2022 نونبر 22 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب‭ ‬يوجه‭ ‬رسائل‭ ‬غير‭ ‬مشفرة‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬وباريس‭

خفض‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الفرنكوفونية‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬


العلم الإلكترونية - سعيد الوزان

شكل‭ ‬الحضور‭ ‬المغربي‭ ‬الرسمي‭ ‬الباهت‭ ‬لأشغال‭ ‬القمة‭ ‬الفرنكفونية‭ ‬المنعقدة‭ ‬بتونس‭ ‬يومي‭ ‬20‭ ‬و21‭ ‬نونبر‭ ‬الجاري‭ ‬ضربة‭ ‬موجعة‭ ‬أخرى‭ ‬توجهها‭ ‬المملكة‭ ‬للدور‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفتور‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الحاد‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬السمة‭ ‬الأبرز‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وقررت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬خفضَ‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الفرنكوفونية‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬جربة‭ ‬التونسية‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى،‭ ‬حيث‭ ‬ترأس‭ ‬الوفد‭ ‬الرسمي‭ ‬المغربي‭ ‬السيدة‭ ‬نادية‭ ‬الحنوط،‭ ‬مديرة‭ ‬التعاون‭ ‬والعمل‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية،‭ ‬كإشارة‭ ‬بليغة‭ ‬غير‭ ‬مشفرة‭ ‬بعثتها‭ ‬الرباط‭ ‬لباريس‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬استيائها‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الفرنسية‭ ‬‮«‬المتذبذبة‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬زاد‭ ‬هوتها‭ ‬اتساعا‭ ‬أزمة‭ ‬التأشيرات‭ ‬وظهرت‭ ‬تجلياتها‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬التمثيل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬السفراء‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.   ‬

ويرى‭ ‬مراقبون‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬حضور‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعد‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬الرئيسية‭ ‬الوازنة‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الدول‭ ‬الفرنكفونية‭ ‬يبعث‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬إشارة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الفتور‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬تشهده‭ ‬العلاقة‭ ‬الفرنسية‭ ‬المغربية،‭ ‬مثلما‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬تونس،‭ ‬البلد‭ ‬المضيف‭ ‬،‭ ‬والذي‭ ‬اختار‭ ‬الاصطفاف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المصالح‭ ‬والأطماع‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬مع‭ ‬مجيء‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭.‬

وخلال‭ ‬هذه‭ ‬القمة،‭ ‬أقر‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬مانويل‭ ‬ماكرون‮»‬‭ ‬بالتراجع‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬لدى‭ ‬الشعوب‭ ‬المغاربية‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الوضع‭ ‬قبل‭ ‬20‭ ‬أو‭ ‬30‭ ‬عاما،‭ ‬مضيفا‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬على‭ ‬الهامش،‭ ‬جمعه‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬السفراء‭ ‬للفرنكفونية،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬مشروعا‭ ‬لاستعادة‭ ‬مكانة‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬مستخدميها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬لدى‭ ‬شعوب‭ ‬منطقة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭.‬

ولم‭ ‬يعرج‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬الجزر‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يعرفه‭ ‬الحضور‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬التاريخي‮»‬‭ ‬إفريقيا،‭ ‬مكتفيا‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬أفريقيا،‭ ‬حيث‭ ‬تستخدم‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‮»‬،‭ ‬معترفا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بأنه‭ ‬رغم‭ ‬النمو‭ ‬الديمغرافي‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬شهد‭ ‬تراجعا‭ ‬حادا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسجيل‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬مستخدمي‭ ‬لغة‭ ‬موليير‭.‬

ويناهز‭ ‬عدد‭ ‬المتحدثين‭ ‬بالفرنسية‭ ‬321‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حسب‭ ‬بيانات‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للفرنكفونية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تحتل‭ ‬الرتبة‭ ‬الخامسة‭ ‬ضمن‭ ‬اللغات‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارا‭.‬

ويرى‭ ‬ملاحظون‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬لم‭ ‬تتعامل‭ ‬بالجدية‭ ‬المطلوبة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬تراجعا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لوجودها‭ ‬في‭ ‬معاقلها‭ ‬التاريخية‭ ‬بالقارة‭ ‬السمراء،‭ ‬مفضلة‭ ‬التعامل‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬التعالي‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الإفريقية‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬حفيظة‭ ‬حلفاءها‭ ‬القدامى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ليتراجع‭ ‬نفوذها‭ ‬أمام‭ ‬أطراف‭ ‬وقوى‭ ‬جديدة‭ ‬حلت‭ ‬محلها،‭ ‬معتبرين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬حبيسة‭ ‬فكر‭ ‬يسير‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬بحزمة‭ ‬من‭ ‬العقوبات،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬سياسة‭ ‬تقليص‭ ‬التأشيرات‭.‬

كما‭ ‬عزا‭ ‬هؤلاء‭ ‬التراجع‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬الثقافة‭ ‬الفرنكوفونية‭ ‬إلى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستوعب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬النضج‭ ‬الفكري‭ ‬لدى‭ ‬ساسة‭ ‬إفريقيا‭ ‬وانخراطهم‭ ‬في‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الإنسانية‭ ‬يدفعانهم‭ ‬إلى‭ ‬التعامل‭ ‬ببراغماتية‭ ‬ولن‭ ‬يقبلوا‭ ‬بسياسات‭ ‬تنصّب‭ ‬نفسها‭ ‬وصيّة‭ ‬عليهم‭ ‬ولا‭ ‬تحترم‭ ‬كيانهم‭ ‬واختياراتهم‭. ‬

ومعلوم‭ ‬أن‭ ‬‮ «‬القمة‭ ‬الفرنكفونية‮» ‬‭ ‬عرفت‭ ‬مشاركة‭ ‬89‭ ‬دولة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المغرب،‭ ‬واختتمت‭ ‬دورتها‭ ‬الـ18‭ ‬التي‭ ‬أُقيمت،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬يومين‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬جربة‭ ‬التونسية،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬التواصل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التنوّع‭: ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬رافد‭ ‬للتنمية‭ ‬والتضامن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الفرنكفوني‮»‬،‭ ‬وتميزت‭ ‬بمشاركة‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الكندي،‭ ‬وكان‭ ‬مقررا‭ ‬عقدها‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليوز‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬المنصرم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬العاصفة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬تونس‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬انعقادها‭ ‬في‭ ‬موعدها‭ ‬المحدد‭.‬



في نفس الركن