2023 فبراير 1 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب في مصاف الدول الرائدة في تدبير الثروة المائية

نزار بركة: الماء دعامة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب ومن الواجب الاشتغال على تطوير وتحيين التشريعات ووضع الاستراتيجيات والمخططات الاستباقية لتوفير الموارد المائية الضرورية


العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي 

أكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، على أن المغرب تمكن من كسب رهان التحدي في التموقع ضمن الدول الرائدة في مجال تدبير الموارد المائية، رغم الطابع الشبه الجاف والقاري، وقساوة الظروف المناخية التي تعيشها المملكة منذ سنة 2018، وذلك بفضل السياسة الحكيمة والمتبصرة لتعبئة الموارد المائية السطحية بواسطة السدود، التي أطلقها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، وواصل مسيرتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، من أجل تعزيز وتطوير هذه الاستراتيجية، التي جعلت من الماء والحفاظ عليه شأنا وطنيا، وساهمت في ضمان الماء الصالح للشرب ودعم الأمن الغذائي، حتى في أصعب فترات الجفاف التي عرفها المغرب.
 
وعبر الوزير في بداية كلمته، خلال ندوة نظمت على هامش المعرض الجهوي للماء بمدينة العرائش يوم الاثنين 30 يناير الماضي، عن أهمية الماء ومكانته الاستراتيجية بالنسبة لكل القطاعات في المغرب. معتبرا إياه أحد الدعائم الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة في ظل السياسة المائية التي تتبعها، من أجل ضمان التدبير الأمثل والمندمج للموارد المائية والحفاظ على جودتها، وكذا ضمان توفير هذه الثروة الحيوية على المدى القريب والمتوسط والبعيد لتلبية الحاجيات المائية لمختلف القطاعات.
 
وشدد بركة، على ضرورة اعتماد حكامة جيدة في تدبير الموارد المائية، من أجل الحفاظ عليها وضمان استدامتها، وكذا البحث عن حلول بديلة واعتماد التقنيات الحديثة، دون إغفال الاقتباس من الطرق التقليدية القديمة الموروثة من التراث الوطني في تعبئة وتخزين المياه، وذلك طبقا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه السامي ليوم 14 أكتوبر 2022 بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحالية، والذي دعا فيه إلى "اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة والتحلي بروح التضامن والفعالية ". كما أكد جلالته على " ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء وإعادة استخدام المياه العادمة ". 
 
وأشار الوزير، إلى ضرورة الاشتغال على تطوير وتحيين التشريعات ووضع الاستراتيجيات والمخططات الاستباقية لتوفير الموارد المائية الضرورية، وذلك لمواكبة التنمية السوسيو اقتصادية لبلادنا على المدى القريب والمتوسط والبعيد، في ظل التحديات والإكراهات الحالية والمستقبلية المتعلقة بارتفاع الضغط وتزايد الطلب على الماء.
 
وقال بركة إن المعرض الجهوي للماء، يعتبر أرضية لحوار جهوي حول التوجهات الاستراتيجية وكذا اقتراح أفكار وتوصيات في هذا الشأن من أجل مواصلة الجهود التي يبذلها المغرب في التدبير المندمج والعقلاني والمستدام للموارد المائية.
 
واعتبر الوزير جهة طنجة-تطوان-الحسيمة التي تمتد على مساحة تقدر ب 17262 كلم2، من بين أبرز الجهات المغربية التي سجلت إقلاعا اقتصاديا، لما تزخر به من مؤهلات مهمة، مكنتها من المساهمة بحوالي 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، محتلة بذلك المرتبة الثالثة على الصعيد الوطني، مما مكن من تحقيق تنمية اجتماعية بفضل الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، والسياسات العمومية التي ساهمت إلى حد كبير في تقليص الفوارق الترابية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
 
وأضاف نزار بركة، أن هذه الجهة أصبحت تتوفر على بنيات تحتية مهمة تتجلى أهمها في ميناء طنجة المتوسطي وفي سدود كبرى ومتوسطة وصغرى و طرق سيارة وتهيئة أراضي فلاحية ومنشآت صناعية وسياحية، ساهمت كلها في تنمية وإعطاء قيمة مضافة ميزتها عن باقي الجهات، وجعلت منها قطب اقتصادي رائد في المملكة، مما تستوجب مواكبة قطاع الماء لسد حاجياتها المائية.
 
