2024 فبراير 26 - تم تعديله في [التاريخ]

الجزائر‭ ‬تصرف‭ ‬الملايير‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬فاشلة‭ ‬لمزاحمة‭ ‬المغرب

لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬تفشل‭ ‬خطط‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬لاستنزاف‭ ‬نفوذ‭ ‬المملكة‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بغرب‭ ‬القارة‭ ‬


العلم - رشيد زمهوط

أشرف الرئيس الجزائري بمعية نظيره الموريتاني الخميس الماضي بضواحي مدينة تندوف على تدشين مشروع إنجاز المنطقة الحرّة للتبادل التجاري و إعطاء إشارة انطلاق إنجاز الطريق البرّي الرابط بين تندوف بالجزائر، والزويرات في موريتانيا.

المشروعان ستتكفل خزينة الدولة الجزائرية بتغطية تكاليفهما الضخمة بما في ذلك طريق تندوف – الزويرات الذي سيمتد على مسافة 860 كلم بتكلفة اجمالية تفوق 600 مليون يورو، وهو الممر البري الاستراتيجي  الذي ستعود حقوق استغلاله بعد استكمال أشغال إنجازه، إلى الجزائر. في شكل امتياز مدته 10 سنوات تتجدّد نلقائيا و  تراهن عليه الجزائر لمنافسة معبر الكركرات الحدودي و الارتباط بمحاور طرق دولية تسمح بالولوج إلى الأسواق الإفريقية.

عبد المجيد تبون كان قد أعلن قبل أيام أن بلاده ستنشئ العام  الجاري، عدّة مناطق حرّة للتبادل مع كل من موريتانيا ومالي والنيجر وتونس وليبيا وهي الخطوة التي فسرها المتتبعون بأنها سعي للنظام الجزائري بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة الى منافسة النفوذ الاقتصادي المغربي المتزايد بمنطقة غرب افريقيا والساحل  تعويض الخسارات الدبلوماسية المتتالية أمام المغرب  وفشل خطط ومناورات الاستنزاف الاقتصادي والطاقي للمنطقة الى جبهة حرب اقتصادية شاملة بإفريقيا يكون وقودها وسلاحها موارد  وعائدات المحروقات الجزائرية التي يتجاوز متوسطها زهاء 70 مليار دولار أمريكي سنويا .

على أن رهان  التحدي بالقوة الذي ما ينفك النظام الجزائري يرفع أسلحته المتعددة في مواجهة المغرب في أكثر من مناسبة، و ذي الإرهاصات الانفعالية  التي، غالبا، سرعان ما تنقلب وبالا على الجزائر ، لأن المعارك المعلنة  تنطلق كل مرة من معطيات مغلوطة وتنبني على خطط فاشلة وتتحكم فيها  ردود فعل سياسية ديماغوجية ظرفية سرعان ما تفقدها فعاليتها.

فسعي قصر المرادية المفضوح والمحموم للتقرب من موريتانيا وإغرائها بالمشاريع والبنيات التحتية المجانية وحتى بالغلات الفلاحية الأساسية التي تستوردها نواكشوط من المغرب منذ عقود، لا يهدف الى بناء أسس علاقات ثنائية صلبة ومبنية على التقارب الجغرافي والسياسي بل إنها مناورة مفضوحة لشل مشروع البوابة الأطلسية التي تفتحها الرباط في وجه دول مجموعة الساحل الافريقي بعد أن عجزت مجموعة الايكواس  بغرب افر يقيا عن ترجمة هذا المشروع الإقليمي الى حقيقة معاشة.

