2025 يونيو/جوان 18 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب‭ ‬خامس‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭: ‬مسار‭ ‬تحول‭ ‬ونموذج‭ ‬إقليمي‭ ‬صاعد

الأزرق‭: ‬المغرب‭ ‬اختار‭ ‬مسار‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادي‭ ‬واع‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التبعية


العلم‭: ‬شيماء‭ ‬اغنيوة

كشف‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬عن‭ ‬تصنيفه‭ ‬المتوقع‭ ‬لأداء‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الإفريقية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬حيث‭ ‬حافظ‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬موقعه‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬أقوى‭ ‬عشرة‭ ‬اقتصادات‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬محتلا‭ ‬المرتبة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬بالأسعار‭ ‬الجارية‭.‬
وجاءت‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬الصدارة‭ ‬برقم‭ ‬قياسي‭ ‬بلغ‭ ‬410‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬رغم‭ ‬تحدياتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الداخلية،‭ ‬تلتها‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬مع‭ ‬347.3‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬نموها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬رغم‭ ‬معوقات‭ ‬التضخم‭ ‬وتقلبات‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭.‬
في‭ ‬المركز‭ ‬الثالث،‭ ‬ظلت‭ ‬الجزائر‭ ‬محافظة‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬مع‭ ‬ناتج‭ ‬محلي‭ ‬إجمالي‭ ‬متوقع‭ ‬يبلغ‭ ‬268‭.‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬مدعومة‭ ‬بتحسن‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات‭. ‬أما‭ ‬نيجيريا،‭ ‬الدولة‭ ‬الأكثر‭ ‬سكانا‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬فقد‭ ‬تراجعت‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬الرابع‭ ‬بـ‭ ‬188‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬مما‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬فجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬بين‭ ‬مواردها‭ ‬البشرية‭ ‬والطبيعية‭ ‬وأداء‭ ‬اقتصادها‭.‬
وسط‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات،‭ ‬يبرز‭ ‬المغرب‭ ‬كقوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬متوازنة‭ ‬وصاعدة،‭ ‬بدون‭ ‬نفط‭ ‬ولا‭ ‬غاز‭ ‬متوقعا‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬ناتجه‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬إلى‭ ‬165‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬متجاوزا‭ ‬دولا‭ ‬ذات‭ ‬موارد‭ ‬نفطية،‭ ‬مستندا‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادي‭ ‬استراتيجي‭ ‬يشمل‭ ‬قطاعات‭ ‬الصناعة،‭ ‬الخدمات،‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬والسياحة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬صرح‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بدر‭ ‬الزاهر‭ ‬الأزرق،‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ارتقاء‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬المرتبة‭ ‬الخامسة‭ ‬ضمن‭ ‬أقوى‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬بحسب‭ ‬توقعات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬يعزى‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬البنيوية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬المملكة‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬اختار‭ ‬مسار‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادي‭ ‬واع،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التبعية‭ ‬،‭ ‬معتمدا‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬واعدة‭ ‬كصناعة‭ ‬السيارات‭ ‬والطيران،‭ ‬السياحة،‭ ‬الفوسفاط،‭ ‬والطاقات‭ ‬المتجددة‭. ‬كما‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإصلاحات‭ ‬العميقة‭ ‬والدعم‭ ‬الدولي‭ ‬لعبا‭ ‬دورا‭ ‬حاسما،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬نيل‭ ‬المغرب‭ ‬ثقة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬العالمية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭. ‬وأضاف‭ ‬الزاهر‭ ‬الأزرق‭ ‬أن‭ ‬المرونة‭ ‬التي‭ ‬أظهرها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬المتتالية‭  ‬من‭ ‬الجائحة‭ ‬إلى‭ ‬التضخم‭ ‬والجفاف‭  ‬تعكس‭ ‬نجاعة‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وتيرة‭ ‬نمو‭ ‬مستقرة‭. ‬واختتم‭ ‬تصريحه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاستثمار‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬المتوسط،‭ ‬والقطار‭ ‬فائق‭ ‬السرعة،‭ ‬ومنطقة‭ ‬كازابلانكا‭ ‬المالية،‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬كقوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬إقليمية‭ ‬صاعدة‭ ‬بامتياز‭.‬
وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬المجهودات‭ ‬الملكية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬بذلها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لتحويل‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭. ‬فقد‭ ‬ركز‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬متقدمة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬مع‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬إصلاحية‭ ‬شاملة‭ ‬شملت‭ ‬تحديث‭ ‬التشريعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتحفيز‭ ‬الابتكار‭ ‬والتكنولوجيا‭.‬
وتعد‭ ‬المبادرات‭ ‬الملكية،‭ ‬مثل‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬الكبرى‭ ‬وبرامج‭ ‬التكوين‭ ‬المهني،‭ ‬ركائز‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬متين‭ ‬ومتنوع‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬التقلبات‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬المغرب‭ ‬تحت‭ ‬القيادة‭ ‬الملكية‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬جاذبيته‭ ‬أمام‭ ‬المستثمرين‭ ‬الأجانب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬إيجابا‭ ‬على‭ ‬تموقع‭ ‬المملكة‭ ‬ضمن‭ ‬صفوة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الإفريقية‭.‬
وأكد‭ ‬خبراء‭ ‬اقتصاديون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الترتيب‭ ‬يعكس‭ ‬تحولا‭ ‬جوهريا‭ ‬في‭ ‬نموذج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المغربي،‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬سابق‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭ ‬والمواد‭ ‬الأولية،‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬منتج‭ ‬ومتقدم‭ ‬يدمج‭ ‬بين‭ ‬الصناعة‭ ‬واللوجستيك‭. ‬كما‭ ‬أشاروا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والإصلاحات‭ ‬الهيكلية‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬جاذبية‭ ‬المملكة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬ما‭ ‬عزز‭ ‬موقعها‭ ‬القيادي‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الإفريقية‭.‬
وتكمل‭ ‬قائمة‭ ‬أقوى‭ ‬عشرة‭ ‬اقتصادات‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كينيا‭ (‬131.7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬إثيوبيا‭ (‬117.5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬أنغولا‭ (‬113.3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬كوت‭ ‬ديفوار‭ (‬94.5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬وغانا‭ (‬88.3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬بروز‭ ‬قوى‭ ‬اقتصادية‭ ‬جديدة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬الصناعي‭ ‬والتكنولوجي‭.‬
ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تتغير‭ ‬فيه‭ ‬طبيعة‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬نفطية‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قدراتها‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتحسين‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية،‭ ‬بهدف‭ ‬تقليص‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬وتحقيق‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستدام‭ ‬وشامل‭.‬
ويعتبر‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬مؤشرا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لحجم‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬بل‭ ‬يعكس‭ ‬أيضا‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬السياسات‭ ‬العامة،‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬والتموقع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬تصنيف‭ ‬المغرب‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬مساره‭ ‬التنموي‭ ‬المستقر‭ ‬والمتميز‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬حتمية‭ ‬للرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬الطموحة‭ ‬والمستدامة‭



في نفس الركن