وكشف الوزير، أن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتوفر على موارد مائية مهمة، مقارنة مع باقي مناطق المملكة، حيث تقدر ب 3.6 مليار متر مكعب منها 3.4 كمياه سطحية، تشكل 20% من الموارد المائية السطحية على الصعيد الوطني. وتقدر حصة الفرد السنوية من الواردات المائية ب 1026 متر3 في السنة. معتبرا أن هذه الحصة تبقى مرتفعة مقارنة مع المعدل السنوي الوطني الذي يقارب 606 متر3 للفرد في السنة. غير أنها تتميز بعدم الانتظام في الزمان والمكان. مما يستوجب التدبير العقلاني وتثمين هذه الموارد المائية.
 
وأشار الوزير إلى أن تنظيم هذا المعرض الذي يقام تحت شعار " الماء بين الحكامة والتراث والابتكار "، يعتبر فرصة لعرض وتبادل الخبرات والمعارف والمكتسبات وكذا التقنيات الجديدة في مجال الاقتصاد في الماء وتحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة وغيرها، بين جميع الفاعلين والمختصين في تدبير الموارد المائية، مع اشراك فعاليات المجتمع المدني. وذلك حرصا على توعية وتحسيس المواطنين ومستعملي المياه بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استعمالها، عبر تمكينهم من المعاينة المباشرة لعدد من الاروقة المتعددة الاختصاصات. 
 
وأضاف بركة، أن الندوات المنظمة على هامش هذه التظاهرة تشكل فرصة لإبراز المجهودات المبذولة في هذا المجال وتقريبها من المواطنين.
 


من جهته أشاد بوشتى المومني رئيس جامعة عبد المالك السعدي بالدور الكبير الذي يقوم به وزير التجهيز والماء، نزار بركة، من أجل تنزيل السياسات الحكومية الكفيلة بتحقيق الأهداف الوطنية في مجال ترشيد استعمال الماء وتثمينه وتوفير وسائل تعبئته بشكل مستدام؛ وقد كان للحملة التوعية الأخيرة التي أطلقتها الوزارة تحت شعار"لا للتبذير؛ نعم للاستهلاك المسؤول"، أثرا كبيرا في نفوس المواطنين، وإشعارهم بالحاجة إلى الاستعمال المعقلن لهذه الثروة الحيوية.
 
ونوه المتحدث عاليا بالدور الرفيع الذي تضطلع به السلطات الجهوية والمحلية في تعزيز مسار البحث في سبل تجاوز كل الإكراهات ذات الصلة بانشغالات الساكنة وأنشطتها فيما يتعلق بتوفير الماء وتوزيعه وتدبيره. 
 
وقال المومني إن الماء يشكل عصب وأصل الحياة وجوهر النشاط الإنساني وأساس الدورة الاقتصادية. موضحا أن المملكة المغربية منذ الاستقلال إلى الآن تفطنت بفعل الرؤى الملكية الثاقبة إلى الأهمية القصوى لهذا المورد الطبيعي الثمين الذي لا يمكن بدونه ضمان دورة الحياة الطبيعية وتحقيق الأمن الغذائي والتطور الصناعي والاقتصادي. 
 
وأبرز المتحدث، دور وفضل جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله في إعطاء الأولوية لهذه المادة الحيوية من خلال تشييد العديد من السدود الكبرى التي جنبت المملكة المغربية انعكاسات التقلبات المناخية وضمنت لها أمنها المائي والغذائي ومن ثم استقرارها الاجتماعي، ومكنتها من انتهاج عدد من المخططات التي أهلتها أن تكون في طليعة الدول الإفريقية التي طورت صناعاتها الغذائية، كما مكنتها من تطوير اقتصادها على أسس الفلاحة والصناعات المواكبة لها في مرحلة كانت أغلب الدول توجه مخططاتها الاقتصادية نحو الصناعات الثقيلة على حساب أمنها الغذائي وبعيدا عن التنمية المستدامة التي أرادها المغرب اليوم بفضل إرادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله خيارا استراتيجيا يعكس التزام المملكة المغربية بقضايا البيئة والمناخ وبالأهداف الكونية للتنمية المستدامة.
 
وأوضح رئيس الجامعة، أن المملكة المغربية تتمتع بخبرة دولية في مجال تدبير المياه وتعبئتها والتي تندرج جميعها في إطار المخطط الوطني للماء الذي يروم ترجمة التوجيهات الملكية إلى سياسات ناجعة تمكن المغرب من التغلب على شح المياه وندرة التساقطات وتطوير البنى التحتية الكفيلة بتثمين الماء واستدامته في وسط بيئي يحظى في أحسن الأحوال بتساقطات مطرية تصل إلى 800 ملم شمال المملكة، وفي أقسى الحالات إلى 50 ملم جنوب المملكة. مع العلم أن معدل التساقطات المطرية السنوية على المستوى الوطني لا تتجاوز 140 مليار متر مكعب. 
 