وتعتقد الجزائر واهمة أن سحب موريتانيا من هذا المشروع الملكي المغربي، سيقوض أسباب نجاحه وتنفيذه من منطلق أن طريق بلوغ دول الطوق الساحلي للواجهة الأطلسية الجنوبية للمملكة يمر حتما عبر الأراضي الموريتانية أو الجزائرية. لكن ما يتجاهله النظام الجزائري أن الفكرة المغربية المبدعة لم تبق  مقيدة بحدود جغرافية وترابية مغلقة ومحسومة بل تحولت الى طموح اقتصادي وجيواسترتيجي يتجاوز حدود القارة السمراء و يستهوي العديد من الاقتصادات والقوى العالمية المؤثرة والنافذة وآخرها أعضاء مبادرة الشراكة من أجل التعاون الأطلسي التي تقودها أمريكا وتنخرط فيها 34 دولة من شمال وجنوب  المحيط الأطلسي.

فهل ستغامر الجزائر مستقبلا بتحدي إرادة 34 دولة مطلة على المحيط أو ستنافسها بمشاريع محلية على الأوراق ستظل كسابقاتها مجرد ملفات مجمدة , تتأثر بتقلبات داخية أو خارجية.

لقد سبق للنظام الجزائري أن أطلق نهاية  عقد الستينات من القرن الماضي مشروع الطريق السريع العابر للصحراء الذي يربط الجزائر بلاغوس، وما زال رغم تدشين انطلاقته مجرد أمنيات ومقاطع معزولة غمرتها رمال الصحراء ...و بعد ذلك أطلق نفس النظام مشروع خط انابيب الغاز الذي يصل الشمال الجزائري بحقول الغاز بجنوب نيجيريا، وظل المشروع مؤجلا نتيجة مشاكل التمويل و اكراهات الأمن بصحراء الجزائر والنيجر، حتى أعلنت الرباط ولاغوس عن اطلاق مشروع القرن للربط الطاقي بين نيجيريا وشمال المغرب عبر 14 دولة من غرب افريقيا ، فتحركت الوزارات الجزائرية مجددا لنفض الغبار عن  المشروع الجامد والفاشل، وتعهدت الجزائر بتمويل تكاليف مد الجزء النيجيري من الأنبوب الغازي لإفشال المشروع المغربي الذي تقدم خطوات سريعة وواعدة في ظرف أقل من عقد من إعلانه، لتأتي في الأخير تحولات سياسية وأمنية بمنطقة الساحل و تطلق رصاصة الرحمة على المشروع الجزائري الفاشل من الأساس مثله مثل مشروع طريق الألياف البصرية العابر للصحراء الذي تعهدت الجزائر بانجازه قبل أربع سنوات و ما زال بدوره مجمدا.

مشروع الطريق البري الرا بط بين تندوف والزويرات نفسه ليس وليد اليوم بل سبق للجزائر في عهد الراحل بوتفليقة أن تعهدت بإنشائه ووضعت سنة 2019 كسقف زمني لتدشين انطلاقته.

ما يغيظ النظام الجزائري ويخرجه عن عقال التفكير السليم والمنطقي والعقلاني في تدبير علاقاته مع المغرب، أن جنرالات قصر المرادية لم يستوعبوا الى اليوم كيف تخلت مجموعة موانىء دبي العالمية عن مشروع تهيئة و تأهيل ميناء جنجن شمال شرق الجزائر لينافس مركب طنجة المينائي  وصدمت دولة الامارات العربية المتحدة نظام تبون بفتح قنصلية إماراتية بمدينة العيون عاصمة الأقاليم الجنوبية للمملكة، تمهيدا لمشاريع ضخمة بالمنطقة تثير حساسية مطلقة وتوجسا مقلقا لدى حكام الجارة الشرقية من قبيل ميناء الداخلة الأطلسي الذي سيحول المملكة الى فاعل اقتصادي و جيواقتصادي  مهيمن بالنصف الغربي للقارة الافريقية، فيما سيمثل استكمال تنفيذ مشروع الخط الغازي المنطلق من نيجيريا بمحاذاة الواجهة الأطلسية المغربية بموازاة مع خط نقل الطاقة الكهربائية النظيفة من بريطانيا الى الجنوب المغربي القشة التي ستقصم ما تبقي من أطماع وأحلام جنرالات قصر المرادية في الهيمنة  الاقتصادية والسياسية بمنطقة شمال افريقيا والساحل الصحراوي.



في نفس الركن