2023 فبراير 6 - تم تعديله في [التاريخ]

حقوق الإنسان وقضايا الوحدة الترابية.. دروس من التاريخ


الدكتور الجيلالي العدناني كاتب وأستاذ باحث
العلم الإلكترونية - بقلم الجيلالي العدناني 

سوف لن أدخل في النقاش الدائر حول حقوق الإنسان ووضعية الصحافة والصحافيين بالمغرب على إثر التوصية التي خرج بها البرلمان الأوروبي مؤخرا. الهدف الأول من هذه المقالة المقتضبة هو تذكير المغاربة والأوربيين ومن له اهتمام بالموضوع حول مسألة "حقيقة" حقوق الإنسان وحول الاستعمالات السياسية لهذه الحقوق بغرض استهداف الدول. أما الهدف الثاني فيرتبط بمدى تغير خطاب وأهداف حقوق الإنسان فيما بين 1897 و1920 من جهة، وكذا الحقبة الراهنة التي سجلت مجموعة من الخرجات، كان آخرها الحملة التي استهدفت تنظيم قطر لتظاهرة عالمية وهي كأس العالم لكرة القدم.
 
كما ذكرت بذلك فأنا لن أتناول ما جاء في توصية البرلمان الأوربي، ولا ردود الفعل المغربية أو الأجنبية التي تناولت الموضوع بالتعليق والتحليل، وأحيانا التهكم والاستهزاء.
 
سيكون غرضي من تناول الموضوع، هو رسم سيناريو أول، سجل سنة 1898، ويتعلق بسجن الصويرة وسجن طنجة، أي في عزّ الضغوطات الأوربية على المغرب قصد تقسيمه والسيطرة عليه. إنه زمن كانت تعترف فيه بريطانيا بوحدة التراب المغربي إلى ما وراء بوجدور. في هذه السنة اجتمعت عدة جمعيات حقوقية في لندن وفرنسا من أجل الاحتجاج على ظروف الاعتقال بسجن طنجة، مع أن السلاطين ووزرائهم، كانوا سباقين إلى العناية بالسجن والسجناء منذ رسالة مولاي عبد الرحمان التي تطالب الحراس بالاعتناء بهم من حيث النظافة والأكل، وهو الأمر الذي تبينه كذلك رسالة حول سجن الصويرة، أوردتها المؤرخة "مينة المغاري" في كتابها حول تاريخ الصويرة. أو تلك التي ضمنّاها بكتابنا رفقة "سليمة المنجرة" حول "المبنى السجني بالمغرب" الصادر سنة 2022، تحت إشراف دار النشر Bouillon de Culture وبدعم من المندوبية العامة للسجون وإعادة التأهيل.
 
أما الحدث الثاني، فيتعلق بالمنظمات الحقوقية، وهذه المرة خلال الاستعمار، وهو تنديدها من خلال مراسلات رسمية بالهجمات المتكررة للقبائل المغربية الحدودية، واعتدائها على ممتلكات القبائل "الجزائرية" وذلك سنة 1920. إنه زمن "حقوق القبائل"، أي في الوقت الذي لم يكن فيه برلمان أوربي ولا مجلس للصحافة في فرنسا للدفاع عن حرية التعبير للصحفيين الفرنسيين الذين أدانوا مشروع احتلال المناطق الصحراوية المغربية، و بشكل خاص مشروع احتلال "توات" كما في حالة الصحافي"Mario Vivarez"، الذي نشر سلسلة مقالات فيما بين 22 و 27 فبراير من سنة 1896 ضمن جريدة Le Radical algérien حول الموضوع، لم تلقى صدىً لدى الرأي العام الدولي.
 
ما الغرض من التذكير بهذه القضايا الحقوقية قبيل وخلال الإستعمار؟

إنه الهدف والمغزى من كتابة هذا المقال، للبحث في التماثل بين الأمس واليوم، وكيف أن منطق حقوق الإنسان منذ أكثر من قرن لا زال يعتمد منطق المناورة والإبتزاز. وهو ما يتبين من خلال الوقوف على الأحداث والوقائع التي تؤطر الخرجات المرتبطة بمسألة حقوق الإنسان.
 

