أمين سامي خبير في التخطيط الاستراتيجي وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات
العلم – بقلم أمين سامي
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية واعدة، بل تحول إلى "محرك نسقي" يعيد تشكيل البنى الاقتصادية والاجتماعية من جذورها. وبالتالي فنحن إزاء تحول جذري يتجاوز مفهوم "الابتكار" التقني البسيط إلى مفهوم"انفجار اقتصادي" يهدد بزعزعة الأنظمة الاقتصادية القائمة حاليا وخلق أنظمة موازية. وبالتالي فهذا التحول لا يجب أن يُقرأ فقط من خلال الأرقام الصارخة، بل من خلال تفكيك التفاعلات بين الأنظمة التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والعمل على رصد الإشارات الخفية التي تنبئ بمستقبل لم تعد فيه قواعد اللعبة القديمة سارية المفعول، وبالتالي فنحن أمام شروط لعبة جديدة بملعب جديد ولاعبين جدد وقوانين جديدة.
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية واعدة، بل تحول إلى "محرك نسقي" يعيد تشكيل البنى الاقتصادية والاجتماعية من جذورها. وبالتالي فنحن إزاء تحول جذري يتجاوز مفهوم "الابتكار" التقني البسيط إلى مفهوم"انفجار اقتصادي" يهدد بزعزعة الأنظمة الاقتصادية القائمة حاليا وخلق أنظمة موازية. وبالتالي فهذا التحول لا يجب أن يُقرأ فقط من خلال الأرقام الصارخة، بل من خلال تفكيك التفاعلات بين الأنظمة التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والعمل على رصد الإشارات الخفية التي تنبئ بمستقبل لم تعد فيه قواعد اللعبة القديمة سارية المفعول، وبالتالي فنحن أمام شروط لعبة جديدة بملعب جديد ولاعبين جدد وقوانين جديدة.
١. تشريح الجسد الاقتصادي للذكاء الاصطناعي:
تشير توقعات "PricewaterhouseCoopers (PwC)" إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم بما يصل إلى 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030. وبالتالي فهذه الأرقام الضخمة ليست من فراغ، فهي تنبع من:
١· زيادة الإنتاجية، فمن خلال أوتوماتيكية المهام المتكررة والمعقدة قد ترفع الإنتاجية العالمية بنسبة تصل إلى 40%.
٢· تخصيص فائق، فتحليل البيانات الضخمة يسمح بتقديم منتجات وخدمات مخصصة بشكل لم يسبق له مثيل، مما يعزز الاستهلاك والنمو.
٣· خلق أسواق جديدة، فاقتصاد المنصات القائم على الذكاء الاصطناعي، والمركبات ذاتية القيادة، والطب التشخيصي الدقيق، كلها أسواق بمليارات الدولارات.
وبالتالي ولفهم ماسبق لابد من قراءة ما وراء السطور، من خلال فهم وتشريح هذا الاقتصاد الخفي وتفاعلاته النسقية، وهنا يكمن جوهر التحليل، حيث ننظر إلى ما هو أبعد من الأرقام.
فتفكيك الأنظمة التقليدية، حيث أن الذكاء الاصطناعي لا "يضيف" كفاءة فحسب، بل "يحل محل" الأنظمة. حيث نظام النقل التقليدي يتفاعل مع نظام المركبات الذاتية، ونظام التعليم التقليدي يصطدم بمتطلبات سوق عمل قائمة على المهارات الرقمية. وبالتالي هذه التفاعلات تولد احتكاكًا اجتماعيًا وسياسيًا هو الثمن الخفي للانفجار الاقتصادي، وهكذا دواليب... وبالتالي فنحن أمام صعود "اقتصاد الاهتمام"، حيث أصبح الاهتمام البشري هو العملة الأكثر ندرة، والذكاء الاصطناعي هو الأكثر كفاءة في استقطابه وتسليعه عبر الخوارزميات، مما يخلق قوة سوقية هائلة لشركات التكنولوجيا. كما أن ظهور "الفجوة الخوارزمية". لن تكون الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة فقط، بل بين من يملكون البيانات والخوارزميات القادرة على تحليلها، ومن لا يملكونها. وبالتالي هذه فجوة وجودية قد تعيد رسم خريطة القوى العالمية.
