2025 شتنبر 24 - تم تعديله في [التاريخ]

السلطات‭ ‬تشدد‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬مصنعي ومروجي ‬‮"‬الميكا‮"

حماية‭ ‬الـمستهلك: ‬الـمراقبة‭ ‬والـمنع‭ ‬وحدهما‭ ‬لا‭ ‬يكفيان‭ ‬دون‭ ‬بدائل‭ ‬عملية


العلم - ليلى فاكر

عادت قضية الأكياس البلاستيكية الممنوعة، والمعروفة شعبيا بـ«الميكا»، لتتصدر واجهة النقاش الإعلامي والعمومي في المغرب خلال الأيام الأخيرة، بعدما سجلت تقارير انتشار هذه الأكياس مجددا في أسواق عدد من المدن، على الرغم من الحظر الصارم المفروض منذ سنة 2016. ورغم أن القانون المغربي حظر بشكل كامل صناعة هذه الأكياس أو استيراد موادها الأولية وتسويقها، إلا أن المعطيات المتداولة تكشف أن طرقا غير مهيكلة لا تزال تجد منفذا لإعادة إنتاجها وترويجها، سواء عبر معامل سرية تشتغل بعيدا عن أعين السلطات، أو شبكات تهريب تستغل الطلب المستمر في بعض الأسواق، أو عبر إعادة تدوير مخلفات بلاستيكية بطرق غير قانونية.

هذا الواقع أعاد إلى السطح النقاش حول فعالية المنظومة التشريعية والزجرية التي وضعتها الدولة منذ إقرار القانون 77.15، الذي جاء في سياق التزامات المغرب البيئية ومساعيه للحد من التلوث البلاستيكي، وخصوصا أن البلاد كانت قبل سنوات من بين أكبر المستهلكين للأكياس البلاستيكية في العالم.

ولمواجهة هذا التحدي المستجد، سارعت الحكومة إلى تكثيف آليات المراقبة وتعزيز الإجراءات الزجرية، بعدما كان قد صادق مجلس الحكومة، على مشروع قانون رقم 57.18 المكمّل للقانون 77.15، هذا المشروع الذي يتضمن تعديلات مهمة، أبرزها توسيع التعريفات القانونية المرتبطة بالمواد البلاستيكية الخاضعة للمنع، وتمكين الأعوان المكلّفين بالمراقبة من صلاحيات أكبر للتدخل والحجز، فضلا عن إعادة ضبط العقوبات لتكون أكثر صرامة وفعالية من بينها ، تمديد مدة العود في المخالفات من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وهو ما يعكس إرادة واضحة في تشديد الخناق على كل من يخرق القانون، سواء تعلق الأمر بالتصنيع أو التوزيع أو الترويج لهذه الأكياس، في إطار سياسة وقائية وزجرية متكاملة، هدفها ضمان احترام القانون وحماية الصحة العامة والبيئة في آن واحد، ورغم كل هذه الإجراءات لا يزال انتشار وتوزيع هذه المواد لم يصل إلى مرحلته النهائية.

ويجمع الفاعلون في المجال البيئي والاستهلاكي على أن هذه الإجراءات، على أهميتها، لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا إذا اقترنت بحلول بديلة عملية، من قبيل توفير أكياس صديقة للبيئة بأسعار مناسبة، وتشجيع المقاولات المحلية على الاستثمار في تصنيع مواد بديلة قابلة للتحلل أو الاستعمال المتكرر.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن معركة المغرب مع «الميكا» لم تُحسم بعد، وأن الطريق نحو القضاء النهائي على الأكياس البلاستيكية يستدعي مزيجا من التشريع الصارم، والمراقبة المستمرة، وتعبئة المجتمع، مع توفير بدائل حقيقية تضمن التوازن بين حماية البيئة والاستجابة لحاجيات المستهلك.

وفي هذا السياق، أكد نور الدين حمانو، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه، أن الحملات المكثفة التي تشهدها عدد من المدن المغربية لمنع تصنيع وترويج الأكياس البلاستيكية الممنوعة من الاستعمال، تأتي في إطار حرص الحكومة على حماية البيئة وتعزيز الممارسات المستدامة.

وأوضح أن هذه الأكياس تصنع في معامل سرية باستعمال مواد أولية مهربة أو مشتراة من السوق السوداء، أو يتم إنتاجها من مخلفات المواد البلاستيكية، رغم أن استيراد المواد الأولية الخاصة بصناعتها، المعروفة بـ»الميكا»، قد تم حظره منذ سنة 2016.

وشدد حمانو على أن هذه الحملات، التي تباشرها السلطات المحلية والجهات المختصة، تهدف إلى حماية الصحة العامة والحفاظ على سلامة البيئة، في انسجام مع المجهودات الوطنية الرامية إلى تقليص التلوث البلاستيكي وتشجيع البدائل الصديقة للبيئة.

كما صرّح أن التزام المؤسسات والأفراد باحترام هذا المنع يُعد خطوة أساسية لضمان بيئة نظيفة ومستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة، داعيا الحكومة إلى التدخل العاجل لتغطية الأسواق بالبدائل البيئية للأكياس البلاستيكية قصد تسهيل تسويقها للمستهلك.

وفي السياق ذاته، أفاد الأستاذ حمانو بأن الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه تواكب هذه الجهود بحملات توعوية موجهة إلى المواطنين، تشمل التربية الاستهلاكية وترسيخ ثقافة الاستهلاك المسؤول، والتوعية بالسلامة الغذائية، والتربية البيئية والتحسيس بمخاطر البلاستيك وأهمية التدوير.

وأضاف أن هذه المبادرات تضم أيضاً التربية المالية والاستهلاك الذكي عبر إعداد ميزانية أسرية متوازنة، والتوعية القانونية بحقوق المستهلك وآليات تقديم الشكايات، فضلا عن التكوين في الاستهلاك الرقمي وحماية المعطيات الشخصية عند التسوق عبر الإنترنت.

وختم حمانو تصريحه بالتأكيد على أن هذه المبادرات التحسيسية تُعد ركيزة أساسية في عمل الجمعية، لما لها من دور في بناء مستهلك واعٍ بحقوقه وملتزم بواجباته، ومساهم في التنمية المستدامة.



في نفس الركن