كلمة "حق" يراد بها باطل

 
هناك صعوبات عديدة تواجه الباحث أو الصحافي المتقصي للوقوف على مضمرات الأمور، خاصة ما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان منذ الثمانينات، ولكن الباحث في الموضوع في القرنين التاسع عشر والعشرين، يمكنه أن يحصل على بعض الوثائق التي أفلتت من مقصلة الرقابة، وهو ما سنحاول تقديمه للقارئ الكريم.
 
إن مسألة حقوق الإنسان في مغرب القرن التاسع عشر لم يكن لها معنى، على اعتبار أن التنظيمات والمؤسسات المتحكمة كانت تتأرجح بين المخزن والقبيلة والزاوية، أو عبر فروعهما "الجماعة وآيت الأربعين" التي كانت تواجه المخالفات بعقوبات لا تتعدى ثلاثة أشهر أو الجنايات بالنفي أو أداء الدية. فكان الحكم رحيما إلى أن جاءت الحماية التي فرضت على القضاة بالحكم الجنائي على المتسكعين والباحثين عن أرزاقهم بأحكام قاسية، حتى يسجنوا بالسجون الفلاحية ويستغلوا أبشع استغلال في الأنشطة الفلاحية والصناعية. لقد كان المجتمع المغربي يقوم بتدوير العنف استيعابه وهو ما يفسر قلة السجون بالمغرب.
 
و للوقوف على ما نقول، يمكن الرجوع إلى كتابنا حول "المبنى السجني".
 
"كلمة حق يراد بها باطل"، لأن الوثائق التي تبودلت قبل الرسالة الاحتجاجية سنتي 1897 و1920 تبين أن النوايا الحقيقية أبعد بكثير من الاهتمام بحقوق المغاربة وبخاصة بحقوق القبائل المغربية، حتى نكون أكثر دقة.
 
لقد أرسل المندوب الفرنسي بطنجة رسالة في الموضوع إلى وزير الخارجية الفرنسي في 22 ماي 1897، بخصوص بناء سجن طنجة الذي سيستقبل سجناء الجنوب المغربي في حين أن سجن الصوير أعد لاستقبال سجناء المناطق الشمالية، وهي مسألة معروفة لدى المغاربة آنذاك. لكن ما تقدمه الرسالة وهو أن هذه الخطوة جاءت كرد فعل على الشائعات بخصوص تقارب مغربي- بريطاني على حساب فرنسا.
 
فمسألة السجن جاءت عرضا، وأهمية الرسالة تكمن في البعد الجيوستراتيجي للقضية في ظل التنافس الفرنسي البريطاني، وكذا الإسباني على المغرب.
 
أما في 8 غشت 1898، فسيراسل السيد "Raymond Desportes de la Fosse"، مندوب فرنسا بطنجة الوزير المغربي "الجباص" بخصوص وضعية السجون والسجناء بالمغرب، وخاصة بمدينة طنجة. مع الإشارة إلى ضرورة تدخل السلطان لإجبار القُوّاد على العناية بنظافة السجون وإطعام السجناء.
 
لقد أرسل المندوب الفرنسي نسخة من الرسالة المقترحة في انتظار الموافقة على مضمونها من طرف وزير الخارجية" Delcassé".
 
وقد أرسل المندوب نسخة باللغتين العربية والفرنسية، يعتبر فيها الأمر اقتراحا ونصيحة من ممثلي الدول الأوروبية للدولة الشريفة، واعتبار الرسالة غير رسمية وأنها أخوية.
 
وهذه الرسالة توحي بلغة الزمن الراهن لمنطق التوصية غير الملزمة للبرلمان الأوروبي. وسنرى كيف ستتحول الرسالة إلى منظومة يمتزج فيها الجانب الحقوقي والنية في نقل سياسة الوصاية على السجون إلى الوصاية على البلاد والعباد.
 