وأشار المومني، إلى دور المجلس الأعلى للماء والبيئة الذي أسسه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني رحمه سنة 1981، في إحداث الإطار التشريعي الذي يسمح بمواكبة سياسة المملكة في إطار أمنها المائي مع تنامي التهديدات البيئية وندرة المياه على المستوى الكوني. مؤكدا أن المملكة المغربية باتت تتمتع بترسانة قانونية مستحدثة ومهمة في مجال الماء؛ خاصة القانون رقم 36.15 والقانون 30.15.
 
وأوضح المتحدث، أن خطب جلالة الملك حول مواضيع الماء والبيئة والمناخ تشكل إطارا مرجعيا لوضع سياسات ناجعة للحفاظ على المقدرات الوطنية، وتبني أنجع السبل لاستدامتها وتعبئتها في إطار المسؤولية الوطنية، والالتزام الدولي بأهداف التنمية وعلى رأسها الهدف السادس حول المياه النظيفة والنظافة الصحية. 
 
وأكد المومني على أن خطاب جلالة الملك محمد السادس حول الأهمية القصوى للحفاظ على الماء، الذي ألقاه في افتتاح الجلسة التشريعية المنصرمة بالبرلمان، قد وضع الأمور في نصابها ونبه إلى واجب ترشيد استعمالات المياه بجميع مصادرها مع استثمار التجارب التي راكمتها المملكة على مدى عشرات السنوات. يقول المنطوق الملكي السامي:"إن الحالة الراهنة للموارد المائية، تسائلنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين، وتقتضي منا التحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل معها، ومعالجة نقط الضعف، التي تعاني منها. فقد أصبح المغرب يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي. ولا يمكن حل جميع المشاكل، بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة، رغم ضرورتها وأهميتها البالغة. لذا، ندعو لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية". انتهى المنطوق الملكي السامي.
 
وأعرب بوشتى المومني أن جامعة عبد المالك السعدي عازمة على إيلاء جميع قضايا التنمية المستدامة الاهتمام البالغ على مستوى البحث العلمي وعلى مستوى التكوينات. مؤكدا على إحراز الأخيرة مراتب مشرفة جدا على المستوى الوطني بفضل تضافر جهود الباحثين، فيما يتعلق بالأبحاث المرتبطة بالمياه النظيفة والحياة تحت الماء. 
 
وأوضح المومني، أن موقع جامعة عبد المالك السعدي الجغرافي يتماشى مع هذه الأهداف التي تبرز أهميتها في سياقات غير مستقرة مناخيا وتتسم بشح التساقطات وتزايد الطلب على الطاقة. كما أن مختبراتها البحثية والعلمية تعمل على مواكبة جميع مشاريع البحث التي من شأنها مواكبة التوجهات الوطنية في مجال الماء والطاقة البديلة واستدامة المقدرات الطبيعية.
 
وقال المومني، في السياق ذاته، إن مدينة العرائش تعتبر فضاء مناسبا لاحتضان مثل هذه المبادرات التشاركية التي تروم الانخراط في تعبئة المجتمع المدني والبنيات المؤسساتية الفاعلة فيه، للحفاظ الأمثل على الماء. 
 
وأضاف المتحدث، أن موضوع الماء في علاقته بمدينة العرائش يدفع المهتم بالشأن إلى تعقب مختلف الحضارات العريقة التي تعاقبت على هذه المنطقة، فأثرت فيها وأغنت الإرث الحضاري الوطني عبر تاريخ المملكة الشريفة، علاوة على تميزها بشريط ساحلي، وحوض مائي "اللوكوس" الذي يعد صمام أمان للصناعة الفلاحية والإنتاج الزراعي على مستوى الجهة وعلى المستوى الوطني،.
 
وفي ختام كلمته، عبّر بوشتى المومني عن امتنانه وشكره لجميع المسؤولين والفاعلين والباحثين، ولوزارة التجهيز والماء ومن خلالها وكالة حوض اللوكوس على تنظيم هذا المعرض بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي؛ معتبرا أنه مبادرة تأتي في وقتها المناسب استجابة للإرادة الملكية للنهوض بالسياسة المائية والطاقية بالمغرب.
 
 
 



في نفس الركن