2020 دجنبر 9 - تم تعديله في [التاريخ]

أسس ومكونات الدمج بين الافتراضي والحضوري في الفصول الدراسية

أولا – مقدمة: التعريف بالنموذج:

هذا النموذج التربوي (نموذج تناوبي مندمج) والذي سنستعرضه بشكل أكثر تفصيلا وشمولا في كتابنا :"هندسة التكوين الأساسي للمدرسين وتمهين التعليم"، يقوم على أساس بسيط وهو المزج و الدمج بين التعليم الافتراضي عن بعد والتعليم التقليدي الحضوري، بشكل تناوبي (50 في المائة) وفي صيغتين (وربما أكثر) وحسب امكانيات كل مؤسسة من حيث البنيات وقدرتها الاستيعابية والتجهيزات والتنظيمات وخصوصية المنطقة التي تتواجد فيها، كالتالي:


أفق بناء النموذج التناوبي المندمج

رؤية: الخبير التربوي *محمد الدريج
 

–الصيغة الأولى: تتمثل في أن يقسم البرنامج و استعمال الزمن إلى نصفين (50 في المائة) بحيث يمكن أن تتم العملية التعليمية على الشكل التالي : إذا حضر التلاميذ أو الطلاب الى المدرسة أو مركز التكوين في الصباح مثلا ، فلا حاجة لهم للحضور في الزوال او العكس،وإذا استفادوا من الدروس الحضورية التقليدية في الصباح فإنهم يستفيدون من الدروس الافتراضية في الزوال، وقد تطبق في هذه الحالة مثلا تقنية الفصل المعكوس.

–الصيغة الثانية : إذا حضر نصف تلاميذ/طلاب إلى المدرسة أو مؤسسة التكوين للتحصيل ، يبقى النصف الآخر في المنزل أو في المكتبة …أو في أي مكان آخر يمكنهم من التحصيل افتراضيا وعن بعد ؛ ويتناوبون على ذلك . ومن هنا أهمية استغلال الفصول بشكل مضاعف فنقضي على الاكتظاظ في الحواضر و الاقسام المشتركة في البوادي، ونغطي النقص في المخابر والزيارات الميدانية (وخاصة عند اللجوء لتقنية "الواقع المعزز" Augmented Reality سواء في الدروس الافتراضية أو الدروس الحضورية) والنقص في المدرسين و الاساتذة المحاضرين والمؤطرين … فضلا عن كون المتعلمين سواء التلاميذ/الطلاب أو المتدربين الذين يتهيؤون لمهنة التدريس، ليسوا ملزمين بالانتقال إلى المدرسة أو المركز مرتين في اليوم وطيلة أيام الاسبوع، كما يمكننا هذا التنظيم التناوبي المندمج من تدبير المنهاج والمجزوءات ، باستخدام استراتيجية الفصل المعكوس.

وفي جميع الأحوال تترك للأكاديميات الجهوية وللمديريات الاقليمية والمدارس و المراكز التابعة لها ، حرية اختيار الصيغة التي تراها مناسبة لخصوصية المنطقة والسياق الذي تعمل فيه ونوعية التلاميذ /الطلاب و الامكانيات المادية والبشرية المتوفرة ، ويترك لها قدر من الاستقلال والمبادرة في التعامل مع المنهاج واستعمالات الزمن وتنظيم الحياة المدرسية بشكل مندمج.

ثانيا : مكونات النموذج وأسسه:

-1الفصول الافتراضية :

-2بيداغوجيا الفصل المعكوس

-3تقنيات الواقع المعزز.

-4الأسس القيمية /الاخلاقية.

بالنسبة للفصول الافتراضية أو الإلكترونية، هي عبارة عن بيئة للتعليم المتزامن أو غير المتزامن ، و تماما كما في الفصل العادي، يمكن للتلميذ في الفصول الافتراضية المشاركة في التعلمات والتفاعل المباشر سواء مع المدرسين أو مع زملائه و هذا يعني أن التلاميذ و المدرسين يلجون إلى بيئة الفصل الافتراضي ويتواجدون معا ، باستعمال الحواسيب الشخصية و الأجهزة الذكية.. كما يمكن الولوج إليها أيضا عبر بوابة أو استنادا إلى برامج تتطلب التحميل و التثبيت . وتمكن هذه الفصول المدرس من تنظيم الوضعيات وإنجاز الدروس في واقع افتراضي يختاره ليتناسب مع الدرس المراد إنجازه، كما يقوم بالاتصال شبه المباشر مع تلاميذه و ارسال البيانات اليهم وتقبله مشاركاتهم ويتمكن من جعلهم يتعايشون مع الدرس دون التقيد بزمان او مكان معين.

