تتوالى المؤشرات الدالة على أن النظام الجزائري في حالة من الذعر والارتباك والتخبط لم يمر بها من قبل بهذه الدرجة من الحدة والتأثير على الأوضاع في الداخل، وعلى علاقاته الخارجية. وجاءت الرسالة الخطيرة التي سربها الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال، من سجنه بالجزائر، فضح فيها ديكتاتورية النظام الجزائري، والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات في حق مبادئ حقوق الإنسان، جاءت هذه الرسالة التي نشرتها الصحافة الفرنسية والتي كشفت عن أسرار الحكم في البلد الجار، بمثابة قنبلة انفجرت في وجه النظام الاستبدادي، ومفاجأة لم يكن يتوقعها. فقد دعا صاحب الرسالة الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات ، الشعب الجزائري إلى مواصلة الصمود في وجه الديكتاتورية ، وعدم تفويت الفرصة المتاحة الآن للتنديد بالسياسة الاستبدادية، وللتعبير عن الرأي الوطني الواحد ضد العصابة التي تحكم الجزائر، حسب عبارته . وهو نداء من قلب السجن إلى استئناف الحراك السياسي الذي يعبر الشعب من خلاله عن رفضه للحكم القائم، وعن مطالبه بالتغيير و محاسبة المسؤولين الذين أوصلوا البلاد إلى الوضع المتأزم الحالي.
لقد وجد النظام الجزائري نفسه أمام المجهول، حينما تزايد الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوالى الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي، خاصة بعد الإعلان الرسمي عن الموقف السيادي لفرنسا وبريطانيا الداعم لعدالة قضية الصحراء المغربية، عقب تجديد الولايات المتحدة الأمريكية لموقفها المعترف بمغربية الصحراء والداعم لمخطط الحكم الذاتي، خلال الفترة القصيرة الماضية، آخرها الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، بمناسبة عيد العرش المجيد، والتي نزلت على حكام الجزائر كالصاعقة، وأربكت حساباتهم إرباكاً شديداً، ظهر في عديد من الحالات على المستويين الداخلي والخارجي، منها التصعيد الخطير في التوترات التي شابت العلاقات الجزائرية الفرنسية ووصلت إلى حد يقترب من القطيعة.
في هذه الأجواء من الذعر الشديد ومن المخاوف المرعبة التي تقض مضاجع حكام الجزائر، يعيش البلد الجار الشرقي، في وضع جد مضطرب، نتيجة لإفلاس الدولة، ولإخفاق دبلوماسيتها، ولانكشاف خططها الانفصالية، ولقيام أدلة كثيرة على رعايتها للإرهاب الذي تنخرط فيه ميليشيا البوليساريو التي تؤويها وتحميها فوق ترابها.وهو الأمر الذي يجعل الجزائر مذعورة ومصدومة تقف أمام المجهول.
وعندما تفتقد الدولة أسباب الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، تشرف على الإفلاس، وتوشك أن تكون معزولة عن العالم. وهذا هو التوصيف العلمي والسياسي أيضاً، للنظام الجزائري ، في هذه المرحلة التي تسبق التسوية السياسية النهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
فالجزائر في وضعها الحالي، على النقيض من المغرب، بما لا قياس عليه ، لأن المغرب واثق كل الوثوق من عدالة قضيته المركزية، ومطمئن منتهى الاطمئنان إلى قرب حل هذا النزاع الذي طال أمده، في إطار الأمم المتحدة، وإلى اقتراب موعد تنفيذ مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وإلى بشائر النصر التي أخذت تبدو في الأفق . وإلى ذلك فالمغرب صامد ثابت فوق صحرائه الجنوبية لا يريم ولا يتزعزع، يذود عن وحدته الترابية، و يبني النهضة الحضارية الكبرى في أقاليمه الجنوبية، وقبل أيام احتفل بذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب، بما يليق من مظاهر الاحتفال. وصمود المغرب على أرضه المحررة، هو صمود في مواقفه الدبلوماسية والسياسية الثابتة التي تدافع عن حقوقه المشروعة ومصالحه العليا وسيادته واستقلاله الوطني.