2025 دجنبر 1 - تم تعديله في [التاريخ]

تقرير‭ ‬كندي‭ ‬حديث‭ ‬يعيد‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭" ‬‮‬المغرب‭ ‬ـ‭ ‬نيجيريا‮"

سامي‭ :‬المشروع‭ ‬منح‭ ‬موريتانيا‭ ‬منفذا‭ ‬طاقيا‭ ‬جديدا‭ ‬وخفف‭ ‬من‭ ‬تبعيتها‭ ‬الأحادية‭ ‬لأي‭ ‬محور‭ ‬دبلوماسي‭ ‬آخر..



*العلم‭:‬ نهيلة‭ ‬البرهومي*

أعاد‭ ‬تقرير‭ ‬حديث‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬موقع‭ ‬‮ «‬جيوبوليتيكالمونيتور‮»‬‭ ‬ الكندي،‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬مشروع‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬العملاق‭‬ ‬‮«المغرب‭ ‬ـ‭ ‬نيجيريا‮»‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لموريتانيا‭ ‬الشقيقة.‬

وكشف‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعزيز‭ ‬حضور‭ ‬‮ «الدولة‭ ‬المغاربية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬الإقليمي‭ ‬وتحويل‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬من ‭ ‬‮«‬هامش‮»‬‭ ‬ إلى‭ ‬مركز‭ ‬ثقل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والمغرب‭ ‬العربي‭.‬

وأعاد‭ ‬التقرير‭ ‬تفاصيل‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬كمبادرة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬وأبوجا‭ ‬في‭ ‬دجنبر‭ ‬2016،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يمتد‭ ‬عبر‭ ‬مسار‭ ‬بحري‭ ‬يبلغ‭ ‬طوله‭ ‬حوالي‭ ‬5600‭ ‬كيلومتر‭ ‬بمحاذاة‭ ‬الساحل‭ ‬الغربي‭ ‬لإفريقيا،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬ربطه‭ ‬بخط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬المغاربي‭-‬الأوروبي‭.‬

وحدد‭ ‬التقرير‭ ‬الكندي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أهداف‭ ‬رئيسية‭ ‬للمشروع،‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬عوائد‭ ‬مالية‭ ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬الغاز‭ ‬النيجيرية‭ ‬الهائلة،‭ ‬تأمين‭ ‬وصول‭ ‬الغاز‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الكهرباء‭ ‬والصناعة،‭ ‬فتح‭ ‬ممر‭ ‬جديد‭ ‬لتصدير‭ ‬الغاز‭ ‬نحو‭ ‬الأسواق‭ ‬الأوروبية‭ ‬كبديل‭ ‬للهيدروكربونات‭ ‬الروسية‭.‬

وأكد‭ ‬الموقع‭ ‬أن ‭ ‬‮«‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬للمشروع‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬حيث‭ ‬الطلب‭ ‬قوي‭ ‬ومؤكد،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬أساساً‭ ‬تمويلياً‭ ‬أكثر‭ ‬مصداقية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالاعتماد‭ ‬الكلي‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬الأوروبي‮»‬‭.‬

واعتبر‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬أن‭ ‬دمج‭ ‬موريتانيا‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬عبر‭ ‬مذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬الموقعة‭ ‬منذ‭ ‬2022‭ ‬يضعها‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الهيكل‭ ‬السياسي‭ ‬للمشروع،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬موقع‭ ‬موريتانيا‭ ‬عند‭ ‬“مفصل‭ ‬الشمال”‭ ‬للساحل‭ ‬الغربي‭ ‬الإفريقي‭ -‬حيث‭ ‬يبدأ‭ ‬المسار‭ ‬بالانحراف‭ ‬نحو‭ ‬المغرب‭ ‬والمتوسط‭- ‬ويمنحها‭ ‬أهمية‭ ‬لوجستية‭ ‬وجيوسياسية‭.‬

وشدد‭ ‬المستند‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬موريتانيا‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الهندسة‭ ‬الطاقية‭ ‬يفتح‭ ‬لها‭ ‬قنوات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬ومنصات‭ ‬حوار‭ ‬كانت‭ ‬ستغيب‭ ‬عنها‭ ‬لولا‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬مما‭ ‬يضاعف‭ ‬وزنها‭ ‬الرمزي‭ ‬في‭ ‬منتديات‭ ‬“إيكواس”‭ ‬والمنطقة‭ ‬المغاربية،‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬اعتمادها‭ ‬الأحادي‭ ‬على‭ ‬الشراكات‭ ‬مع‭ ‬السنغال‭.‬

‮ ‬ونبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معادلة‭ ‬‮ «‬الكلفة‭ ‬والمنفعة‮»‬‭ ‬ تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬موريتانيا،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬استثمارات‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة،‭ ‬لكنها‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬مكاسب‭ ‬استراتيجية‭ ‬مباشرة،‭ ‬أبرزها‭ ‬الاستقلالية،‭ ‬والوضوح‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الطاقة‭ ‬المغاربية،‭ ‬وحجز‭ ‬مقعد‭ ‬أساسي‭ ‬ضمن‭ ‬مشاريع‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬الخبير‭ ‬والمحلل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أمين‭ ‬سامي،‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬اليوم‭ ‬وبفضل‭ ‬المشروع‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬دولة‭ ‬عبور،‭ ‬بل‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬للطاقة‭ ‬الأطلسية،‭ ‬وهو‮ ‬‭ ‬ما‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬اختيار‭ ‬دولة‭ ‬مغاربية‭ ‬شقيقة‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬أوراقها،‭ ‬والاصطفاف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرباط‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬‮«‬المغرب‭ ‬ـ‭ ‬نيجيريا‮»‬‭. ‬