كما نحن بصدد بداية تحول "رأس المال البشري". فالمهارات القائمة على الإبداع والتعاطف والتفكير النقدي (المهارات التي يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها) ستزداد قيمتها، بينما قد تتهاوى قيمة المهارات الوسيطة القابلة للأتمتة، مما يؤدي إلى تحول جذري في سوق العمل وسياسات التعليم.
٢. استشراف مشاهد من المستقبل الاقتصادي:
فبناءً على تحليل التفاعلات النسقية ورصد الإشارات، يمكن استشراف عدة مشاهد:
·المشهد الأول: احتكار المعرفة والقيمة، فمركزية البيانات والقدرة الحسابية، قد تؤدي إلى خلق "أوليغارشية ذكية" من عدد قليل من الشركات أو الدول التي تتحكم في التدفق الاقتصادي العالمي، مما يهدد بانهيار نماذج المنافسة الحرة.
· المشهد الثاني: اقتصاد التخصيص الشامل والطباعة رباعية الأبعاد، حيث سيتطور التصنيع إلى مستوى "الطباعة الرباعية الأبعاد" (المنتجات التي تتغير بمرور الوقت)، حيث ستكون مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما سيخلق اقتصادًا دائريًا فائق الكفاءة، لكنه قد يمحو صناعات كاملة.
·المشهد الثالث: صعود "رأسمالية المراقبة" وضرورة "الاقتصاد الأخلاقي"، حيث سيزداد الضغط لإنشاء أطر تنظيمية وأخلاقية عالمية. حيث قد نرى ظهور "ضريبة الروبوت"، أو "الدخل الأساسي الشامل" كمعالجات لتداعيات البطالة الهيكلية، وتحول مفهوم "العمل" نفسه من نشاط اقتصادي إلى نشاط اجتماعي وقيمي.
·المشهد الثالث: صعود "رأسمالية المراقبة" وضرورة "الاقتصاد الأخلاقي"، حيث سيزداد الضغط لإنشاء أطر تنظيمية وأخلاقية عالمية. حيث قد نرى ظهور "ضريبة الروبوت"، أو "الدخل الأساسي الشامل" كمعالجات لتداعيات البطالة الهيكلية، وتحول مفهوم "العمل" نفسه من نشاط اقتصادي إلى نشاط اجتماعي وقيمي.
وبالتالي فالانفجار الاقتصادي للذكاء الاصطناعي هو حتمية تقنية، لكن عواقبه الاجتماعية ليست محتومة. وبالتالي فإنه اختبار للإرادة الإنسانية وقدرتها على التكيف والحكم. وعليه فالنجاح لن يكون بحجم الاستثمار في الشركات الناشئة فحسب، بل بحجم الاستثمار في رأس المال البشري والفكري والمؤسسي القادر على استيعاب هذه الصدمة النسقية وتوجيهها. وبالتالي فالخطر الحقيقي ليس في تحول الآلات إلى بشر، بل في تحول البشر إلى آلات في نظام اقتصادي لا يقدر سوى الكفاءة والحساب. لذلك، فإن التحدي الأكبر الذي نطرحه هو: كيف نبني اقتصادًا ذكيًا لا يغتني تقنيًا على حساب إنسانيته؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد إذا كنا سنشهد "انفجارًا" للرفاهية أم "انفجارًا" للفجوات والاضطرابات، وهي مسؤولية تقع على عاتق الحكومات، والمؤسسات التعليمية، ورواد الأعمال، والمجتمع بأسره.
رئيسية 








الرئيسية


