2021 أكتوبر 31 - تم تعديله في [التاريخ]

باحثون وفاعلون إعلاميون يناقشون دور وسائل الإعلام في الممارسة الديمقراطية الانتخابية

في ندوة نظمها المنتدى المغربي للصحافيين الشباب: إجماع على الإكراهات المادية والمعنوية، التي طبعت عمل الصحافيين خلال استحقاقات 2021 في ظل جائحة كورونا.


العلم الإلكترونية - عبد الناصر الكواي
 
لعبتْ وسائل الإعلام بمختلف أصنافها، دورا مهما في مواكبة وتتبع العملية الانتخابية لثامن شتنبر 2021، وتم ذلك في سياق خاص تسمه جائحة كورونا وما طرحته من صعوبات على العمل الإعلامي المهني والمحترم للأخلاقيات، قبل هذه الاستحقاقات العامة وأثناءَها وبعدها.
فقد حرصت مؤسسات الإعلام كل حسب خصوصياتها وإمكانياتها، على دعوة المواطنين للمشاركة في هذه المحطة الديمقراطية، وذلك عبر التعريف بالبرامج الانتخابية وطريقة الاقتراع وفتح النقاشات العمومية... إلى جانب الخروج إلى الميدان في مختلف مناطق المغرب، فضلا عن مناقشة الإشكالات والرهانات المرتبطة بنتائج هذه الانتخابات.

غير أن عمل الصحافيات والصحافيين المهنيين خلال هذا الحدث المهم، لم يخلُ من إكراهات مادية وموضوعية، منها المشاكل المادية والاجتماعية التي عاشها جزء كبير من الجسم الصحافي المغربي بسبب تبعات الجائحة على النموذج الاقتصادي للمنشأة الصحافية، وضعف الإمكانات المتوفرة للمؤسسات الإعلامية من أجل تغطية شاملة تحترم القواعد والأخلاقيات، والمنافسة الشرسة من مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها من التحديات...

كل ذلك تطرق له في نقاش هادف لفيفٌ من المهنيين والمختصين، خلال ندوة نظمها المنتدى المغربي للصحافيين الشباب مساء الجمعة الأخير في الرباط، بعنوان: "دور وسائل الإعلام في الممارسة الديمقراطية الانتخابية".

سامي المودني: الصحافة المهنية تخدم الخيار الديمقراطي لبلادنا...

قال سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين والشباب، إن استحقاقات 08 شتنبر 2021، شكلت إحدى أهم محطات تاريخ المغرب، حيث شهدت تنظيم  الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية في يوم واحد، وأفرزت تجديدا شاملا لجميع المؤسسات والهيئات المنتخبة، بدءا من غرفتي البرلمان، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ومجالس الجهات وباقي الوحدات الترابية المحلية في جميع أنحاء البلاد، وهو ما استدعى تحقيق شروط عديدة، من بينها تغطية إعلامية مهنية ومحايدة وفعالة.

واعتبر المودني في كلمته بالمناسبة، أن خصوصية انتخابات ثامن شتنبر وضعت على عاتق الصحافيين ضرورة الإلمام بطبيعة وتفاصيل الإطار القانوني والسياسي الذي جرت فيه، خصوصا أن إجراءها اتسم بمتغيرات كبيرة همت الإطار القانوني. وبالإضافة إلى دور الصحافيين الرئيسِ في متابعة مسار العملية الانتخابية، فقد تحملوا مهمة ضمان التوازن بين مختلف الهيئات السياسية خدمةً للخيار الديمقراطي لبلادنا.

وأكد المتحدث، أن المنتدى المغربي للصحافيين الشباب يسعى من وراء تنظيم هذه الندوة، إلى فتح النقاش بشكل أوسع حول محور أشمل وهو التعددية السياسية في المغرب، من خلال إطار نظري بخصوص أدوار وسائل الإعلام في العملية الديمقراطية والممارسات الفضلى في هذا الشأن، وتقييم التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام المغربية لانتخابات ثامن شتنبر 2021، وفقا لرؤية شمولية تقف على المكتسبات والتحديات.

وشدد الإعلامي الشاب ذاته، على عدم إمكانية فصل دور الصحافة في تأمين تغطية إعلامية مهنية للانتخابات عن دورها في ضمان التعددية السياسية وتعددية تيارات الفكر والرأي، مؤكدا على أن هذا الدور لا ينفصل أيضا عن الالتزام بمبادئ الخدمة العمومية المتمثلة بالأساس في منح المواطنين أكبر قدر ممكن من المعلومات ذات الجودة، لتمكينهم من لعب دور نشيط في الحياة السياسية، والمساهمة في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن ممارسة دورهم في الرقابة على الشأن العام، كما توضح ذلك اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان في تعليقها رقم 34 بخصوص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

واستشهد المودني في هذا السياق، بالرسالة الملكية السامية إلى أسرة الصحافة والإعلام بمناسبة اليوم الوطني للإعلام بتاريخ 15 نونبر 2002، التي ذكر فيها الملك أن بلادنا اعتمدت التعددية السياسية خيارا لا رجعة فيه ومنهجا قارا لبناء مجتمعها الديمقراطي، مشددا على أن كل مواطن عليه أن يكتسب مقومات ثقافة الممارسة الديمقراطية التي نعمل جميعا على تشييدها، وهي مهمة تقول الرسالة الملكية إن الإعلاميين المهنيين يتحملون مسؤولية تاريخية من أجل تحقيقها إلى جانب الدولة ومع كافة الفاعلين في الحياة العامة.

وأشار المتحدث إلى أن مجابهة كل هذه التحديات المطروحة على المؤسسات والصحافيين و الفاعلين المجتمعيين، تقتضي الاسترشاد بالمقاربة التشاركية، وبكل ما أنتجناه من توصيات ومقترحات بالاستماع لكل فئات المجتمع.

وذكر بمخرجات لجنة النموذج التنموي في الشق المتعلق بالإعلام، من خلال تأكيدها على دور الصحافة في إضفـاء الشـفافية علـى الحيـاة العامـة، وضمان مسـتويات مـن الجـودة والمصداقيـة للسياسـات العموميـة، وأهميتها الكبيرة في إرساء معالم مجتمـع مفتـوح وتعـددي. ومن هنا تأتي حسب المودني، أهمية مقترح اللجنة في إحداث منصة للمعلومات والتحليل والنقاش العمومي تسـتجيب لمتطلبــات مهمــة الخدمــة العموميــة، مــع منحهــا هامشــا كبيــرا مــن الحريــة بشــرط ضمــان الجــودة واحتــرام الأخلاقيات.

وخلص صاحب الكلمة، إلى أن المشروع الذي تنظم في إطاره هذه الندوة، ينصب على إبراز مشاركة الصحافيين، باعتبارهم مدافعين عن حقوق الإنسان، ومختلف الجهات الفاعلة في قطاع الإعلام، في تعزيز الممارسة الديمقراطية، عبر التركيز على الدور الذي تلعبه الصحافة خلال التغطية الإعلامية للانتخابات، وذلك عبر:

-تعزيز المحتوى الإعلامي الذي يلتزم بأخلاقيات المهنة في التغطية الإعلامية للانتخابات.
-التأثير بشكل إيجابي على السياسات العمومية فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية للانتخابات.
-فتح النقاش العمومي حول الالتزام بأخلاقيات الصحافة في التغطية الإعلامية للانتخابات، ومشاركة المرأة فيها.

لطيفة أخرباش: ستظل الحاجة قائمة دائما للصحافي المهني...

من جهتها، وبعدما نوهت بعمل المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أكدت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، في كلمتها بهذه المناسبة "سنبقى دائما في حاجة إلى الصحافي المهني والمحترف، ولن تعوضه أي تقنية وأي دور...".
واقترحت المديرة السابقة للمعهد العالي للإعلام والاتصال، أربع أفكار من أجل تجويد الأداء الإعلامي في ما يخص الديمقراطية، مشيرة إلى ملاحظة الهاكا لوجود نقائص وإنجازات في هذه التغطية.

أولا: أي سبيل يمكننا أن نمضي فيه للرفع من أداء المؤسسات الإعلامية في تغطية الانتخابات بطريقة مجددة ومبتكرة؟
ثانيا: ما مدى تملك الفاعل السياسي لثقافة إعلامية ولمهارات تواصلية أصبحت من أساسيات تدبير الشأن العمومي؟ (لا يمكن للإعلام العمومي ألا يتوفر على هذه المهارة في الوقت الراهن أبدا) تقول أخرباش.
ثالثا: كيف يمكن تقوية موقع الكفاءات النسائية وتيسير ترقيهن داخل المنظمات السياسية والحزبية وحتى الجمعوية؟ مشيرة لوجود مشكل كبير في هذا الصدد.
رابعا: أي تصور عملي لتقوية تنافسية العرض المضاميني ذي الصلة بالانتخابات في الإعلام التقليدي -الإذاعة والتلفزة- ؟ مشددة على أن هذا لن يتم إلا عبر الاستكانة للفعل الصحافي كما هو، أي بواسطة الترافع على عناصر العمل الصحافي المهني ممثلة في الوثيقة والصدقية والتحاليل والتحقق ووضع الأخبار في سياقها الصحيح ومحاربة التضليل والأخبار الزائفة والالتزام بسمو الحقوق الإنسانية وما إلى ذلك...

واعتبرت رئيسة الهاكا، أن المحافظة على هوية الصافي المهني وتقويتها، تجعل الأداء يكون تنافسيا جدا، في ما يخص العرض الرقمي الشمولي، وتنافسي كذلك مع كل الآليات التي تجعل المواطن فاعلا، ولا يجب اعتبار التحول الرقمي خطرا وإنما فرصة لحرية التعبير والصحافة، لأنه يعطي للصحافة دفعة لتقوية نفعها الاجتماعي.

وأعربت الخبيرة الإعلامية ذاتها، عن قناعتها بأن دور الصحافي المهني في ظل التحول الرقمي، يتعزز في إرساء ثقافة ديمقراطية، ونشر الوعي السياسي، والحركة المواطنة، التي تحتاج دائما لصحافة الجودة والتحليل والنقاش الرصين، أكثر من حاجتها لمحاربة الهاشتاغ والبوز وسطوة الخوارزميات.

مايكل أنغليدو: مجلس أوروبا مهتم بحرية الرأي والتعددية في المغرب...

من جهته، أفاد رئيس مكتب مجلس أوروبا بالرباط، مايكل أنغليدو، بأن المجلس يولي أهمية كبرى لحرية التعبير والرأي والتعددية الإعلامية، مبرزا  وضع مشروع يرمي إلى النهوض بهذين المجالين في المغرب على شاكلة برنامج مشترك بين مجلس أوروبا والمملكة المغربية يمتد لأربعة أعوام. والمنتدى المغربي في هذا الصدد، شريك مهم للمجلس، حيث ساهم في تكوين 40 من الصحافيات والصحافيين الشباب.

وتابع أنغليدو خلال كلمته بالمناسة، أن الهدف من المشروع يتمثل خصوصا في تقوية الإطار القانوني والمؤسساتي الملائم لحرية التعبير، وتعزيز صحافة ذات جودة بمعايير أخلاقية ومهنية، ومن خلال هيئات تنظيم ذاتية فعالة.

وقال المسؤول الأوروبي، إنه مهمته بالمغرب انتهت وإنه سيكمل حياته كصحافي بدولة إفريقية، مذكرا بأن هذه الندوة جاءت في إطار شراكة جوار تجمع مجلس أوروبا مع المغرب على امتداد الفترة من 2018 إلى 2021، مشيرا إلى شراكة مستقبلية أخرى ستجمع الطرفين خلال الفترة بين 2022-2025 على أمل أن يتم خلالها العمل مع الصحافيين الشباب ومختلف وسائل الإعلام في المملكة، وذلك من أجل دعم الإطار القانوني والمؤسسي، وحرية الرأي والتعبير.

وأشار المتحدث، إلى عمل مجلس أوروبا على حماية حقوق الإنسان والأقليات في مختلف أرجاء العالم، موضحا أن المجلس قد تبنى عددا من المعايير تؤطر عمل الدول الأعضاء فيه، ومنها تغطية الانتخابات في وسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة ورقية وإلكترونية، مما يساهم في شفافية ومصداقية العملية الانتخابية ونتائج.

وذكر بقضايا تهم هذه العملية منها محاربة الأخبار الزائفة، خاصة في الإعلام الرقمي اعتبارا لاعتماد الأحزاب المشاركة في الانتخابات على هذا النوع من الإعلام على حساب وسائل الإعلام التقليدية بسبب تبعات جائحة كوفيد-19، وكذا الضغط الذي تمارسه منافسة مواقع التواصل الاجتماعي، وتهديدها لأخلاقيات المهنة.

وشارك في الندوة، إلى جانب أخرباش وإنغليدو، كل من نادية لمهيدي، الأستاذة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، وجون ماري كوت، خبير مستقل معتمد لدى مجلس أوروبا، وعبد اللطيف لمبرع، مدير الأخبار بالإذاعة الوطنية، وأيمن الزغدودي، مستشار قانوني للمنظمة الدولية غير الحكومية "المادة 19"، والمهدي علابوش، مدير عام منتدب للمجموعة الإعلامية "Horizon press"، ومحمد الزواق، مدير نشر موقع "يا بلادي"، وأحمد الأرقام، الصحافي بيومية "الصباح".

وقد عملت الشخصيات الإعلامية المشاركة في الندوة، على تقييم موضوعي للتغطية الإعلامية لانتخابات 8 شتنبر، وتسليط الضوء على جملة من الإكراهات التي اشتغل الصحافيون في ظلها، ومجموعة من التحديات التي تواجه المنشأة الإعلامية، خاصة ندرة الإشهارات والمنافسة غير المتكافئة من وسائل التواصل الإجتماعي، التي تستحوذ على نسبة 90 من حصة الإشهار.
 



في نفس الركن