أما مصطلح "الفصل المعكوس " فقد اكتسب انتشارا واسعا في العديد من الأنظمة ، مما جعلها تحدث تغييرا في "تنظيم الدراسة"، والانتقال إلى نموذج تعليمي عملي فعال، وأكثر اهتماما بالمتعلم. ويجعل هذا الفصل التلاميذ يهيئون ويراجعون دروسهم في بيوتهم حتى تكون الأنشطة التعليمية ـ التعلمية في فصول المدرسة واضحة وملموسة بالنسبة إليهم. وخلال وجودهم في الفصل ” للتعلم” لن يقوموا سوى بإنجاز تمارين تطبيقية والاكتشافات المتعلقة بالموضوع ، أي العمل على تعميق الفهم. ولم يعد المدرس هو الذي يحضر المعلومات، ولكنه يقوم بمساعدة التلميذ على استيعاب المفاهيم الأساسية. وسيتاح للمدرس وقت أكبر، لمتابعة حالات كل تلميذ حسب خصوصياته. فالمدرس إذن يقوم بدور المرافق والمرشد. كما يرمي هذا النموذج إلى استخدام التقنيات الحديثة و شبكة الإنترنت بطريقة تسمح للمعلم بتوظيف مقاطع فيديو أو صور وملفات صوتية وكتب الكترونية أو غيرها من الوسائط ، ليطلع عليها التلاميذ في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم ولوحاتهم الذكية قبل حضور الدرس. في حين يُخصص وقت الدرس الحضوري للتطبيقات و للمناقشات والمشاريع والتدريبات (ويمكن هنا الاستعانة بتقنيات الواقع المعزز Augmented Reality. .

ثالثا – مزايا النموذج التناوبي ( 50 في المائة).

 


من مزايا النموذج التناوبي والذي يتأسس على الدمج بين الفصول الافتراضية والفصول الحضورية، مميزات عديدة نذكر منها:

1- – سهولة الاستخدام ، لا يحتاج هذا النموذج الذي يعتمد على إدارة الفصول الافتراضية وإدماجها في منظومة متكاملة مع الفصول الحضورية ، مهارات تقنية عالية ، كما أن تطبيقه بشكل جيد، يحدث انخفاضا كبيرا في تكلفة التعليم ، حيث تخفض مقاعد الدراسة إلى النصف كما توفر على الاسر تنقل أبنائها اليومي إلى المدارس…ثم إن استعمال تقنيات "الواقع المعزز" يوفر الكثير من المواد والمختبرات ويوفر تكاليف الزيارات و الخرجات للمتاحف وللمحميات الطبيعية ومؤسسات الانتاج وغيرها.

2- – كما أن الحصص الإفتراضية توفر الوقت من حيث أن التعليم يتم في أي وقت ،حيث صار بإمكان التلميذ أن يتعلم في أي وقت ، الأمر الذي يمكن من تغطية عدد كبير من التلاميذ في مناطق جغرافية مختلفة وفي أوقات مختلفة ، “الحضور عن بعد“.

3- – تشجيع التلاميذ على المشاركة دون خوف أو قلق مع احترام نوع ذكائهم و وتيرتهم في التعلم .ومن هنا يكون بإمكان المدرس أن يطبق تفريد التعليم وما يعرف بالبيداغوجيا الفارقة (احترام الفروق الفردية)،ويكون ذلك ممكنا عندما يتآلف العمل بفضل اندماج الافتراضي بالحضوري.

–– 4 كما أن توزيع التلاميذ بالتناوب على نوعين من التدريس يساهم في القضاء على الدروس الخصوصية خاصة بما تقدمه الفصول الافتراضية من دعم ومواكبة وتقويم تكويني مباشر.

5--إمكانية تسجيل الدروس لإعادة مشاهدتها . ويمكن أن تعاد إن اقتضى الحال أثناء الحصص الحضورية في الاقسام.

6-– توليد القدرة علي البحث لدى الطلاب والتعلم الذاتي وفي نفس الأن العمل في مجموعات لإنجاز مشاريع القسم.

7--تتحول هذه الفصول التي تتأرجح بين الحضور والافتراض، إلي وسيلة جذب وتحفيز وتشويق ويقبل عليها الطلاب خاصة أنه أصبح لديهم شغف وحب للكمبيوتر والإنترنت منذ سن صغيرة.

8- – كما يسهل النموذج التناوبي ( 50 في المائة) إجراءات التقويم حيث يمكن أن يتم بشكل مباشر من قبل المعلمين أو عن بعد في الفصول الافتراضية. بالإضافة إلى أنشطة التقويم الذاتي التي يقوم بها التلميذ بشكل مستقل والتي تسمح له وللمعلمين بالحصول على مؤشرات عن صعوبات التعلم…

9- – كما أن محتويات المنهاج في النموذج التناوبي ، يمكن أن يقدم عليها كل من المعلم و التلاميذ ، أمثلة مندمجة تستجيب أكثر لبيئة المدرسة وللخصوصيات المحلية ؟

10--عملية الدمج بين النظامين ، تخلق نوعا من الشراكة بحيث يوفر أحد النظامين ما ينقص لدى النظام الاخر ، فمثلا يوفر التعليم الحضوري قدرا من التفاعل الحي في العلاقات الانسانية داخل الفصول والاحتكاك المباشر والشحنات العاطفية ، الامور التي تضعف في الفصول الافتراضية أو تنعدم.

 




في نفس الركن