العلم الإلكترونية - الرباط
جاءت الزيارة الرسمية لوزيرة العلاقات الخارجية و التنقل البشري في جمهورية الإكوادور ، للمغرب ، لتؤكد من جديد أن الرباط صارت جسراً استراتيجياً بين أمريكا اللاتينية و أفريقيا ، و أن حضور المملكة المغربية في أمريكا الجنوبية بات يكتسب نفوذاً يزداد مع توالى الأيام قوةً وصلابةً و رسوخاً ، منذ الجولة الملكية التي أداها جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله و أيده ، لهذه المنطقة عام 2004 ، وشملت خمس دول أمريكية لاتينية ، هي المكسيك ، و البرازيل ، و البيرو ، و الشيلي ، و الأرجنتين . وهي الجولة التي أعطت نفساً قوياً و دينامية جديدة للعلاقات الثنائية التي تربط المغرب ببلدان المنطقة ، والتي تعد مبادرةً رائدةً لفتح الآفاق أمام تطور دبلوماسي يؤسس لجيل جديد من العلاقات مع دول تلك المنطقة التي كانت ، إلى ذلك الوقت ، خارج اهتمامات الدبلوماسية المغربية ، لأسباب عدة ، تمكنت بلادنا بعد ذلك من تجاوزها .
وكانت الجولة الدبلوماسية التي قام بها ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ، لأمريكا اللاتينية وزار خلالها أربع دول ، هي الدومينيكان ، وسورينام ، والبرازيل ، والشيلي ، في عام 2019 ، دفعة قوية لتعزيز العلاقات الدبلوماسية متعددة الأبعاد مع تلك الدول . وهو الأمر الذي كانت له نتائج إيجابية بالغة الأهمية ، انعكست على دعم دول المنطقة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية ، والاعتراف بمغربية الصحراء . مثال ذلك جمهورية الإكوادور التي سحبت اعترافها بالجبهة الانفصالية ، في أكتوبر 2024 ، قبل أقل من سنة على زيارة وزيرة العلاقات الخارجية والتنقل البشري الإكوادورية للمغرب ، و إشرافها على افتتاح سفارة بلادها في الرباط ، في خطوة ذات دلالات قوية ، عبرت عنها الوزيرة غابرييلا سومرفيلد ، حين صرحت في الندوة الصحافية غداة لقائها مع نظيرها ناصر بوريطة ، إن مقترح الحكم الذاتي يعد الأساس لحل النزاع الإقليمي ، مشيدةً بالمبادرة المغربية التي وصفتها بأنها خطوة للوصول إلى حل حقيقي و واقعي وقابل للتنفيذ .
قصة جمهورية الإكوادور مع جبهة البوليساريو، تستحق التوقف عندها ، فقد بدأت بالاعتراف بالجبهة الانفصالية عام 1983 ، حيث كانت البوليساريو تصول و تجول في منطقة أمريكا اللاتينية ، ثم فتحت للجمهورية الوهمية سفارة لها في العاصمة كيتو عام 2009 ، إلى أن انتهت القصة في أكتوبر الماضي بسحب الاعتراف بالكيان الوهمي ، بعد أن اتضحت الحقائق للإكوادور ، وتبين لها الخيط الأبيض الناصع من الخيط الأسود الفاحم ، فقررت حكومتها أن تنضم إلى غالبية دول العالم الداعمة لعدالة قضية الصحراء المغربية ، و أن تقدم درساً لحفنة من الدول المغرر بها التي أبت إلا أن تسير في الاتجاه الغلط ، ولم تشأ أن تكون ضمن أكثر من 50 دولة من أفريقيا و أمريكا اللاتينية سحبت اعترافها بالبوليساريو وبكيانه الوهمي ، الذي يتحدى القانون الدولي بعضويته المطعون فيها في الاتحاد الأفريقي .
إن دول أمريكا اللاتينية ، التي يبلغ عددها 20 دولة ، إضافة إلى أقاليم تابعة ، والتي ظلت لعقود تحت الدعايات الكاذبة و الأباطيل المضللة ، فاقدة الوعي السياسي الرشيد ، بدأت اليوم تسترجع وعيها ، وتستعيد ثقتها بالحقائق الدامغة ، و تعلن عن قرارها السيادي الداعم لمقترح الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية تحت السيادة المغربية . و ما جمهورية الإكوادور إلا الدولة النموذج من جملة الدول التي انحازت إلى الشرعية الدولية ، و قررت أن تدعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تطبيق مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية .