2025 نونبر 12 - تم تعديله في [التاريخ]

المعهد الملكي الإسباني: المغرب يحسم معركة الصحراء سياسياً ودبلوماسيا


العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
 
أكد المعهد الملكي الإسباني Real Elcano) )، أحد أهم مراكز التفكير والتأثير في دوائر القرار بإسبانيا، أن القرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر الماضي بشأن قضية الصحراء يمثل تحولاً حاسماً في مسار هذا الملف، وينهي عملياً مرحلة الاستفتاء التي كانت محور خطة السلام منذ عام 1991، لصالح رؤية المغرب القائمة على الحكم الذاتي في إطار سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
 
ويرى المعهد أن ما يجري اليوم هو تتويج لمسار طويل استطاع فيه المغرب أن يرسخ تفوقه العسكري والسياسي والاقتصادي، مستنداً إلى استراتيجية واضحة المعالم تجمع بين التنمية والاستقرار والتحديث، في مقابل تراجع جبهة البوليساريو وانحسار الدعم الخارجي الذي كانت تستند إليه.
 
 ويشير إلى أن الرباط تتقدم بثبات نحو استكمال اندماج الأقاليم الجنوبية ضمن نسيجها الوطني، مدفوعةً بتعزيزات دبلوماسية واستثمارات ميدانية تُظهر أن الواقع على الأرض حُسم منذ زمن.
 
وأكد التقرير أن قرار مجلس الأمن الجديد ليس سوى اعتراف ضمني بواقعٍ ترسخ منذ سنوات، وأن خيار الاستفتاء أصبح في حكم المنتهي. "فالمغرب، لم ينجح فقط في فرض الاستقرار الميداني، بل في كسب معركة الشرعية السياسية والدبلوماسية، بفضل علاقاته الواسعة مع القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا." مشيرًا إلى أن تفوق القوات المسلحة الملكية، مدعومة بتحديث نوعي في العتاد والتقنيات، جعل محاولات جبهة البوليساريو لاستئناف القتال بعد عام 2020 غير ذات أثر حقيقي.
 
وفي الجانب الداخلي، أبرز المعهد الملكي الإسباني قدرة المغرب على توحيد مكوناته الوطنية حول مغربية الصحراء، وترجمة ذلك إلى مشاريع تنموية ضخمة في مجالات البنية التحتية والطاقة واللوجستيك، وهو ما جعل الأقاليم الجنوبية تتحول إلى قطب اقتصادي متنامٍ، يرمز إلى نجاح النموذج المغربي في الجمع بين التنمية والوحدة الترابية. 
 
ويرى التقرير أن هذه السياسة جعلت العديد من الصحراويين يختارون الاندماج والاستفادة من فرص الاستثمار والعمل، مقابل الأوضاع الصعبة التي يعيشها من بقي في مخيمات تندوف.
 
وأوضح المعهد إلى أن الكفة تميل بوضوح نحو المغرب في الساحة الدبلوماسية أيضاً. فبعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، استطاع أن يحدّ من نفوذ ما يسمى بـ"الجمهورية الصحراوية"، ويستعيد المبادرة داخل القارة. وعلى الصعيد الدولي، تؤكد المعطيات أن الاعترافات بهذه الكيان الوهمي تراجعت إلى 47 دولة فقط من أصل 84، بينما تتوسع دائرة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي المغربية بوصفها الحل الواقعي والوحيد الممكن.
 
ويعتبر المعهد أن التصويت على القرار 2797، الذي حظي بتأييد 11 عضواً في مجلس الأمن بقيادة واشنطن، بينما امتنعت روسيا والصين وباكستان، وغابت الجزائر عن الجلسة، يعكس ميزاناً جديداً للقوة الدولية، عنوانه تراجع الاهتمام العالمي بأطروحات الانفصال، وتصاعد الثقة في الرؤية المغربية الواقعية. مبرزًا أن الموقف الجزائري، الذي تجنب المشاركة في التصويت، يكشف عن حالة من الإرهاق السياسي والدبلوماسي بعد سنوات من دعم خيار لم يعد يحظى بأي أفق أو جدوى.
 
ويخلص التقرير إلى أن ما يجري اليوم هو انتصار للواقعية السياسية على أوهام الماضي، وأن المغرب بات في موقع من يحدد إيقاع الحل، لا من ينتظره. فخطة الحكم الذاتي لم تعد مجرد مقترح، بل تحولت إلى أرضية واقعية تحظى بالقبول الدولي والإقليمي، وتترجم على الأرض بمشاريع تنموية وإدارية متقدمة تجعل من الأقاليم الجنوبية جزءاً عضوياً من الدينامية الوطنية.
 
وأكد المعهد الملكي الإسباني أن الرباط لم تربح معركة القانون فقط، بل ربحت معركة الزمن والرؤية، إذ استطاعت أن تحول ملف الصحراء من نزاع إقليمي جامد إلى مشروع دولة حديثة موحدة تتقدم بثقة نحو المستقبل.



في نفس الركن