العلم الإلكترونية - بقلم هشام الدرايدي
يواصل بعض الإعلام الجزائري الرسمي وشبه الرسمي انحداره المهني، مُفضِّلًا منطق الخصومة على أبجديات العمل الصحافي، وآخر “الخرجات” المثيرة للسخرية، ما قام به مراسل قناة النهار الجزائرية، الذي اختار (عن سبق إصرار) التوجه إلى عرض البحر للتصوير، فقط لتفادي إظهار الجوانب الحضرية والجمالية للعاصمة المغربية عاصمة الأنوار والثقافات الإفريقية الرباط.
الرباط العامرة، مدينة مُصنَّفة ضمن العواصم الأكثر تنظيمًا وجاذبية في شمال إفريقيا بل والقارة كلها، بفضاءاتها الخضراء، وبنيتها التحتية عالية الجودة، ومعالمها التاريخية، تحوّلت فجأة "على شاشة القناة الجزائرية" إلى لقطة بعيدة بلا سياق. لا لأن الواقع يفرض ذلك، بل لأن “الخط التحريري” لا يحتمل صورة إيجابية لجار يزعج نجاحه سرديات الفشل.
المفارقة أن هذا الإمعان في التعتيم لا يسيء للمغرب وإنما يزيده إشعاعا و يفضح أزمة المصداقية داخل الإعلام الجزائري أمام المنتظم الدولي والرأي العام، الذي يفترض فيه نقل الواقع لا الهروب منه. فالمُشاهد اليوم أذكى من أن تُخدع عينُه بلقطة مُنتقاة، وأوعى من أن يبتلع رواية تُفصّل الصورة على مقاس الأهواء.
وأختم، بأن المدن لا تُشوَّه بالتصوير من البحر، والحقائق لا تطمسها العدسات. ما يطمس حقا هو ما تبقّى من ثقة في إعلام اختار الخصومة بدل المهنية… وترك الواقع يتكفل بالرد.