2025 أغسطس/أوت 11 - تم تعديله في [التاريخ]

النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬يطوق‭ ‬شعبَه‭ ‬بالعداء‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬


العلم الالكترونية

التدهور‭ ‬السريع‭ ‬الذي‭ ‬ينسف‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وفرنسا،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬أصله‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬الوعي‭ ‬للعلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الفرنسية‭ ‬باعتراف‭ ‬باريس‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬وبدعمها‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية،‭ ‬فإنه‭ ‬يشكل‭ ‬حالة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تنبني‭ ‬على‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العام،‭ ‬وتستند‭ ‬إلى‭ ‬مقاصد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬المتشنج‭ ‬العنيف‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬الجزائر‭ ‬تجاه‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬صححت‭ ‬موقفها‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء،‭ ‬وعادت‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة‭ ‬الذي‭ ‬تعرف‭ ‬دقائقه‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬بعض‭ ‬مراحله،‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬المتهور‭ ‬والمخالف‭ ‬للأعراف‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬يثبت‭ ‬بالقطع‭ ‬أن‭ ‬الأوهام‭ ‬التي‭ ‬يرددها‭ ‬حكام‭ ‬الجزائر‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يزعمون‭ ‬أنه‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬للشعب‭ ‬الصحراوي،‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬ذريعة‭ ‬مكشوفة‭ ‬لمعاكسة‭ ‬المغرب،‭ ‬ولتأليب‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬عليه،‭ ‬ولإطالة‭ ‬أمد‭ ‬النزاع‭ ‬الذي‭ ‬افتعلوه‭ ‬حول‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬للمغرب،‭ ‬وللنفخ‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الانفصالية‭ ‬‮«‬البوليساريو‮»‬‭ ‬وتبني‭ ‬أباطيلها‭ ‬ودعمها‭ ‬وإسنادها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يكشف‭ ‬اللعبة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الصحراويين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينازع‭ ‬بشأنه‭ ‬وغير‭ ‬قابل‭ ‬للتصرف‭ ‬فيه،‭ ‬وإنما‭ ‬يهمها،‭ ‬أولاً‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬التآمر‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭ ‬والتشويش‭ ‬عليه‭ ‬والإساءة‭ ‬إليه‭ ‬وضرب‭ ‬مصالحه‭ ‬وتزييف‭ ‬حقائق‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬والإضرار‭ ‬بوحدتها‭ ‬الترابية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬
 
لو‭ ‬كانت‭ ‬المغالطات‭ ‬التي‭ ‬تبني‭ ‬عليها‭ ‬الجزائر‭ ‬مواقفها‭ ‬الانفصالية‭ ‬المعادية‭ ‬للمغرب،‭ ‬لها‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬الصحة،‭ ‬لما‭ ‬وصلت‭ ‬في‭ ‬التهور‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬فرنسا،‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الانهيار‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬القطيعة،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬تدارك‭ ‬الأمور،‭ ‬وتنتبه‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬للمصير‭ ‬المتوقع‭. ‬ونقول‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬تحديداً،‭ ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬وما‭ ‬القيادة‭ ‬المدنية‭ ‬إلا‭ ‬واجهة‭ ‬للحكم‭ ‬الاستبدادي‭ ‬المفلس‭ .‬
 
إن‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بالعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وباريس‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المتأزم،‭ ‬هو‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الدولة‭ ‬الفرنسية‭ ‬تجاه‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬السيادي‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وعلى‭ ‬الدعم‭ ‬الكامل‭ ‬والمطلق‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬مما‭ ‬يعد‭ ‬إبطالاً‭ ‬للسياسة‭ ‬الجزائرية‭ ‬المعتمدة‭ ‬منذ‭ ‬نصف‭ ‬قرن،‭ ‬وإرباكاً‭ ‬لحسابات‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬ودليلاً‭ ‬قاطعاً‭ ‬على‭ ‬إفلاس‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية‭ ‬وانهيار‭ ‬أطروحتها‭ ‬وتداعي‭ ‬مزاعمها‭ ‬وفشل‭ ‬دبلوماسيتها‭ ‬فشلاً‭ ‬ذريعاً‭.‬
 
هذه‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬الجزائر‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تنحو‭ ‬المنحى‭ ‬الذي‭ ‬سارت‭ ‬عليه‭ ‬فرنسا،‭ ‬يراكم‭ ‬العداء‭ ‬الذي‭ ‬يطوق‭ ‬به‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬شعبَه‭ ‬الرافض‭ ‬لسياسة‭ ‬بلاده‭. ‬فإلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭ ‬هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الجزائرية‭ ‬الفرنسية؟‭ ‬ومن‭ ‬الخاسر‭ ‬ومن‭ ‬الرابح‭ ‬؟
 
والواقع‭ ‬أن‭ ‬الخاسر‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬بين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها‭ ‬مدفوعاً‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الخصومات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬إلا‭ ‬لتبدأ،‭ ‬وفي‭ ‬قلب‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬تمهد‭ ‬لتدمير‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الجزائري‭ ‬والفرنسي،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬عرفته‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬في‭ ‬الأزمنة‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬واهتزازات‭ ‬وتوترات‭ ‬وسلسلة‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬والأزمات‭ .‬
 
العقدة‭ ‬إذن،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المتصاعد،‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وباريس،‭ ‬هي‭ ‬الموقف‭ ‬الفرنسي‭ ‬السيادي‭ ‬من‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وعلى‭ ‬الدعم‭ ‬الموصول‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭. ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أذهل‭ ‬حكام‭ ‬الجزائر‭ ‬وقلب‭ ‬الطاولة‭ ‬في‭ ‬وجوههم،‭ ‬وأصابهم‭ ‬بالذعر‭ ‬الشديد،‭ ‬حتى‭ ‬صاروا‭ ‬يندفعون‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬تخلق‭ ‬العداء‭ ‬الذي‭ ‬يطوق‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ . ‬



في نفس الركن