2023 ماي 24 - تم تعديله في [التاريخ]

المنهج‭ ‬التعادلي‭ ‬دعامة‭ ‬للعدالة‭ ‬في‭ ‬بٌعديها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمجالي‭ ‬لبناء‭ ‬مغرب‭ ‬الغد


الافـتتاحية

 
كان‭ ‬المهرجان‭ ‬الجماهيري‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬نظمه‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬بمدينة‭ ‬وزان‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬إحياءً‭ ‬للذكرى‭ ‬التاسعة‭ ‬والأربعين‭ ‬لوفاة‭ ‬زعيم‭ ‬التحرير‭ ‬علال‭ ‬الفاسي،‬ مناسبة‭ ‬لتجديد‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬المنظومة‭ ‬الفكرية‭ ‬الرائدة‭ ‬لصاحب‭ ‬"النقد‭ ‬الذاتي"‭ ‬الكتاب‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬المغربية‭ ‬والعربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الإطلاق‬.  ‬ 

و‭‬فرصة‭ ‬مواتية‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬المضامين‭ ‬الثرة‭ ‬والأفكار‭ ‬الغنية‭ ‬والتوجهات‭ ‬السديدة‭ ‬التي‭ ‬أبدعها‬، ‬في‭ ‬براعة‭ ‬نادرة‭ ‬ونبوغ‭ ‬مبكر، ‬المفكر‭ ‬المستقبلي‭ ‬والمهندس‭ ‬الحضاري‭ ‬للنهضة‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬المستقلة‭‬، ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬الذي‭ ‬تجمعت‭ ‬فيه‭ ‬شروط‭ ‬النظرية‭ ‬والتطبيق‭‬، ‬في‭ ‬انسجام‭ ‬و‬تناغم‭  ‬قلما‭ ‬يجتمعان‭ ‬في‭ ‬شخصٍ‭ ‬واحد‭ ‬بلغ‭ ‬ما‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬سعة‭ ‬العلم‭ ‬وعمق‭ ‬الرؤية‭ ‬وشجاعة‭ ‬الرأي‭ ‬وبسالة‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مشروعه‭ ‬الفكري‭ ‬ذي‭ ‬الأبعاد‭ ‬المتعددة‭ . ‬


وهذه‭ ‬المعاني‭ ‬العميقة‭ ‬و‭ ‬الرؤى‭ ‬البعيدة‭ ‬،‭ ‬أبرزها‭ ‬‬الدكتور‭ ‬نزار‭ ‬بركة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الاستفلال، ‬في‭ ‬العرض‭ ‬المذهبي‭ ‬الممنهج‭ ‬الذي‭ ‬وفق‭ ‬في‭ ‬صياغته‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬الوافية‭ ‬البليغة‭ ‬والدالة، ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬بالمناسبة‭ ‬، ‬فأوضح‭ ‬في‭ ‬عبارات‭ ‬قوية، ‬أن‭ ‬العدالة‭ ‬المجالية‭ ‬إحدى‭ ‬ركائز‭ ‬الإصلاح‭ ‬المجتمعي‭ ‬للزعيم‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬،‭ ‬و‬جوهر‭ ‬تصوره‭ ‬للمشروع‭ ‬الوطني‭ ‬النهضوي‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬، ‬لاقتناعه‭ ‬الراسخ‭ ‬بدورها‭ ‬الأساسِ‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الشاملة‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬تتضمنه‭ ‬من‭ ‬إنصاف‭ ‬اجتماعي‭ ‬ومجالي‭‬، ‬و‭‬توفره‭ ‬من‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وتساوي‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة‭ ‬و‬الإسكان‭ ‬و‭‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬والتوزيع‭ ‬العادل‭ ‬للثروة‭ .‬وهذا‭ ‬مستوى‭ ‬رفيع‭ ‬من‭ ‬التحليل‭ ‬المنهجي‭ ‬لإحدى‭ ‬خاصيات‭ ‬المنهج‭ ‬الفكري‭ ‬للزعيم‭ ‬علال‭ . ‬


