2024 يناير 9 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب واحة الحريات والتعايش الديني في محيط من التطرف

ضمن‭ ‬رؤية‭ ‬وقائية‭ ‬واستباقية‭ ‬لتعزيز‭ ‬أمنه‭ ‬الروحي..


نموذج‭ ‬فريد‭ ‬يحتذى‭ ‬للحرية‭ ‬الدينية

‬*العلم الإلكترونية: سعيد‭ ‬الوزان‭*

سلط‭ ‬إبقاء‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجزائر‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يتعين‭ ‬مراقبتها‭ ‬بسبب‭ ‬ارتكابها‭ ‬أو‭ ‬تسامحها‭ ‬مع‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬للحرية‭ ‬الدينية‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬الديني‭ ‬وإرساء‭ ‬أسس‭ ‬الحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬والإنساني‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المذاهب‭ ‬والأطياف‭ ‬والحساسيات‭ ‬الدينية،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬المملكة‭ ‬منارا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬ونموذجا‭ ‬فريدا‭ ‬يحتذى‭ ‬للحرية‭ ‬الدينية‭ ‬بفضل‭ ‬سياساتها‭ ‬الدينية‭ ‬المنتهجة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬

ورغم‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬طويل‭ ‬مشوب‭ ‬بالنجاحات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عديد‭ ‬الانتقادات‭ ‬تطال‭ ‬بعض‭ ‬النقائص‭ ‬التي‭ ‬تطبع‭ ‬سياساتها‭ ‬الدينية،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التطرف‭ ‬الديني،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬تقرير‭ ‬للمعهد‭ ‬المغربي‭ ‬لتحليل‭ ‬السياسات‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأمنية‭ ‬الناجحة‭ ‬المتخذة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬السلطات‭ ‬المعنية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تظل‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬بالمطلق‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬برنامج‭ ‬شامل‭ ‬لمكافحة‭ ‬التشدد‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬عبر‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬السجناء‭ ‬السابقين‭. ‬

ودعا‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬شاملة‭ ‬للتصدي‭ ‬للتطرف‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬عبر‭ ‬درء‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬إنما‭ ‬أيضا‭ ‬عبر‭ ‬معالجة‭ ‬الأسباب‭ ‬العميقة‭ ‬للتشدد،‭ ‬مثل‭ ‬غياب‭ ‬المساواة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والسرديات‭ ‬الدينية‭ ‬المتطرفة‭. ‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الإشعاع‭ ‬الديني‭ ‬للمملكة‭ ‬قال‭ ‬المعهد‭ ‬إن‭ ‬إنشاء‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعلماء‭ ‬الأفارقة‭ ‬خطوة‭ ‬استراتيجية‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬تنزيل‭ ‬وترجمة‭ ‬الرؤية‭ ‬المغربية‭ ‬للعمل‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عديد‭ ‬الصعوبات‭ ‬والإكراهات‭ ‬الميدانية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تعترضها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬إرساء‭ ‬هياكلها‭ ‬وتفعيل‭ ‬مخططاتها‭ ‬وبرامج‭ ‬عملها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ ‬تحديات‭ ‬ترتبط‭ ‬أساسا‭ ‬بنوعية‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬تعتمده‭ ‬بهدف‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬إشعاعها‭ ‬وجاذبيتها‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنافسيتها‭ ‬الإقليمية‭.‬

واَضاف‭ ‬المصدر‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬مبكرا‭ ‬لتقييم‭ ‬أدائها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬الدينية‭ ‬للمغرب‭ ‬بإفريقيا،‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬باقي‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬الأخرى،‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬دائما‭ ‬وفق‭ ‬مسار‭ ‬خطي‭ ‬مستقيم‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬ينحو‭ ‬مسارا‭ ‬تجريبيا‭ ‬لولبيا،‭ ‬تمليه‭ ‬إكراهات‭ ‬ومعطيات‭ ‬الواقع‭ ‬الميداني‭ ‬المعقد‭ ‬الذي‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬إطاره‭ ‬هذه‭ ‬السياسة،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تحدده‭ ‬قدرة‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬وكفاءة‭ ‬الفاعل‭ ‬المؤسسي‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬الفعّال‭ ‬والناجع‭ ‬مع‭ ‬معطيات‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬وتجاوز‭ ‬إكراهاته‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الموارد‭ ‬والإمكانات‭ ‬المتاحة‭.‬

وعرج‭ ‬المعهد‭ ‬المذكور‭ ‬على‭ ‬التجربة‭ ‬المغربية‭ ‬الرائدة‭ ‬التي‭ ‬رسمتها‭ ‬استراتيجيته‭ ‬الجديدة‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تصدير‭ ‬تجربته‭ ‬في‭ ‬مجال"‬الأمن‭ ‬الروحي‮" ‬نحو‭ ‬العمق‭ ‬الإفريقي،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬تحولها‭ ‬الجوهري‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬انتقالها‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬دبلوماسية‭ ‬روحية‮»‬‭ ‬تعتمد‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية‭ ‬كقناة‭ ‬لإنعاش‭ ‬الإشعاع‭ ‬الروحي‭ ‬للمغرب‭ ‬بإفريقيا،‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬دينية‭ ‬مهيكلة‭ ‬عابرة‭-‬للحدود‭ ‬الوطنية،‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭ ‬تعكس‭ ‬حصول‭ ‬تطور‭ ‬جوهري‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كثافة‭ ‬العمل‭ ‬الديني‭ ‬وتنويع‭ ‬أدوات‭ ‬اشتغاله‭ ‬والفاعلين‭ ‬المتدخلين‭ ‬فيه‭ ‬وإعادة‭ ‬رسم‭ ‬مجالات‭ ‬تدخله‭ ‬وطريقة‭ ‬توظيفه‭.‬

وأوضح‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬تراهن‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الدينية‭ ‬الجديدة‭ ‬نحو‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ثلاث‭ ‬أهداف‭ ‬رئيسية،‭ ‬أولها‭ ‬يتعلق‭ ‬بتجسيد‭ ‬المقاربتين "‬الوقائية‮"‬ و"الاستباقية" ‬لحماية‭ ‬أمنها‭ ‬القومي،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬رؤية‭ ‬متسعة‭ ‬تربط‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬للمملكة‭ ‬بمحيطه‭ ‬الإقليمي،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬إستراتيجيات‭ ‬مواجهتها‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬آخر‭ ‬يتعلق‭ ‬بحماية‭ ‬الأقليات‭ ‬الدينية،‭ ‬خلصت‭ ‬أطروحة‭ ‬دكتوراه‭ ‬نوقشت‭ ‬حديثا‭ ‬أن‭ ‬المسيحيين‭ ‬والبهائيين‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬أكثر‭ ‬سلبية‭ ‬تجاه‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬وتقنينها،‭ ‬عكس‭ ‬المستجوبين‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬رضاهم‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬

وأبرز‭ ‬البحث‭ ‬الجامعي‭ ‬المذكور‭ ‬الأقليات‭ ‬الدينية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬المسيحيين‭ ‬والبهائيين‭ ‬المغاربة‭ ‬يواجهون‭ ‬تحديات‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مستويات،‭ ‬منها‭ ‬التحديات‭ ‬الدينية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والقانونية،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬إقرارهم‭ ‬
بما‭ ‬وصفوه‭ ‬هبوب‭ ‬رياح‭ ‬تغيير‭ ‬تعيشه‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحريات‭ ‬الدينية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬



في نفس الركن