2025 شتنبر 29 - تم تعديله في [التاريخ]

بعد‭ ‬انتظار‭ ‬طال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬عاما‭.. ‬أخيرا‭ ‬دخل‭ ‬قانون‭ ‬الإضراب‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ

عبد‭ ‬النبي‭ ‬صبري‭ ‬يشيد‭ ‬بالإيجابيات‭ ‬وينبه‭ ‬إلى‭ ‬السلبيات


العلم‭: ‬نهيلة‭ ‬البرهومي
 
 
شكل‭ ‬القانون‭ ‬التنظيمي‭ ‬رقم‭ ‬97‭.‬15‭ ‬المتعلق‭ ‬بتحديد‭ ‬كيفيات‭ ‬وشروط‭ ‬ممارسة‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الإضراب‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬أخيرا،‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تدبير‭ ‬حق‭ ‬دستوري‭. ‬فعلى‭ ‬مدى‭ ‬شهور‭ ‬وبعدما‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬الرسمية‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬أكمل‭ ‬القانون‭ ‬التنظيمي‭ ‬الأربعاء‭ ‬الأخير‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬ليدخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭.‬
 
‭ ‬ومنذ‭ ‬دخول‭ ‬القانون‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬توعدت‭ ‬بعض‭ ‬النقابات‭ ‬الحكومة‭ ‬بمواصلة‭ ‬الاحتجاج‭ ‬ضد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المضامين‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬واعتبرت‭ ‬النقابات‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬97‭.‬15‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تقييد‭ ‬حق‭ ‬الإضراب‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬وأثناء‭ ‬صياغته‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إشراك‭ ‬المركزيات‭ ‬النقابة،‭ ‬وتم‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬من‭ ‬الليل‭. ‬
 
في‭ ‬المقابل،‭ ‬أكدت‭ ‬الحكومة‭ ‬أنها‭ ‬تبنت‭ ‬مقاربة‭ ‬تشاركية‭ ‬لإخراج‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬القانوني،‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره‭ ‬لأزيد‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬عاما،‭ ‬وأن‭ ‬الغاية‭ ‬الأسمى‭ ‬منه‭ ‬هي‭ ‬تنظيم‭ ‬حق‭ ‬دستوري‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬كيفيات‭ ‬وشروط‭ ‬ممارسة‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الإضراب‭. ‬
 
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬عبد‭ ‬النبي‭ ‬صبري،‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬بجامعة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬الرباط،‭ ‬أن‭ ‬الإيجابي‭ ‬هو‭ ‬صدور‭ ‬قانون‭ ‬الإضراب،‭ ‬معتبرا‭ ‬أنه‭ ‬يحمل‭ ‬معطى‭ ‬سلبيا‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬صدوره‭. ‬
 
وأوضح‭ ‬صبري‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المغاربة‭ ‬ومنذ‭ ‬1962‭ ‬أي‭ ‬تاريخ‭ ‬صدور‭ ‬أول‭ ‬دستور‭ ‬مغربي،‭ ‬وهم‭ ‬ينتظرون‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬الدستور‭ ‬سالف‭ ‬الذكر‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬14‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حق‭ ‬الإضراب‭ ‬مضمون‭ ‬وسيصدر‭ ‬قانون‭ ‬تنظيمي‭ ‬يبين‭ ‬كيفية‭ ‬ممارس‭ ‬الحق‭. ‬وتابع‭: ‬‮«‬جاءت‭ ‬دساتير‭ ‬70ـ‭ ‬72ـ‭ ‬92ـ‭ ‬96‭ ‬ولم‭ ‬يصدر‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬التنظيمي،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬ولم‭ ‬يصدر‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬التنظيمي‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الولاية‭ ‬الحكومية‭ ‬التالية،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أنه‭ ‬دستوريا‭ ‬كان‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬خلال‭ ‬الولاية‭ ‬الحكومية‭ ‬السابقة‭ ‬تطبيقا‭ ‬لمنطق‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬جميع‭ ‬القوانين‭ ‬التنظيمية‭ ‬خلال‭ ‬الولاية‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تلي‭ ‬تطبيق‭ ‬دستور‭ ‬2011‮»‬‭.‬
 
وأفاد‭ ‬صبري،‭ ‬أن‭ ‬خروج‭ ‬النص‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬انفراجة‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬أول‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭ ‬أثيرت‭ ‬حوله‭ ‬هي‭ ‬غياب‭ ‬التوازن‭ ‬‮«‬بين‭ ‬الحقوق‭ (‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬الدستور‭) ‬والمطالب‭ (‬التي‭ ‬يطالب‭ ‬بها‭ ‬العموم‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الجمهور‭ ‬والنقابات‭ ‬والأحزاب‭ ‬والجمعيات‭..)‬‮»‬‭. ‬
 