وأوضح‭ ‬سامي،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬ثقل‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬نيجيريا‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ودول‭ ‬الساحل‭ ‬والضفة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وخروجه‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الممر‭ ‬التقني‭ ‬للغاز‭ ‬فقط،‭ ‬جعل‭ ‬موريتانيا‭ ‬التي‭ ‬انضمت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المخطط،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬مذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬في‭ ‬نواكشوط‭ ‬منذ‭ ‬2022،‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الرؤية‭ ‬الواضحة‭ ‬للمملكة،‭ ‬بل‭ ‬وتعتبر‭ ‬بلادنا‭ ‬“الجسر‭ ‬الآمن”‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬

وأشار‭ ‬الخبير‭ ‬والمحلل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬منح‭ ‬موريتانيا‭ ‬منفذا‭ ‬أطلسيا‭ ‬طاقيا‭ ‬جديدا،‭ ‬يدمجها‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬تشاور‭ ‬إقليمية‭ ‬كانت‭ ‬غائبة‭ ‬عنها،‭ ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬تبعيتها‭ ‬الأحادية‭ ‬لأي‭ ‬محور‭ ‬طاقي‭ ‬أو‭ ‬دبلوماسي‭ ‬آخر،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬انضمامها‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجرد‭ ‬حركة‭ ‬مجاملة‭ ‬سياسية،‭ ‬بل‭ ‬قرار‭ ‬أعمال‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬تكلفة‭ ‬دخول‭ ‬منخفضة،‭ ‬مقابل‭ ‬مكاسب‭ ‬استراتيجية‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬التموضع،‭ ‬والرمزية،‭ ‬وفتح‭ ‬قنوات‭ ‬تفاوض‭ ‬جديدة‭.‬

وأبرز‭ ‬المتحدث،‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬اختارت‭ ‬الاصطفاف‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الممر‭ ‬الغازي‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أعادت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬صياغة‭ ‬نموذجها‭ ‬للطاقة‭ ‬والتنمية،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬إضافة‭ ‬أنبوب‭ ‬على‭ ‬الخريطة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المغرب‭ ‬يعطيها،‭ ‬منفذا‭ ‬إضافيا‭ ‬لتصريف‭ ‬غازها‭ ‬مستقبلا‭ ‬شمالا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الحاليين،‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬رهينة‭ ‬مسار‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬مع‭ ‬دمج‭ ‬في‭ ‬هندسة‭ ‬أطلسية‭ ‬–‭ ‬مغاربية‭ ‬أوسع،‭ ‬فبفضل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬ضيق‭ (‬ثنائي‭ ‬أو‭ ‬ثلاثي‭)‬،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬تحالف‭ ‬طاقي‭ ‬يضم‭ ‬نيجيريا،‭ ‬دول‭ ‬الإيكواس،‭ ‬المغرب،‭ ‬والدول‭ ‬الساحلية‭ ‬الأطلسية‭. ‬

ونبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮ ‬أوروبا‭ ‬تتجه‭ ‬تدريجيا‭ ‬نحو‭ ‬تقليص‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الأحفوري‭ ‬الكلاسيكي،‭ ‬لذلك‭ ‬فالقيمة‭ ‬المضافة‭ ‬الكبرى‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬هذا‭ ‬الأنبوب‭ ‬مستقبلا‭ ‬بمشاريع‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬والغاز‭ ‬منخفض‭ ‬الكربون،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬بلادنا‭ ‬أعلنت‭ ‬بوضوح‭ ‬عن‭ ‬نيتها‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬بنيتها‭ ‬الغازية‭ ‬القادمة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬محطة‭ ‬الناظور‭ ‬والأنبوب،‭ ‬باستراتيجية‭ ‬أوسع‭ ‬للهيدروجين‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬2030–2040،‭ ‬فالدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬اليوم،‭ ‬تحجز‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬مقعدها‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬طاقة‭ ‬الغد‭. ‬وتابع‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تأخر‭ ‬تشغيل‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬الأنبوب،‭ ‬فإنها‭ ‬ربحت‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬تحالفات،‭ ‬قنوات‭ ‬تمويل،‭ ‬وموقعا‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الطاقة‭ ‬والغذاء‭ ‬والصناعة‭ ‬داخل‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبا‮»‬‭.‬

وخلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أنبوب‭ ‬‮«‬المغرب‭ ‬ـ‭ ‬نيجيريا‮»‬،‭ ‬حين‭ ‬يُدار‭ ‬بعقلية‭ ‬مندمجة،‭ ‬يتحول‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬أنابيب‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬فرص‭ ‬شغل،‭ ‬ومن‭ ‬ممر‭ ‬غاز‭ ‬إلى‭ ‬ممر‭ ‬وظائف‭ ‬خضراء‭ ‬وصناعات‭ ‬جديدة،‭ ‬لفائدة‭ ‬المغرب‭ ‬ولكل‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬اختارت‭ ‬الاصطفاف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬الإقليمي‭ ‬الجديد‭.‬



في نفس الركن