لاستكشاف الأمر، سيراسل مندوب الجمهورية الفرنسية بطنجة "De Monbel" ، الذي عوض المندوب "De La Fosse"، وزير خارجية بلاده "Delcassé" في فاتح وكذا في 15 شتنبر 1898، ليخبره بأن مسألة السجون بالمغرب قد أصبحت قضية مطروحة في البرلمان البريطاني بواسطة "Le Marquis Salisbury"، وكذا جمعية "Howard Association" (وهي الجمعية الخيرية التي تأسست سنة 1856 بعد جائحة "الحمى الصفراء" التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية)، ومساندة من طرف روسيا والإمبراطورية الهنغارية-النمساوية. وحتى لا يُعدّ الأمر، يقول المندوب الفرنسي، تدخلا سافرا في الشأن الداخلي المغربي، فقد تقرر تكليف أقدم سفير بالمغرب لتقديم مراسلة في هذا الشأن للسلطان عبر أحد وزرائه. وقد تم تكليف السيد "Sir Arthur Nicholson" في غياب سفراء كثر، بسبب عطلة الصيف وخاصة عميد السلك الدبلوماسي الأوروبي بطنجة وهو الوزير البلجيكي "Auspach" .
 
لكي نفهم بشكل دقيق ما حصل في المغرب ما بين 1898 و 1902، فإننا مضطرون لاستحضار جميع السيناريوهات التي قامت بها فرنسا لإضعاف المغرب قصد انتزاع مصالح اقتصادية و مالية عبر بنك باريس والأراضي المنخفضة، وحين لم تكن الضغوطات الأوروبية مجدية، لأن إصلاح السجون كان مشروعا تبناه جميع السلاطين، وخاصة مع مولاي عبد العزيز الذي أدخل نظام السجل الخاص بأسماء السجناء، وكل البيانات الخاصة بهم. وهو الأمر الذي لم يكن كافيا لتعطي فرنسا الضوء الأخضر لحقوق القبيلة عبر تسليح ثورة الجيلالي الزرهوني المعروف بـ"بوحمارة"، ويخلو لها المجال لتثبيت نفوذها بـ"توات المحتلة" منذ 1900-1901، والشروع في اقتطاع أراضي جديدة على الحدود، ستستمر إلى سنة 1958، أي حتى بعد استقلال المغرب.
 

من الوصاية على السجون باسم حقوق الإنسان إلى نظام الحماية عبر انتهاكها

 
إذا كانت فرنسا قد أثارت مسألة حقوق السجين باسم الدول الأوربية، فإنها ستقوم بفضل إثارة الفتن ورهن الاقتصاد المغربي عبر ديون ثقيلة وكذا عبر إحياء نظام الترتيب بغرض توفير مدخرات لتسديدها، فقد استقلت بمسألة السجون منذ 1902 لتفرض رقابة على الأمناء والقُوّاد المكلفين بتسيير السجون. وسيشكل هذا التاريخ بفضل القنصل والممثل الفرنسي الذي لم يعد بطنجة، بل اخترق السيادة المغربية ليعين على رأس قنصلية فرنسا بفاس، ويتعلق الأمر بالدبلوماسي والكاتب Saint-René Taillandier .
 
وفي الحقيقة فإن نظام الحماية الذي بدأ مع نظام الحمايات الذي خول للمغاربة حماية أوربية أو فرنسية تجعلهم غير خاضعين للشرع ومستفيدين من الاستثمارات الأجنبية أو من نظام الشركة.
 
إن نظام الحمايات قبل 1912 الذي يعفي كبار التجار وبعض ملاك الأراضي من أداء الضرائب، سيثقل كاهل المغاربة وخاصة الفلاحين الصغار، مما سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد المغربي، وإلى سهولة إخضاعه باسم الإصلاحات وحقوق "الإنسان" في مارس 1912.
 
هكذا ستتوقف المنظمات الحقوقية بعد احتلال المغرب عن الحديث عن حقوق الإنسان في ظل الاحتلال وعلى مرأى ومسمع من الانتهاكات التي ستمارس ضد مجموعات قبلية وبشرية على المناطق الحدودية وما سموه بالتخوم، لتطارد قبائل من "تابلبالة" و"تافيلالت" إلى وادي نون وتندوف، كما هو حال قبائل "آيت خباش" التي مورس عليها التقتيل والنفي إلى حدود سنة 1935.
 
بل إن إعلان حقوق الإنسان الذي سيصدر بعد ذلك بسنوات سيتم الاحتفاظ به، بل وسيمنع من التعريف به أو إشهاره.
 

