Quantcast
2021 نونبر 9 - تم تعديله في [التاريخ]

التجاهل ...


العلم الإلكترونية - بقلم بدر بن علاش 

يحكى أن ثعبانا دخل ورشة نجار بعد أن غادرها في المساء، هذا الأخير كان من عادته أن يترك بعض أدواته فوق الطاولة،ومن ضمنها المنشار.
 
 وبينما كان الثعبان يتجول هنا وهناك،مر جسمه من فوق المنشار،مما أدى إلى جرحه جرحا بسيطا،ارتبك الثعبان،فقام يعض المنشار محاولا لدغه، الأمر الذي أدى إلى سيلان الدم من فمه. 
 
لم يكن الثعبان يدرك ما يحصل،و اعتقد أن المنشار يهاجمه، وحين رأى نفسه ميتا لا محالة،قرر أن يقوم بردة فعل أخيرة قوية ورادعة، فالتف بكامل جسمه حول المنشار محاولا خنقه...
 
 استيقظ النجار في الصباح، ورأى المنشار،وبجانبه الثعبان ميتا بعدما جزء المنشار جسده النحيل إلى قطع متناثرة لا لسبب إلا لطيشه وغضبه.
 
 ولعل العبرة هنا واضحة،فكثيرا من الأحيان نصادف في الحياة أشخاصا،أفرادا وجماعات،لا يحسنون التعامل مع غيرهم أثناء غضبهم،فتعمى بصيرتهم،ولا يعرفون كيف يصرفون ردة فعلهم،ولا يتحكمون فيما يصدر من أفواههم،ويعتقدون أن صمت الآخرين عنهم فيه نوع من الانهزام و الضعف،في حين أن الحقيقة عكس ذلك بكثير،فالتجاهل و الترفع و عدم مجادلة الجهلاء في مثل هاته الحالات لا يتقنها إلا الحكماء و أصحاب العقول النيرة،فالدجاجة،كما يقال،تبيض ﺑﻴﻀﺔ ﺯﻫﻴﺪﺓ ﺍﻟﺜﻤﻦ، ﻓﺘﻤﻸ‌ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ قوقاة،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻀﻊ سمكة ﺍﻵ‌ﻻ‌ﻑ ﻣﻦ "ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺎﺭ" باهظ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻭﻫﻲ ﺻﺎﻣﺘﺔ،ﻭﻫﻨﺎ تكمن ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ...
 
إن أصحاب التجربة في الحياة،ممن يدركون حسن التصرف و التعامل أثناء الغضب،يعلمون جيدا أن الزجاج عندما ينكسر من الصعب أن يعود لحالته الأولى،ولن تنفع معه أي محاولة لإعادة الإصلاح،وحتى إن تم ذلك، فإن التشوه يبقى واضحا ولا تخطئه العين،ولهذا يبقى التجاهل خير جواب و تصرف صائب على أفعال الغير عندما يتجاوزون كل حدود اللياقة و الأدب .
 
إن تجاهل الأحداث و الأفعال و الأقوال،وتصرفات الصبيان و أوهام الأعداء،و مؤامرات الخصوم و خبث الشياطين،و نظرات الحساد و طمع المفلسين،و همزات الفاشلين و إشارات الحاقدين،تصيبهم في قلوبهم السوداء،وتجعلهم في حالة من الهيجان و الهيستريا و السعار،وكلما طال التجاهل يبدأ الموت السريري يتسرب شيئا فشيئا إلى أجسامهم المنهكة.
وخير مثال في هذا المقام، ما قيل "خلق الله الناس من ماء وطين،بعضهم غلب ماؤه طينَه، فصار نهراً..وبعضهم غلب طينُه ماءَه.. فصار حجرا ".
 
   
 

              



في نفس الركن
< >

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 16:14 شرف الانتماء إلى حزب الاستقلال















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار