2025 ماي 9 - تم تعديله في [التاريخ]

المسؤولية الطبية في المغرب.. منظومة تحتاج إلى إصلاح عاجل


العلم - أنور الشرقاوي

في حوار معمّق حول المسؤولية الطبية، القت جمعية أطباء النساء والتوليد الخواص بالرباط الضوء على واقع هذه الإشكالية داخل تخصصها: أمراض النساء والتوليد، أحد أكثر التخصصات تعقيداً وحساسية.
 
في هذا المجال، تُختبر المسؤولية الطبية بشكل يومي، نظراً لتداخل الأبعاد الإنسانية، القانونية، والأخلاقية.
 
كل ولادة، وكل قرار جراحي أو علاجي، قد يعني حياة شخصين: الأم والمولود.
 
وأي تأخير في التعامل مع نزيف أو معاناة جنينية أو مضاعفات ولادية قد يؤدي إلى مآسي يصعب تداركها.
 
هذه التخصصات تعيش على وقع الاستعجال والانفعال والتوقعات المجتمعية العالية.
 
 المرضى وعائلاتهم يطالبون بمرافقة دقيقة ونتائج مثالية، في بيئة غالباً ما تتسم بعدم اليقين.
 
 وليس بعيداً عن كل ذلك، تلوح في الأفق شكايات بالتقصير المدني أو حتى الملاحقة الجنائية، مما يضع الأطباء تحت ضغط نفسي ومهني هائل.
 
نهاية أبريل 2025، نظمت جمعية أطباء النساء والتوليد بالرباط (AGOPR) يوماً دراسياً حاسماً حول المسؤولية الطبية.
 
كشف اللقاء عن ثغرات خطيرة في المنظومة الحالية، واقترح توصيات عملية لحماية الممارسين الطبيين.
 
 *التزامات قانونية غير معروفة*
 
أظهرت النقاشات أن عدداً من الأطباء يجهلون واجباتهم القانونية، خاصة ما يتعلق بالمسؤولية المدنية والجنائية.
 
فالمسؤولية المدنية، وإن كانت غالباً مغطاة بالتأمين، تختلف تماماً عن المسؤولية الجنائية، التي قد تؤدي إلى عقوبات قاسية، بما في ذلك السجن.
 
 *الإشكالية في الخبرة الطبية*
 
الخبير الطبي يلعب دوراً محورياً في النزاعات القضائية.
 
 غير أن غياب التكوين المتخصص والمعايير الصارمة لاختيار هؤلاء الخبراء يضعف من جودة التقارير والخلاصات.
 
لذلك، تُوصى بتكوين الخبراء تكويناً علمياً دقيقاً، على أن يكونوا من ذوي التجربة وأصحاب السجلات النظيفة.

 تجدر الإشارة إلى وجود تكوين بالدار البيضاء، وبرنامج جديد ينطلق في الرباط.
 
 *نحو تأمين جماعي للأطباء*
 
تقترح جمعية AGOPR إنشاء تأمين جماعي مشابه لما يتم العمل به لدى المحامين. ويُفضل أن تُشرف عليه الهيئة الوطنية للأطباء (CNOM).
 
 بهدف تأمين الحماية القانونية الكافية للأطباء وتعزيز ثقة المواطنين في المنظومة الصحية.
 
 *تشريع لا يواكب الواقع*
 
خلال هذا اليوم الدراسي، أشار المحامون والحقوقيون المشاركون إلى أن القوانين الحالية لا تعكس خصوصية الممارسة الطبية.
 
 ومن الضروري صياغة قانون خاص بالمسؤولية الطبية، يأخذ بعين الاعتبار الجوانب التقنية والعلمية والقضائية الخاصة بالمجال الصحي في المغرب.
 
لقد عرّت هذه الندوة مكامن الضعف في النظام المغربي للمسؤولية الطبية.
 
حان الوقت كي تتحرك الجهات المعنية، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للأطباء، من أجل إصلاح حقيقي يشمل التأطير القانوني، تكوين الخبراء، وتعميم التأمين الجماعي.
 
لأن أمن المرضى وسكينة الأطباء ليسا ترفاً… بل أولوية وطنية عاجلة.




في نفس الركن