من تعليق حقوق الإنسان إلى التهام الحقوق الترابية أو حين تفقد فرنسا شمال وجنوب بوصلتها

 
من لا يتذكر منا حرب "إيسلي" سنة 1844 والتي تلتها توقيع معاهدة "لالة مغنية" سنة 1845. ستشكل إحدى بنود المعاهدة التي اكتفت بالإشارة إلى أن جنوب فكيك هي أراضٍ خلاء لا ماء ولا كلأ فيها، وبالتالي فهي أراض تخضع للجانبين المغربي و الفرنسي. لكن هذا البند سيشكل "مسمار جحا" الذي سيمكن فرنسا فيما بين 1900 و 1920 من خلق صلة وصل ما بين مستعمرة الجزائر ومستعمرة إفريقيا الغربية بالرغم من خط "نيامي Niamey" المثير للسخرية الذي سطر سنة 1909 للتمييز بين الجزائر و إفريقيا الغربية. والمثير للسخرية أيضا هو أن فرنسا أصبحت تعتبر الشريط الترابي الواقع جنوب تندوف بأنه مجال تابع لإفريقيا الغربية، ومن تم تصبح حدود المغرب المتاخمة لثنية نهر النيجر تتوقف هذه المرة عند وادي درعة. لكن ليس هذا الأمر هو بيت القصيد، ذلك أن هذا الاقتطاع الترابي الذي تلته اقتطاعات أخرى مثل "بشار" سنة 1909-1910 و "الساورة" سنة 1920 و "تابلبالة" سنة 1944 لم يثر أي اعتراض، باستثناء كتابات بعض الصحافيين من أمثال "Mario Vivarez" أو الجنرال "جورج" قائد الفيلق 19، وعضو المجلس الأعلى العسكري، الذي أنجز تقريرا سنة 1930 بخصوص حقوق المغرب في استعادة أقاليمه الجنوبية المحاذية للأراضي التي سلمت لإسبانيا. كيف يحق للمقيم العام الفرنسي بالمغرب أن يوافق على ضم "تابلبالة" للجزائر وهو المرتبط بعقد الحماية الذي يضمن أحد بنوده المحافظة على الوحدة الترابية للمغرب؟
 
لكن سنة 1930 التي عرفت محاولة تمزيق الوحدة الاجتماعية بالمغرب عبر إصدار ما يعرف بـ"الظهير البربري"، ستسجل قرارا خطيرا ونكبة حقيقية حين أقرت فرنسا فصل شمال المغرب عن جنوبه والمحافظة على قيادة التخوم بأكادير لإخفاء مبدأ المس بالوحدة الترابية، ولأن المناطق الجزائرية كانت غير قادرة على تمويل الوجود والتحركات العسكرية بهذه المناطق. بل إن منطقة" الساورة" كانت تدار إلى حدود 1934 من طرف المقيم العام بالمغرب كما أكدت ذلك جريدة "أصداء الجزائر Echo d’Alger" بتاريخ 6 فبراير 1930. وهذا هو المقصود بالبوصلة الفرنسية التي مارست نوعا من "الترحال الترابي" بوضع حدود المغرب على وادي درعة عوض إفريقيا الغربية وتنقيل اسم "موريطانيا" من الشمال، لتطلقه على بلاد شنقيط، وأخيرا لتنقل النظام المخزني الذي اكتشفته في المناطق الصحراوية والحدودية، لتطبقه على المغرب بعد توقيع معاهدة الحماية.
 
في خضم هذا الجور اللامحدود، ستقوم فرنسا "الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان" سنة 1920 بتجنيد العديد من جمعيات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية لتشجب "الاعتداءات التي تشنها القبائل المغربية" ضد "التراب الجزائري و القبائل الجزائرية". وهنا يمكن القول على أن البوصلة الفرنسية لم تعد تميز بين الشرق والغرب وهو الهوس الذي خلق في الجغرافيا الكولونيالية ثنائية "الصحراء الغربية والصحراء الشرقية" .
 

