نثق في القانون الدولي ونلتزم بقرارات الأمم المتحدة، لكن في النهاية اضطررنا إلى استرجاع سيادتنا بأيدينا، ولذلك فإن موقفنا من الصحراء المغربية ليس مجاملة دبلوماسية، بل التزام مبدئي نابع من التجربة والمعاناة".
وفي جانب آخر من الزيارة، حرص الوفد المغربي على زيارة المتحف الوطني للأدب في باكو، حيث اطلع على معرض خاص بالصحافة الأذرية يعكس الإرث الثقافي والفكري للبلاد. غير أن حاجييف شدد على أن التقارب الثقافي يتجاوز هذه المبادرات الرمزية، مستشهداً بزيارة سابقة لأحد أفراد الأسرة الملكية المغربية الذي أُعجب بتشابه الزخارف التقليدية المغربية والأذرية، ما يدل – حسبه – على تلاقح ثقافي غير معلن امتد عبر قرون.
وأضاف أن أذربيجان تولي أهمية خاصة لدور المغرب داخل العالم الإسلامي، مستشهداً باحتضان الرباط لمنظمة الإيسيسكو، ومعتبراً المملكة أحد المراكز الثقافية الأساسية في الفضاء الإسلامي. وكشف في السياق ذاته عن نية بلاده تعزيز التعاون الثقافي مع المغرب في مجالات التراث واللغة والفنون، ورفع مستوى التبادل والتعارف بين الشعبين، خاصة وأن المطبخ المغربي واللباس التقليدي والعادات المغربية صارت مألوفة لدى كثير من الأذريين.
وأكد حاجييف على القيم المشتركة بين المغرب وأذربيجان في مجال التعايش والتسامح الديني، مبرزاً أن كلا البلدين يشكلان نموذجاً يحتذى به في التعددية الدينية، حيث يتعايش المسلمون والمسيحيون واليهود في سلام وانسجام. واعتبر أن هذه الخصوصية تمنحهما شرعية الحديث عن حوار الحضارات والتصدي لتزايد الانقسامات داخل العالم الإسلامي.
ورغم اعترافه بقوة العلاقات السياسية بين الرباط وباكو، أشار حاجييف إلى أن التعاون الاقتصادي لا يزال دون الطموحات، داعياً إلى تطوير المبادلات التجارية وجذب الاستثمارات، خاصة في قطاعي السياحة والطاقة. وأوضح أن المغرب بات يحظى باهتمام متزايد في أوساط الأذريين، لكنه يرى أن التعارف بين الشعبين لا يزال محدوداً، وهو ما يجعل من الزيارات الإعلامية والتواصل الثقافي وسائل ضرورية لردم الفجوة المعرفية وتعزيز الشراكة المستقبلية.
وفي ختام تصريحاته، أكد المسؤول الأذري أن بلاده – رغم التوترات الإقليمية والدولية – تظل منطقة استقرار بفضل حكمة قيادتها، وأنها لن تتنازل عن التزامها الثابت بالدفاع عن سيادة الدول ووحدة أراضيها، وفي مقدمتها المغرب، الذي تعتبره شريكاً استراتيجياً له مكانة خاصة في السياسات الخارجية الأذرية، ودعماً لا مشروطاً لقضيته الوطنية العادلة.