العلم الإلكترونية - محمد الحبيب هويدي
أحبطت وحدات الدرك الملكي البحري بميناء العيون، فجر الأحد 23 نونبر 2025، محاولة للاستيلاء على مركب صيد السردين “إسماعيل–4” الذي كان يُخطَّط لاستغلاله في عملية للهجرة غير النظامية.
وعلم موقع صوت الصحراء من مصادر ميدانية أن التدخل جرى تحت إشراف قائد السرية البحرية، وأسفر عن توقيف حارس المركب الذي يُشتبه في كونه الرأس المدبّر للعملية، وهو شخص معروف بسوابق متعددة في محاولات مماثلة انطلقت من الميناء نفسه.
وتمكنت عناصر الدرك من تفكيك شبكة مكوّنة من ستة أشخاص، بعد مداهمة أماكن إقامتهم ببلدية المرسى، حيث ضُبطت بحوزتهم أسلحة بيضاء كبيرة الحجم ومعدات يُعتقد أنها كانت مخصّصة لعملية السطو على المركب والسيطرة عليه. وتم وضع جميع الموقوفين رهن تدابير الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة لاستكمال التحقيق وكشف باقي المتورطين في العملية.
وتأتي هذه الواقعة وسط تصاعد القلق داخل قطاع الصيد البحري بسبب تزايد محاولات الاستيلاء على المراكب، المعروفة لدى المهنيين بـ “قرصنة مراكب الصيد”، وهي ظاهرة أصبحت تشكل هاجساً حقيقياً للمجهزين والبحارة. وقد استأثرت هذه القضية بحيز واسع من النقاش خلال اجتماع الدورة العادية لغرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى بأكادير، حيث شدد المتدخلون على أن هذه الجرائم تهدد أمن الأسطول الوطني وتضرب الاستثمار في أحد أهم القطاعات الحيوية بالمغرب.
وأكد المهنيون أن مواجهة الظاهرة تستوجب رؤية شمولية تجمع بين تشديد الإجراءات القانونية، وتطوير التقنيات المستعملة في المراقبة، وتعزيز كفاءة العاملين داخل الموانئ، مع تقوية التنسيق بين جميع الجهات المعنية. كما دعوا إلى عدم تحريك أي مركب دون إذن صريح من السلطات المينائية، وإلى إلزام الحراس باحترام أعلى درجات الحيطة والمسؤولية.
وطالب المشاركون كذلك بتحيين القوانين المتعلقة بالقطاع لتستوعب الأساليب الجديدة التي باتت تستغل المراكب في الهجرة غير النظامية، إضافة إلى إدماج البعد الدبلوماسي عبر إبرام اتفاقيات مع الدول التي تستقبل المتورطين في هذا النوع من الجرائم، بما يضمن إعادتهم ومتابعتهم قضائياً. وأجمع المهنيون على أن سرقة المراكب ليست مجرد جنحة بسيطة، بل عمل يهدد الاقتصاد الوطني ويتطلب تعاوناً دولياً فعالاً للحد منه.
وفي سياق متصل، يعكف ملاك قوارب الصيد التقليدي بمدينة الداخلة حالياً على صياغة رسالة موجَّهة إلى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالعيون، يلتمسون فيها التدخل لدى الجهات المعنية والتنسيق مع وزارة الخارجية المغربية من أجل متابعة مسار التحقيق خارج الحدود، والعمل على إعادة الربان الذي تورط في استغلال أحد القوارب في الهجرة السرية، إلى جانب جميع الأشخاص الذين ساعدوه من قريب أو بعيد، حتى تتم محاكمتهم داخل المغرب طبقاً للقانون. ويأتي هذا التحرك باعتباره خطوة إضافية تعكس رغبة المهنيين في قطع الطريق أمام شبكات تهريب البشر التي باتت تستغل القوارب التقليدية في أنشطة مخالفة للقانون.
كما تم التأكيد خلال النقاشات المهنية في أكادير على أهمية العلاقة بين المجهزين والحراس، حيث يُسهم الاهتمام بالأطر المكلفة بحماية المراكب في تقليل احتمالات التواطؤ أو الإهمال. واقترح الحاضرون عدة إجراءات وقائية، من بينها ترشيد توزيع المحروقات داخل الموانئ، وإلزام المراكب بأجهزة التتبع والإنذار مثل GPS و AIS، والتي أثبتت فعاليتها في رصد أي تحركات غير عادية، مع التأكيد على أن تكلفتها تبقى في متناول أغلب المجهزين.
وتواصل السلطات البحرية بالعيون تحقيقاتها المكثفة لفك خيوط هذه العملية والوقوف على كافة ارتباطاتها، في وقت يعوّل فيه المهنيون على أن تشكّل هذه القضية نقطة تحول نحو مقاربة أكثر حزماً لحماية الأسطول الوطني وضمان أمن قطاع الصيد البحري.