و‭‬إذا‭ ‬البعد‭ ‬التاريخي‭ ‬لهذا‭ ‬المنهج‭ ‬التعادلي‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أواخر‭ ‬العقد‭ ‬الرابع‭ ‬و‭ ‬أوائل‭ ‬العقد‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬وثيقة‭ ‬التعادلية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬أبدعها‭ ‬المفكر‭ ‬المجدد‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬،‭ ‬في‭  ‬11‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1963‭ ‬،‭ ‬تعد‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬تأصيلاً‭ ‬للنظرية‭ ‬التي‭  ‬بلورها‭ ‬في‭" ‬النقد‭ ‬الذاتي" وصاغها‭ ‬في‭ ‬أفكار‭ ‬بناءة‭ ‬رائدة‭ ‬بكل‭ ‬دلالات‭ ‬الكلمة‭ . ‬فهذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬التي‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬ذكرى‭ ‬تقديم‭ ‬وثيقة‭ ‬المطالبة‭ ‬بالاستقلال‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1944‭ ‬،‭ ‬تقدم‭ ‬مشروعاً‭ ‬مجتمعياً‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬نفَسٍ‭ ‬إصلاحي‭ ‬و‭ ‬وعي‭ ‬مبكر‭ ‬بمتطلبات‭ ‬مغرب‭ ‬الغد‭ ‬،‭ ‬باعتبار‭ ‬نبوغ‭ ‬الزعيم‭ ‬و‭ ‬رؤيته‭ ‬الاستشرافية‭ ‬و‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬ومسايرة‭ ‬التطورات‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬مآلاتها‭ ‬وتوجيه‭ ‬مساراتها‭ .‬وهذا‭ ‬ضربٌ‭ ‬بالغ‭ ‬التميز‭ ‬من‭ ‬استخلاص‭ ‬الدرس‭ ‬من‭ ‬وثيقة‭ ‬11يناير‭ ‬سنة‭ ‬1963‭ ‬،‭ ‬و‭‬استنباط‭ ‬الدلالات‭ ‬العميقة‭ ‬منها‭.


والحق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مراء‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬يشوبه‭ ‬لبس‭ ‬، ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬البعد‭ ‬الترابي‭ ‬عند‭ ‬الزعيم‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬،‭ ‬يحضر‭ ‬البعد‭ ‬المجالي‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجسد‭ ‬الطاقة‭ ‬الهائلة‭ ‬للاستشعار‭ ‬الاستشرافي‭ ‬الصادق‭ ‬والصافي،‭ ‬بضرورة‭ ‬إرساء‭ ‬عدالة‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومجالية‭ ‬مواطِنةٍ‭ ‬يسودها‭ ‬الإنصاف‭ ‬التنموي‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬للتأكيد‭‬، ‬أن‭ ‬المنهج‭ ‬التعادلي‭ ‬في‭ ‬بٌعديه‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬أثبت‭ ‬راهنيتَه‭ ‬و‬مرونتَه‭ ‬وتكيفًه‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬و‭‬انسجامه‭ ‬مع‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬وانتظاراتهم‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المنهج‭ ‬التعادلي‭ ‬دعامةً‭ ‬راسخةً‭ ‬للعدالة‭ ‬في‭ ‬شقيها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬و‭‬المجالي‭ ‬،‭ ‬رافعة‭ ‬للتنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭ .‬


و‭‬خلص‭ ‬‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬الحاشد‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأهداف‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬كافح‭ ‬زعيم‭ ‬التحرير‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تعكف‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقرار‭ ‬الضريبة‭ ‬التضامنية‭ ‬الرامية‭ ‬لإرساء‭ ‬عدالة‭ ‬ضريبية‭ ‬منصفة‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يعد‭ ‬،‭ ‬وبكل‭ ‬المقاييس‭ ‬،‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬للبرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفوارق‭ ‬،‭ ‬دعماً‭ ‬وتعزيزاً‭ ‬للمشروع‭ ‬التعادلي‭ ‬المنفتح‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬أبدعه‭ ‬بعبقرية‭ ‬فذة‭ ‬المفكر‭ ‬المجدد‭ ‬و‭ ‬المنظر‭ ‬المجتهد‭ ‬الزعيم‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬، ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬شهادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفكر‭ ‬العلالي‭ ‬يتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الحاضر‭ ‬و‬يستشرف‭ ‬المستقبل‭ ‬و‭‬يرسخ‭ ‬قواعد‭ ‬النهضة‭ ‬الحضارية‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ .‬

العلم



في نفس الركن