العلم: نهيلة البرهومي
اختارت شركة «ONE» سادس أكبر ناقل بحري في العالم، المغرب لفتح خط تجاري جديد يربط بين المملكة وإسبانيا والبرتغال، بإطلاق خدمة ملاحية جديدة مع بداية شهر أكتوبر الجاري.
وأعلنت الشركة اليابانية، التي تتخذ من سنغافورة مقرا تنفيذيا وتدير عملياتها في أوروبا عبر موانئ رئيسية، أن الخط الجديد «SPM» يربط بين فالنسيا – لشبونة – الدار البيضاء، مع تشغيل رحلات نصف شهرية تنطلق من ميناء فالنسيا اعتبارا من 16 أكتوبر الجاري.
وأوضحت «ONE» أن الخدمة المستحدثة ستوفر تغطية إقليمية أوسع وحلولا لوجستية أكثر كفاءة، عبر ميناء فالنسيا الذي سيصبح مركزا للتبادل والربط مع الشبكة العالمية للشركة.
ويأتي إطلاق هذا الخط في سياق منافسة محتدمة بين كبريات شركات الشحن البحري العالمية. فبعد خروج «هاباغ-لويد» الألمانية من تحالف «Premier Alliance» والتحاقها بتحالف «Gemini Cooperation» مع «ميرسك» مطلع 2025، واصلت «ONE» تحالفها مع «يانغ مينغ» التايوانية و»HMM» الكورية الجنوبية، مع اتفاقيات لتقاسم السعة مع «MSC» السويسرية على خط آسيا-أوروبا.
وتسعى الشركة اليابانية ضمن خطة «ONE 2030» إلى رفع طاقتها التشغيلية إلى 3 ملايين حاوية مكافئة (TEU)، ما سيجعلها رابع أكبر مشغل عالمي بعد «MSC»، «ميرسك»، «CMA CGM» و»كوسكو».
في هذا السياق، يرى أمين سامي، الخبير والمحلل الاقتصادي أن هذا الربط سيمكن من خلق حوالي 1,200 إلى 1,800 منصب شغل، منبها في الوقت نفسه أن هذه الشراكة قد لا تخفض معدلات البطالة بشكل مباشر وسريع على المستوى الوطني، لكنها ستساهم في خلق فرص تشغيل مهمة بشكل غير مباشر.
وأوضح سامي في تصريح لـ»العلم»، أن تشغيل الخط نصف الشهري يفتح المجال أمام مئات مناصب الشغل المباشرة (عمّال الميناء، الخدمات اللوجستية، النقل المبرد، التخليص الجمركي)، إضافة إلى آلاف المناصب غير المباشرة في قطاعات مثل السيارات، النسيج، الصناعات الكيماوية والأغذية الموجهة للتصدير، وبالتالي فالأثر الأكبر هو في تحسين جاذبية المغرب كمنصة لوجستية صناعية، مما يدعم استدامة التشغيل ويعزز التنافسية.
وعن الأسباب الحقيقية وراء اختيار الشركة اليابانية للمغرب، أكد الخبير والمحلل الاقتصادي، أن ذلك راجع إلى مجموعة من العوامل الاستراتيجية، المتعلقة بالموقع الجغرافي، خاصة وأن الدار البيضاء تمثل بوابة بين أوروبا وإفريقيا، وممرًا رئيسيًا بعد اضطرابات طرق رأس الرجاء الصالح، إضافة إلى التكامل الصناعي، من خلال وجود سلاسل إنتاج متقدمة (سيارات، نسيج، أغذية، كيماويات) تحتاج خدمات نقل قصيرة وسريعة للأسواق الأوروبية، الاستقرار السياسي والاقتصادي مقارنة بدول الجوار، حيث يقدم المغرب بيئة أكثر استقرارا ووضوحا للاستثمار طويل الأمد، الرؤية المستقبلية المتمثلة في خلق الممرات الخضراء والبيئة الرقمية التي تتماشى مع أهداف الشركة اليابانية «ONE 2030».
وخلص إلى أن الخط سيحول الدار البيضاء إلى «صمام سريع» مع إيبيريا وشبكة ONE العالمية في توقيت حساس يعاد فيه تشكيل خرائط التحالفات والتكاليف الكربونية في أوروبا. وبالتالي فالمكسب الأكبر للمغرب لن يأتي من “الخدمة بحد ذاتها” بل من حزمة تكاملية، تتجلى في ممر رقمي/أخضر، تجميع أحجام القطاعات القابلة للنمو، تمكين لوجستيات مبردة سريعة مع حوكمة مخاطر التحالفات وتكاليف الانبعاثات.