العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي
احتضنت العاصمة الرباط السبت 27 شتنبر الجاري، أشغال المؤتمر الدولي الثامن لجمعية عالم الصيادلة المغاربة "إم فارما"، وذلك تزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للصيادلة الذي يصادف الخامس والعشرين من الشهر نفسه كل سنة.
وعرف المؤتمر حضور شخصيات وازنة من ممثلي نقابات الصيادلة والمهن الصحية من المغرب وليبيا، إلى جانب ممثلين عن مختلف مرافق الدولة وجمعيات المجتمع المدني، ومديري وممثلي المختبرات الصيدلانية والشركات الداعمة.
خلال كلمتها الافتتاحية، أكدت الرئيسة التنفيذية لجمعية "إم فارما" حسناء ممون، على الدور الطلائعي الذي يضطلع به الصيدلاني في خدمة المجتمع والإنسانية، مبرزة أن مهمته لا تقتصر على الاستماع للمريض وتقديم الدواء والنصح، بل تمتد إلى المساهمة في مجالات إنسانية أوسع، سواء في الظروف العادية أو خلال الأزمات والكوارث الطبيعية، كما شددت على أن الجمعية دأبت منذ تأسيسها على المزج بين الجانب العلمي والاقتصادي والاجتماعي، مع إيلاء أهمية قصوى للعمل الإنساني بوصفه واجبا أساسيا يجسد قيم التضامن والتآزر داخل المجتمع.
وتوقفت ممون عند أبرز المبادرات التي انخرط فيها الصيادلة خلال الكوارث الأخيرة، سواء في المغرب بعد زلزال الحوز أو في ليبيا عقب إعصار دانيال، حيث تمكنوا بتنسيق مع السلطات المحلية والمختصة من إيصال الأدوية والمواد الحيوية إلى المتضررين، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأسر المنكوبة، مشددة على ضرورة الالتفات إلى المناطق النائية وتعزيز بنياتها الصحية لتحقيق العدالة المجالية.
ولم يغب عن أشغال المؤتمر البعد الإنساني الدولي الذي كان حاضرا بقوة في نقاش أشغاله، إذ جرى التذكير بالدور البطولي للصيادلة في غزة، الذين يواصلون توفير الدواء والغذاء والماء للمدنيين رغم شح الإمكانيات، في ظل ما وصفته الرئيسة التنفيذية بحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، كاشفة أن 83 صيدلانيا ارتقوا شهداء جراء الاستهداف الممنهج للأطر الصحية والإنسانية في القطاع، ومؤكدة أن تضحياتهم ستظل شاهدة على نبل رسالة المهنة.
وعلى المستوى الوطني، عرجت مضمون في كلمتها على ما يعيشه قطاع الصيدلة بالمغرب من تحديات تنظيمية واقتصادية واجتماعية، معبرة عن خيبة أمل الجمعية من مشروع المرسوم الجديد الذي اعتمدته الوزارة الوصية دون الالتزام بالإجراءات المصاحبة التي سبق الاتفاق حولها في إطار عمل مشترك امتد لسنتين، وأكدت المتحدثة أن هذه المقاربة الترقيعية لا ترقى إلى مستوى تطلعات المهنيين بالقطاع الصيدلي ولا تجيب عن عمق الإشكالات المطروحة، مما ينذر باستمرار الأزمة وتعقيد سبل حلها.
في نفس الصدد، عبر محمد حسان، عضو مكتب الجمعية وصيدلاني بمدينة آسفي، عن أسفه للطريقة التي تتعامل بها الوزارة الوصية مع مطالب الصيادلة، والتي لم يؤت الحوار معها بجديد، مؤكدا على مواصلة التصعيد النضالي، خصوصا وأن تسعير الأدوية الذي جاء به مشروع المرسوم الأخير، سيجر المؤسسات الصيدلانية إلى أتون الإفلاس، نظرا لعدة اعتبارات مالية سيدخل فيها الصيدلاني.
وكشف حسان أن هناك ما يقارب 157 نوعا من الأدوية من صنفي "تي3" و"تي4"، تشكل عبئا ماليا يوازي 57 في المائة من كلفة الحقيبة العلاجية، وهي أدوية لا يلمس الصيدلاني أثرها المباشر، موضح أن مرسوم تسعير الأدوية سيؤدي إلى خفض هامش الربح إلى الثلثين، في وقت تظل فيه مصاريف الصيدلي ثابتة من ضرائب وأجور عمال والتزامات مهنية وأسرية وتكاليف تشغيلية أخرى، وهو ما سيضع القطاع أمام تحديات إضافية.
وتضمن البرنامج العلمي للمؤتمر جلسات متنوعة تناولت محور "الصيدلاني والعمل الإنساني"، حيث قدمت إلهام السعدي وفاطمة براق تجربتيهما في العمل الميداني ضمن "إم فارما"، بينما سلط ممثلو نقابة صيادلة ليبيا الضوء على مساهمة الصيادلة الليبيين في دعم المتضررين خلال الأزمات، كما استعرضت هاجر أوجيدي وسناء العسوي تجربة صيادلة مراكش في مواجهة تداعيات زلزال الحوز، فيما خصصت مداخلة المهدي براي لتكريم ذكرى الدكتور محمود الشيخ علي باعتباره شهيد العمل الإنساني.
وعرف المؤتمر، الذي أداره الدكتور واهبة دينار، أيضا مشاركة وازنة لشخصيات أكاديمية ومهنية، من بينها الدكتور محمد البوهمادي، مؤسس مختبرات "زينيث فارما" ورئيس الفدرالية المغربية للابتكار والصناعة الصيدلية، الذي أبرز أهمية الابتكار والتعاون في تطوير الصناعة الدوائية وتعزيز السيادة الصحية.