*العلم: الرباط*
تحل اليوم الذكرى الحادية والخمسون لوفاة زعيم التحرير الأستاذ علال الفاسي، رحمه الله، لنستحضر، بكثير من الإكبار والإعتزاز، الجهود الكبيرة التي بذلها، والتضحيات الشاقة التي كابدها، والمواقف المشرفة التي اتخذها، والخدمات الجليلة التي قدمها لبلاده، من أجل التحرير والاستقلال، وفي سبيل بناء الدولة الديمقراطية في إطار نظام الملكية الدستورية الذي يضمن الحريات الخاصة والعامة وينشئ المؤسسات التمثيلية الوطنية،مما جعله أحد كبار رواد الحركة الوطنية وقطباً من أقطابها، ناضل منذ شبابه المبكر عن) عقيدة وجهاد)) ، مؤسساً لقواعد (منهج الاستقلالية، )منخرطاً) في معركة اليوم والغد، (صامداً (دائماً مع الشعب) ، واهباً نفسه للكفاح من أجل (وطن حر ومواطنين أحرار) ، في دأب لم ينقطع، وفي شجاعة نضالية وجسارة فكرية وصمود نادر لم يضعف قط ولم يتراجع فيه أبداً .
لقد جمع الزعيم علال الفاسي بين النضال السياسي والسجال الفكري، فكان المكافح الوطني على عديد من الجبهات، والمنظر الفكري واضع النظرية الاستقلالية، التي تبلورت في (النقد الذاتي)، ونضجت في (وثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية،) التي تعد استكمالاً لوثيقة الحادي عشر من شهر يناير سنة 1944 ،التي وضعها حزب الاستقلال، وريث الحزب الوطني لتحقيق المطالب المستعجلة، لتكون فاتحةً للمرحلة ما قبل النهاية لعهد الحماية المفروضة على بلادنا في ظروف غامضة سنة .1912
وجاءت وثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية التي قدمها علال الفاسي إلى جلالة الملك الحسن الثاني، رحمه الله، في الحادي عشر من يناير سنة 1963، بعد سنة من إقرار نظام الملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية في سابع دجنبر سنة 1962، مما ربط بين العمل النيابي والسياسي الوطني، وبين نضال حزب الاستقلال من أجل تحقيق التعادلية الاقتصادية التي تقضي بتمكين المواطنين والمواطنات من الفرص المتكافئة، وتحرير الفرد من جميع أنواع الاستغلال، والخروج بالمغرب من التخلف وتشييد مجتمع بلا طبقات متمتعاً بالعدالة الاجتماعية .
وهذا المزج بين العمل السياسي وبين النضال من أجل خدمة الجماهير الشعبية ومصلحة الأمة، هو الخاصية الأبرز في شخصية الزعيم علال الفاسي، وهو إلى ذلك القاعدة الراسخة التي تقوم عليها مبادئ حزب الاستقلال أمس واليوم وغداً، لأنها طاقة دائمة التجدد ، لا تفتر وتيرتها عن الحركة ، ولا تخمد لها شعلة، ولا ينضب لها معين .
وكذلك كان الزعيم علال الفاسي طيلة حياته الحافلة بالتضحيات والبطولات، طاقة متجددة للوطنية الخلاقة والمبدعة التي تواكب تطورات العصر، وتساير المتغيرات التي يشهدها العالم . ذلك أن الأفكار البناءة للتقدم الصانعة للنهضات الحضارية المتوالية، هي، بتعبير منهجي دقيق، طاقات متجددة تتوالى وتنتقل من جيل إلى آخر، فتدفع نحو الأمام، لبناء الحاضر المتقدم ولصناعة المستقبل المتطور، استجابةً لتطلعات المواطنين والمواطنات ولآمالهم وأشواقهم، وارتقاءً بوطننا إلى أعلى مراتب السمو و المجد والمكانة الرفيعة بين الأمم.
لقد كان علال الفاسي زعيماً ملهماً وقائداً محنكاً ، خدم بلاده فأخلص في خدمتها، وكان مضرب المثل في التضحية والثبات على المبدإ والتفاني في البذل والعطاء. وهي القيم المثلى التي نتشبث بها ونحافظ عليها، التي تعلمناها من زعيمنا علال الفاسي، بالقول والفعل، ونقتدي بها في الحزب ، على جميع المستويات ، ونبني على أساسها برامجنا و خططنا وخياراتنا واستراتيجيتنا الوطنية ، و نجعلها خريطة طريق نحو تحقيق الأهداف الوطنية التي نعمل من أجلها .
إن أفكار علال الفاسي في تجدد مستمر، لأنه كان يبني للمستقبل، برؤية شفافة نافذة، وبفكر متحرر مستنير، وبعقيدة ثابتة، ووفق منهج استقلالي واضح المعالم. وتلك هي الوطنية الخلاقة المنبثقة من الطاقات المتجددة، والبانية للتقدم و الصانعة للرقي الإنساني المبدع للحضارة .
وبهذه المناسبة تنظم العديد من الأنشطة والندوات المخلدة لهذه الذكرى،وفي مقدمتها تجمع وطني كبير ينظمه حزب الاستقلال نهاية هذا الأسبوع الجاري.