2025 أكتوبر 1 - تم تعديله في [التاريخ]

الحوار والنقاش سبيلان للانتصار لقضايا الوطن والمواطن



*بقلم // بدر بن علاش*

الأكيد أن لكل واحد منا حكاية دراماتيكية اصطدم فيها مع الوقع غير السليم الذي يعرفه القطاع الصحي في بلادنا، كلما ولج إحدى المؤسسات التابعة لهذا المرفق الحيوي،وخاصة العمومي منه،حيث يجد المريض أو المرافق نفسه أمام إشكاليات غير مقبولة بتاتا،ومن ذلك الغياب أو النقص الحاد في الأطر الطبية والتمريضية،وطول المواعيد،وتعطل الأجهزة الطبية،بالإضافة إلى "مارطون" الإجراءات،وغيرها من المعيقات التي تحول رحلة الاستشفاء إلى كابوس ينضاف إلى آلام المرض وتكاليفه الثقيلة.


إشكاليات مرفوضة وتعطي صورة لا تليق ببلد قطع أشواطا هامة في الإصلاح والتنمية البشرية،وكأننا أمام جهات تسعى عمدا إلى وضع العصا في العجلة،ولا تنظر بعين الرضى إلى أي إصلاح قد يعود بالنفع على المواطنين،وخاصة من ذوي الدخل المحدود الذين لا طاقة لهم بمصاريف المصحات.


إشكاليات ليست بوليدة اليوم لكن هي نتيجة تراكمات سنوات من السياسات التي لم تضع هذا المرفق ضمن الأولويات،وهذا خطأ كبير،فالصحة والتعليم هما عصب الحياة.وهنا أجد نفسي أتفهم المطالب الواردة في التعبيرات الشبابية في الفضاءات الإلكترونية والعامة،وصلت رسائلها كاملة وغير منقوصة إلى الجهات المسؤولة من مبدأ الانتصار لقضايا الوطن والمواطن.


وهنا ينبغي التسطير بالبند العريض على أمور أساسية،وفي مقدمتها أن أعلى سلطة في البلاد ممثلة في جلالة الملك محمد السادس طالما أكد على ضرورة اعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية،ومشددا في خطاب صريح إلى الشعب المغربي قائلا بمناسبة عيد العرش"تعرف جيدا أنني لن أكون راضيا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم، بشكل ملموس، في تحسين ظروف عيش المواطنين، من كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات. لذا، ما فتئنا نولي أهمية خاصة للنهوض بالتنمية البشرية، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للأسر التي تستحقه".


خطاب برسائل قوية تضع المواطن المغربي فوق أي اعتبار، وهو مايستشف من قوله كذلك "لا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين".


هنا بادرت الحكومة إلى الإعلان عن انخراطها في بلورة مختلف التوجيهات الملكية السامية، بداية من قانون المالية 2026، خاصة ما يتعلق بالتأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وفق رؤية تنموية متوازنة وشاملة يأمل الجميع في أن تعطي نتائجها في أقرب حين، ومشددة على انفتاحها على اقتراحات كل القوى الحية التي يمكن أن تساهم في تجويد المنظومة الصحية، بما يستجيب لطموحات جميع المغاربة.


ثانيا إذا كان الشباب المحتج قد نجح في إيصال رسائله،والأغلبية الحكومية سارعت إلى التعاطي معها إيجابا من خلال بيان عبرت فيه عن تفهمها للمطالب الاجتماعية واستعدادها للتجاوب الإيجابي والمسؤول معها، عبر الحوار والنقاش داخل المؤسسات والفضاءات العمومية، وإيجاد حلول واقعية وقابلة للتنزيل، للانتصار لقضايا الوطن والمواطن. فإن كل هذا يدفعنا إلى ضرورة تحكيم صوت العقل والمنطق،وعدم التمادي في أشكال احتجاجية تجاوزت في أحيان كثيرة الحد غير المقبول، وتخدش صورة المغرب الحديث، فلا أحد يقبل بالتعدي على الممتلكات العامة والخاصة وتخريبها، وترويع وتخويف المواطنين، وهي الصور التي يلتقطها أعداء وخصوم المغرب، ووجدوا فيها مادة دسمة في وسائل إعلامهم الخبيثة.


إن المنطق والعقل يدفعان إلى ضرورة عدم الانسياق وراء دعوات الفتنة التي سرعان ما التقطها الشباب الذي أطلق على نفسه وصف "جيل زد 212" طالما رفعوا شعار "السلمية" حينما أعلن الكثير منهم في وسائل التواصل الاجتماعي على أن  "المطالب الاجتماعية المشروعة تفقد قوتها ومشروعيتها بمجرد أن تنقلب الأمور نحو العنف، فالعنف مرفوض جملةً وتفصيلاً، وتخريب الممتلكات العامة أو الخاصة لا يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن الغضب". وتابعوا "ما وقع في وجدة وإنزكان وبركان، من إشعال للنار وتخريب منسق للممتلكات، لا يبدو بريئاً ولا يمكن قراءته إلا كجزء من تحريض ممنهج تسعى من خلاله جهات معينة إلى جر الشباب إلى مسارات خطيرة".

وذات المنطق،أي العقل والتعقل، يستدعي عدم المبالغة في أي تدخل أمني كيفما كان نوعه، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق باحتجاج سلمي لا يتعدى أصحابه الحد المسموح به قانونا،فهناك صور ومقاطع فيديو وثق البعض منها تدخلات أمنية تجاوزت في رأي الحد المقبول في بلد يسير على درب التنزيل الحقيق لمظاهر الديمقراطية. 




في نفس الركن