2021 أكتوبر 11 - تم تعديله في [التاريخ]

ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬يلقي‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬المغرب

الدعوة‭ ‬إلى تفعيل‭ ‬إجراءات‭ ‬استباقية‭ ‬لتجنيب‭ ‬البلاد‭ ‬أزمة‭ ‬طارئة‭ ‬


العلم الإلكترونية - عزيز اجهبلي 

يعيش‭ ‬العالم‭ ‬حاليا‭ ‬أزمة‭ ‬طارئة،‭ ‬تجلياتها‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الارتفاع‭ ‬المهول‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬بالسوق‭ ‬العالمية،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يعرقل‭ ‬عملية‭ ‬التزود‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬مادة‭ ‬الغاز،‭ ‬مما‭ ‬خلق‭ ‬حالة‭ ‬تخوف‭ ‬وقلق،‭ ‬دفعت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬لمواجهة‭ ‬ظروف‭ ‬الأزمة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصين‭ ‬التي‭ ‬استعدت‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخزين‭ ‬أكبر‭ ‬كمية‭ ‬ممكنة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭.‬
 
لجوء‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات،‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬نكوص‭ ‬وتراجع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬كميات‭ ‬الغاز‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬وضاق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الصغرى‭ ‬وقلص‭ ‬من‭ ‬استفادتها‭ ‬المعتادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الضرورية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬العملاقة‭ ‬وفي‭ ‬غالبيتها‭ ‬أمريكية‭ ‬وأوروبية‭ ‬تستغل‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬لكسب‭ ‬أرباح‭ ‬طائلة‭.‬
 
المغرب،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات،‭ ‬باعتباره‭ ‬غير‭ ‬منتج‭ ‬للغاز،‭ ‬يستورد‭ ‬حاجياته‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المادة،‭ ‬باستثناء‭ ‬كمية‭ ‬قليلة‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬مقابل‭ ‬مرور‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬المغاربي،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬غاز‭ ‬البوطان‭ ‬مثلا‭ ‬مازال‭ ‬مدرجا‭ ‬ضمن‭ ‬لائحة‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬دعمها‭ ‬طبقا‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬نشرة‭ ‬إخبارية‭ ‬لصندوق‭ ‬المقاصة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬غاز‭ ‬البوتان‭ ‬بلغ‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬8‭,‬6‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬مقابل‭ ‬9‭,‬5‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬سنة‭ ‬2019‭.‬
 
الرأي‭ ‬العام‭ ‬الوطني‭ ‬والمهني‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬مخاوفه‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬قادم،‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬المعطيات‭ ‬إلى‭ ‬احتمالين‭. ‬الأول‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬الغاز،‭ ‬التي‭ ‬ستنعكس‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬على‭ ‬المقاصة،‭ ‬والزيادة‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬هذه‭ ‬التكلفة‭ ‬ينعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭. ‬أما‭ ‬الاحتمال‭ ‬الثاني‭ ‬مرتبط‭ ‬بتحرير‭ ‬السوق‭ ‬الذي‭ ‬ستتحمل‭ ‬انعكاساته‭ ‬السلبية‭ ‬جيوب‭ ‬المواطنين،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمغاربة‭. ‬وهكذا‭ ‬تكون‭ ‬الحكومة‭ ‬مطالبة‭ ‬بالقيام‭ ‬بخطوات‭ ‬استباقية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬المغرب‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬أزمة‭ ‬يستعصي‭ ‬حلها‭. ‬
 
المهنيون‭ ‬المغاربة‭ ‬ينتظرون‭ ‬بشغف‭ ‬إستراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقطاع‭ ‬المحروقات،‭ ‬باعتبارهم‭ ‬الفاعل‭ ‬الثاني‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفاعل‭ ‬الأول،‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬الموزعة‭. ‬
 
فيما‭ ‬يخص‭ ‬وضعية‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الاحتياطي‭ ‬أو‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬قال‭ ‬رضى‭ ‬الناظيفي‭ ‬الكاتب‭ ‬العام‭ ‬للجامعة‭ ‬الوطنية‭ ‬لأرباب‭ ‬وتجار‭ ‬ومسيري‭ ‬محطات‭ ‬الوقود،‭ ‬لجريدة‭ ‬‮«‬العلم‮»‬‭ ‬إن‭ ‬الوصاية‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬تعود‭ ‬للشركات‭ ‬الكبرى،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬المهنيين‭ ‬والمواطنين‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬واحد،‭ ‬وهم‭ ‬آخر‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬التوزيع،‭ ‬وأن‭ ‬الشركات‭ ‬الموزعة،‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬عقود‭ ‬وقوانين‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬المسؤولية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمخزون‭ ‬السلامة‭ ‬وبمراقبة‭ ‬هذا‭ ‬المخزون‭.‬‭ ‬
 
ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬فاتورة‭ ‬واردات‭ ‬الطاقة‭ ‬بنسبة‭ ‬30‭.‬6‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الثمانية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الجارية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬لتستقر‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬4‭.‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬حسب‭ ‬مكتب‭ ‬الصرف‭.‬
 
القضية‭ ‬ساخنة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بحيث‭ ‬فرض‭ ‬موضوع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬الإتحاد،‭ ‬لأن‭ ‬الغاز،‭ ‬حسب‭ ‬خبراء‭ ‬أوروبيين،‭ ‬ارتفع‭ ‬بنسبة‭ ‬130‭ ‬٪‭ ‬منذ‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬ما‭ ‬أقلق‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأوروبية‭ ‬بشأن‭ ‬العواقب‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والبيئية‭ ‬لهذه‭ ‬الزيادة‭. ‬وناقش‭ ‬وزراء‭ ‬مالية‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬4‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري‭ ‬في‭ ‬لوكسمبورغ‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬متعددة‭. ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأوروبيون‭ ‬مناقشة‭ ‬الموضوع‭ ‬روكسل‭ ‬يومي‭ ‬21‭ ‬و‭ ‬22‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري‭.‬
 
وزير‭ ‬المالية‭ ‬اليوناني‭ ‬كريستوس‭ ‬ستايكوراس،‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬إن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬يهدد‭ ‬الانتعاش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ويهدد‭ ‬التحول‭ ‬المناخي‭.‬
 
فيما‭ ‬ذهب‭ ‬ملاحظون‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬قد‭ ‬يتحول‭ ‬مشكل‭ ‬الغاز‭ ‬والطاقة‭ ‬إلى‭ ‬أسوا‭ ‬كابوس‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬ويعود‭ ‬أصحاب‭ ‬السترات‭ ‬الصفراء‭ ‬إلى‭ ‬التظاهر‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬القارة‭ ‬العجوز،‭ ‬وإعادة‭ ‬الانقسام‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬
 
كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفسد‭ ‬علاقات‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬ترفض‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬الروسية‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬،‭ ‬إمداد‭ ‬أوروبا‭ ‬بالغاز‭ ‬بينما‭ ‬ينتظر‭ ‬البعض،‭ ‬موافقة‭ ‬ألمانيا‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬حيز‭ ‬الخدمة،‭ ‬و‭ ‬يحرص‭ ‬السبعة‭ ‬والعشرون‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬الكارثي‭.‬
 



في نفس الركن