2024 فبراير 18 - تم تعديله في [التاريخ]

أين العربية..؟!


العلم - بقلم عبد الناصر الكواي

لا غَرْوَ أن امتلاك ناصية عدة لغات ميزة وتميز في العملية التواصلية. وقد ورد في الأثر أنّ "مَن تعلم لغة قوم أمن مكرهم"، كما أن التحكم العقلي في لغتين أو أكثر يعزز الدماغ معرفيا، وتشتد الحاجة إلى اللغات "الحية"، مثل الإنجليزية التي يتم بها نشر 75% من المقالات في العلوم الاجتماعية والإنسانية وأكثر من 90% في العلوم الحقة، وفق موقع "researchgate.net".
 
لكنّ ما يثير الاستغراب، هو أنْ تجد مواقعَ مؤسسات حكومية على الأنترنت في بلد لغته الرسمية هي العربية إلى جانب الأمازيغية مثل المغرب، تحتكرها اللغتان الفرنسية والإنجليزية ولا وجود فيها للغة العربية البتة. صدقاً، أستغرب هذا الاستلاب اللغوي والثقافي غير المستساغ!  وأتساءل أين العربية ولماذا هذا الإقصاء الممنهج وبشكل فج؟
 
صحيحٌ أن العربية فقدت جاذبيتها بوصفها لغة علمية منذ أمد بعيد، كما حدث أخيرا مع لغات عالمية أخرى -وإن بحدة أقل- مثل الفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية واليابانية.. لصالح الإنجليزية. بيد أن ذلك أو غيره، لا يعطي أحدا الحقَ إطلاقا في إعدام العربية من مؤسسات تمول من جيوب دافعي الضرائب الذين لا يحسن كثير منهم سواها لغةً. ذلك أن فهم اللغة، وسيلة لفهم العلاقات الاجتماعية والثقافية.
 
لا ينبغي أن نعنى كثيرا بسؤال ما إذا كانت الهيمنة الفعلية للغة الإنجليزية ستؤدي إلى خلق احتكار كامل على المستوى الدولي، بقدر ما يجب أن يهمنا احترام لغة المغاربة الأم في وطنهم خلال العملية التواصلية لدى المؤسسات العمومية تطبيقا لمضامين دستور البلاد، مع الأخذ طبعا بنهج متعدد اللغات في الإنتاج العلمي والتواصل.
 
لقناعةٍ عَقَدِيّة، يؤمن المسلمون أن العربية بوصفها لغة القرآن الكريم باقيةٌ لا خوفَ عليها من الزوال. لكن الحكمة تقتضي اتخاذ الأسباب، حتى لا نصبح أمام لغةٍ تراثية أو يحيق بها ما لحق باللغات البائدة أو الميتة أو المندثرة، ذلك أن حوالي 7 آلاف لغة محكية عبر العالم معرضة لخطر الانقراض، وتشير تقديرات إلى أن قرابة 90٪ من اللغات المستخدمة حاليًا سوف تنقرض بحلول عام 2050.
 
بإيجاز وبكل الود، أدعو القائمين على عدد من المؤسسات الحكومية في هذا البلد الأمين، إلى التراجع عن إقصاء اللغة الرسمية للبلاد سواء أكانت العربية أم الأمازيغية، واحترام مشاعر المواطنين بهذا الشأن، ومَن أراد التقدم فليسعَ له سعيَه، ولنا في الصين آية إذ تجاوزت أمريكا في ما يُنشر في المجالات كافة وبلغة القوم.



في نفس الركن