العلم الإلكترونية - بقلم هشام الدرايدي  
                         
			 لا شك أن القرار الأممي الأخير الذي جدد التأكيد على سيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، شكل لحظة مفصلية في تاريخ الدبلوماسية المغربية الحديثة، فاليوم الذي صادف 31 أكتوبر لم يكن مجرد تاريخٍ عادي، بل محطة اختلط فيها السياسي بالرمزي، والواقعي بالاحتفالي، ففي الوقت الذي كان فيه الغرب يحتفل بما يسمى "الهالوين"، عيد الخوف والأقنعة والرعب، كان المغاربة يحتفلون بعيد حقيقي للنصر والكرامة، عنوانه الاعتراف الدولي المتجدد بمشروعية قضية الصحراء المغربية.
    لقد أبانت المملكة المغربية مرة أخرى عن نضجها الدبلوماسي، وعن قدرتها على الجمع بين الثبات في المبادئ والمرونة في الوسائل، فمن خلال رؤية ملكية واضحة يقودها جلالة الملك محمد السادس، استطاعت الرباط أن تحشد دعما واسعا من القوى الكبرى داخل مجلس الأمن، حتى بات القرار الأممي يكرس من جديد الطابع الواقعي والمبني على التوافق، أي الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وهكذا، تحول هذا اليوم إلى عيد وطني رمزي للمغاربة، عنوانه الثقة في النفس والانتصار لسيادة الدولة ووحدتها الترابية.
    وعلى الجهة الأخرى، في الجزائر، لم يكن اليوم نفسه إلا تكرارا مأساويا لمشهد “الهالوين” بكل رموزه من الرعب والارتباك، فبينما يحتفل المغاربة بعهد جديد من الاعتراف الدولي، كان كابرانات الجزائر يرتدون أقنعة القوة الزائفة لتخفي خلفها وجها مرتبكا بعد أن وجدت نفسها معزولة، مكشوفة الظهر، فاقدة لحلفائها التاريخيين الذين سئموا خطابها العدائي البائد. أما أداة الوهم المسماة “البوليساريو”، فقد بدت كظل باهت في مسرحٍ مظلم، لا تصدر سوى صرخات اليأس في صحراء سياسية لم تعد تنصت إليها إلا صدى الخيبة.
    إن الفرق بين “عيد المغاربة” و”هالوين الجزائر” ليس مجرد مفارقة في التوقيت، بل هو تعبير عن اختلاف في الرؤية والمصير، فالمغرب يسير بخطى ثابتة نحو تثبيت استقراره وبناء تنميته من طنجة إلى الكويرة، بينما تواصل الجارة الشرقية الانغلاق في سرديات الخوف والوهم. وشتان بين من يحتفل بثقة في المستقبل، ومن يعيش في ظلال الرعب السياسي الذي صنعه بيديه.
    إن قرار مجلس الأمن الأخير لم يكن فقط انتصارا دبلوماسيا، بل شهادة أممية على نضج المغرب وتهافت خصومه، ومن الآن فصاعدا، سيبقى يوم 31 أكتوبر يوما ذا رمزية مزدوجة: عيدا للمغاربة يجسد الاعتراف والاعتزاز، و”هالوين” سياسيا للجزائر وصنيعتها، حيث تنكشف الأقنعة وتسقط أوهام القوة أمام حقيقة التاريخ والجغرافيا والروابط الشرعية.
  
				 
 رئيسية 








 الرئيسية 



 