وأشار‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬بجامعة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬بالرباط،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬مشكلة‭ ‬ستطرأ‭ ‬بعد‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬التعريف‭ ‬الضيق‭ ‬للإضراب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النص‭ ‬مسبوكا‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬ويعطينا‭ ‬تعريفا‭ ‬واسعا‭ ‬للإضراب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عدم‭ ‬الإضرار،‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تعريف‭ ‬واسع‭ ‬نفهم‭ ‬ونستشفه‭ ‬ويفهم‭ ‬منه‭ ‬المواطن‭ ‬وأرباب‭ ‬العمل،‭ ‬والعمال‭ ‬والموظفون‭ ‬والنقابات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والشركات‭ ‬والمقاولات‭ ‬العمومية‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬الإضراب،‭ ‬والذي‭ ‬يكون‭ ‬بالأساس‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬نيل‭ ‬مطالب‭ ‬معنوية‭ ‬مشروعة‭ ‬أو‭ ‬مادية،‭ ‬فحينما‭ ‬نتحدث‭ ‬مثلا‭ ‬عن‭ ‬إضراب‭ ‬عام،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬نتساءل‭ ‬اليوم‭ ‬هل‭ ‬سنسمع‭ ‬بـ‭(‬الإضراب‭ ‬العام‭) ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‮»‬‭. ‬
 
وفيما‭ ‬يهم‭ ‬إجراءات‭ ‬تطبيق‭ ‬الإضراب،‭ ‬اعتبر‭ ‬المتحدث،‭ ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬معقدة،‭ ‬مفسرا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬زادها‭ ‬تعقيدا‭ ‬هو‭ ‬إجبارية‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬التفاوض‭ ‬قبل‭ ‬الإضراب،‭ ‬متسائلا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬الضمانات‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬صوت‭ ‬عليها‭ ‬المشرع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬إجبارية‭ ‬التفاوض‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رفض‭ ‬المشغل‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬‮«‬تبرز‭ ‬علاقة‭ ‬التوازن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحق‭ ‬والواجب‮»‬‭. ‬
 
وحسب‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬فإن‭ ‬مسألة‭ ‬الوساطة،‭ ‬التي‭ ‬نص‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حسن‭ ‬النية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تصطدم‭ ‬بسوء‭ ‬النية‭ ‬عند‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬فاعلة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الأطراف‭ ‬متفقين‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭. ‬معتقدا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬تستجيب‭ ‬لمطالب‭ ‬النقابات‭ ‬في‭ ‬الحدود‭ ‬المقبولة‭ ‬فلا‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الإضراب‭ ‬من‭ ‬الأساس‮»‬‭. ‬
 
ونبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬يتحدث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬ممارسة‭ ‬حق‭ ‬الإضراب،‭ ‬ولا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تقييد‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬أو‭ ‬تعجيزه‭ ‬أو‭ ‬منعه،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬سيثير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬داخل‭ ‬الأوساط‭ ‬الحقوقية،‭ ‬مضيفا‭ ‬‮«‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬فائدة‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬سيحصر‭ ‬في‭ ‬النقابة‭ ‬الأكثر‭ ‬تمثيلية،‭ ‬وما‭ ‬مصير‭ ‬النقابات‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتمثيليات‮»‬‭. ‬ومثل‭ ‬ذلك‭ ‬بـ‮»‬‭ ‬الدستور‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬منع‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد‮»‬،‭ ‬وتساءل‭ ‬‮«‬هل‭ ‬المغرب‭ ‬سيلجأ‭ ‬إلى‭ ‬النقابة‭ ‬الوحيدة‮»‬‭. ‬
 
وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬يؤطر‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬والوظيفة‭ ‬العمومية،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬لهذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬توافق‭ ‬كبير‭ ‬ومقاربة‭ ‬تشاركية‭ ‬أكبر،‭ ‬وإشراك‭ ‬للخبراء‭ ‬والمهنيين‭ ‬والمعنيين‭ ‬بالأمر،‭ ‬حتى‭ ‬‮«‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬نص‭ ‬مسبوك‭ ‬جيد‭ ‬لا‭ ‬ضرر‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬ضرار‮»‬‭. ‬
 
وخلص‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬القانون‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬ستنضاف‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬الضامنة‭ ‬لتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬أعباء‭ ‬أخرى‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬النصوص‭ ‬غامضة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭. ‬داعيا‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬والنقابات‭ ‬وكل‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬إلى‭ ‬الطعن‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬دستورية‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬الدستور،‭ ‬والمادة‭ ‬29‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الإضراب‭ ‬وليس‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تقييده‭ ‬أو‭ ‬تحديد‭ ‬أنواعه‭. ‬



في نفس الركن