2025 شتنبر 15 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب يطلق قانون 46.21: نقلة نوعية في تنظيم مهنة المفوضين القضائيين


العلم الإلكترونية - محمد الحبيب هويدي 
 
دخل حيز التنفيذ القانون رقم 46.21 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، ليحل محل القانون السابق رقم 81.03 الذي ظل سارياً منذ مطلع الألفية. ويعكس هذا النص الجديد، الذي ارتفع عدد مواده إلى 175 مادة بعدما كانت لا تتجاوز 59 مادة في النص القديم، حجم التحولات العميقة التي عرفتها المهنة في إطار إصلاح منظومة العدالة بالمغرب.
 
ويعتبر المفوض القضائي أحد أبرز أعوان القضاء، إذ يضطلع بدور حاسم في التبليغ وتنفيذ الأحكام القضائية وإنجاز محاضر المعاينات، ما يجعله صلة وصل أساسية بين المحاكم والمتقاضين. ومن ثم فإن تحديث هذه المهنة يشكل إحدى الدعائم الرئيسية لتكريس عدالة ناجزة وفعالة.
 
القانون الجديد أرسى مجموعة من المقتضيات التي توسع من صلاحيات المفوضين القضائيين وتمنحهم مكانة أوضح داخل النسق القضائي. فقد تم توسيع نطاق اختصاصهم المكاني ليشمل حدود محكمة الاستئناف، ومنحهم صلاحية إنجاز محاضر الاستجواب بناءً على أوامر قضائية، في حين صار بإمكانهم أيضاً الإشراف على إجراءات التنفيذ العقاري وعمليات الإفراغ شريطة توفر خمس سنوات من الأقدمية وسجل مهني نظيف، وبترخيص من وزارة العدل. كما أصبح بإمكانهم القيام بعروض الوفاء والإيداع إما بطلب مباشر من المعنيين أو بأوامر قضائية، وهو ما يرسخ دورهم في تسوية النزاعات وتسهيل المساطر.
 
وعلى مستوى شروط الولوج إلى المهنة، تم تخفيض السن الأدنى للترشح إلى 21 سنة بدل 25، مع رفع المؤهل العلمي المطلوب من الكتّاب المحلفين إلى الإجازة في القانون أو الشريعة، دون المساس بالحقوق المكتسبة سابقاً. كما أقر القانون إلزامية التكوين المستمر، مع اعتبار التخلف عنه بدون مبرر مخالفة مهنية، وهو ما يعكس توجهاً نحو الرفع من الكفاءة والاحترافية داخل القطاع. ومن أبرز المستجدات أيضاً توسيع الحماية القانونية للمفوضين القضائيين لتشمل كُتّابهم المحلفين أثناء أداء مهامهم، وذلك لمواجهة المخاطر والاعتداءات التي قد يتعرضون لها خلال ممارسة عملهم. أما بعد بلوغ سن السبعين، فقد ألزم النص المفوض القضائي بتقديم شهادة طبية من المصالح الصحية العمومية تثبت أهليته لمزاولة مهامه، وإلا يكون عرضة للإعفاء.
 
إلى جانب هذه المقتضيات، أدخل القانون تعديلات على الهيئات التمثيلية للمفوضين القضائيين سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، وهو ما سيعيد صياغة العلاقة بين هذه الهيئات والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل، في أفق تعزيز الحكامة داخل المهنة.
 
هذه المستجدات تعكس إرادة المشرع في تحديث المهنة وإعادة الاعتبار إليها باعتبارها إحدى ركائز العدالة، لكنها في المقابل تطرح تحديات على أرض الواقع، سواء فيما يتعلق بقدرة المفوضين القضائيين على مواكبة متطلبات التكوين المستمر، أو بمدى فعالية آليات التأطير والمراقبة التي ستسهر على تنزيل المقتضيات الجديدة. كما يثير القانون أسئلة حول استقلالية الهيئات المهنية ومدى توازن صلاحياتها مع باقي الفاعلين في المنظومة القضائية.
 
ومهما تكن هذه التحديات، فإن دخول القانون 46.21 حيز التنفيذ يعد محطة مفصلية في مسار تحديث قطاع العدالة بالمغرب، ويشكل خطوة متقدمة نحو تعزيز ثقة المواطن في القضاء من خلال تسريع وتيرة تنفيذ الأحكام، وتحسين جودة الخدمات المرتبطة بالمرفق القضائي.
 



في نفس الركن