فما هي حقيقة اعتداءات القبائل المغربية؟ وهل كانت الاعتداءات تشمل التراب و القبائل الجزائرية ؟

إن البحث في هذا الموضوع قد يؤدي إلى الوصول إلى حقائق مفجعة قد تصل إلى مستوى "الإبادة الجماعية". حيث أن قبيلة "أولاد مولات" وهي فرع من قبائل "أولاد ادليم" أو "المدغانات" قد أبيدت بالكامل لأنها قاومت الاستعمار، كما تشهد على ذلك كتابات "AGP Martin" و . ."Alfred le Chatelier"، ذلك أن سياسة حرق الأراضي و التقتيل التي مارسها "بوجو" أو جنود الفيلق التاسع عشر سواء فيما بين 1840 و 1850 أو فيما بين 1880 و 1900 قد أدت إلى انهيار ديموغرافي في الغرب الجزائري و المناطق المغربية المقتطعة. وبالتالي فعملية ضمّ الأراضي والقبائل المغربية إلى المستعمرة كان الهدف منه هو خلق توازن جديد في منطقة اتضح أنها ستكون كاليفورنيا جديدة، وكون اللوبي الوهراني للمعمرين كان بحاجة ماسة إلى يد عاملة. ويعرف الجميع كم هي أعداد الجزائريين من أصول مغربية التي تعيش في الغرب الجزائري.
 
المسألة الثانية التي يجب توضيحها، هي أن الاعتداءات التي قامت بها القبائل المغربية كانت من أجل استرجاع أراضيها، وفي الغالب كانت ضد قبائل مغربية اختارت الانضمام والخضوع لفرنسا، مثل "ذوي منيع" و"حميان" و"جرير" و"أولاد سيدي الشيخ"، وبالتالي فقد استفادت من اقتطاعات ترابية كبيرة على حساب القبائل المغربية التي أضاعت مراعيها بـ"الساورة" و"تابلبالة" و"بشار" وهو حال قبائل "آيت خباش" و"اعريب" و"الركيبات" و قبائل أخرى. وإذا كانت فرنسا أثارت بالحرف مسألة حقوق الإنسان سنة 1920، فهي لإخفاء الاقتطاعات الترابية الكبيرة، وكذا لمواجهة المقاومة المغربية التي استمرت إلى حدود سنة 1935 بمعاقبة قبائل" آيت خباش" وقبائل أخرى.
 
نتبين من كل هذا بأن وراء كل حملة تطلق باسم حقوق الإنسان برنامج مسطر للتغطية على ممارسات غير قانونية وصادمة، أو لابتزاز الدول والحصول على تنازلات اقتصادية وسياسية كما هو حال موضوع السجون قبل الحماية. إنه "الكيل بمكيالين" زمن حقوق الإنسان قبل الاحتلال، والصمت المطبق عن نفس الحقوق بعد احتلال المغرب. أو الصمت عن المجازر أثناء الاقتطاعات الترابية والتبجح بحقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بمواجهة المقاومة المغربية.
 
ألا يمكن لفرنسا أن تنصت من جديد للحاكم "أندري بونامي André "Bonamy الذي أنقذها من انكسار عسكري سنة 1924، وخاصة سنة 1930 حين أعلن بأن" على فرنسا أن تفهم بأن علاقات سياسية واقتصادية متجذرة تربط المملكة الشريفية بمستعمراتنا بإفريقيا الغربية وبالتالي عليها أن تحقق من جديد هذه الحقيقة على أرض الواقع.. ". و إليكم النص الفرنسي لأني تصرفت في ترجمته :
 
 "Avant toute chose, il convient d’affirmer que la jonction permanente entre l’empire chérifien et l’Afrique occidentale française est une nécessité ; il faudra un jour où l’autre la réaliser, car trop de questions politiques et économiques lient le protectorat marocain à notre grande colonie de l’Ouest africain ».
 
وتقرير "أندري بونامي" الموجه إلى فرنسا فهو يحتفظ بكل قوته السياسية و التحليلية ليجيب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون و معه البرلمان الأوربي، حيث يقول:
 
ُEst-ce dire que l’Algérie doive porter ses frontières vers l’Ouest jusqu’au Rio de Oro et fermer ainsi au Maroc la route du Sud ?
 
Evidemment non. Trop de questions politiques économiques et aussi diplomatiques, je l’ai déjà dit, rendent le contact nécessaire entre l’A.O.F et le Maroc ».
 
نعم هذا هو صوت فرنسا العاقلة التي لم ينفي حاكمها "André Bonamy" من خلال هذا التصريح بأن الجزائر المستعمرة ليس لها الحق في نقل حدودها إلى جهة وادي الذهب، وهو الجواب الذي يجب أن تصغي له بتمعن القيادة العسكرية بالجزائر المستقلة. فما أشبه اليوم بالبارحة...
 



في نفس الركن