2025 دجنبر 24 - تم تعديله في [التاريخ]

رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا



*العلم الإلكترونية - ليلى فاكر*

في ليلة تشبه معزوفة خارجة من ذاكرة الشتاء، التقت العواصم على إيقاع البيانو، حين احتضنت الرباط حدثين فنيين استثنائيين نظمهما المركز الروسي للعلوم والثقافة بالتعاون مع المعهد الوطني العالي للموسيقى والفنون الكوريغرافية وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ليتوج العام 2025 بأجمل ختام موسيقي.

سفير صغير للموسيقى.. يحمل في حقيبته شمس موسكو ويزرعها في ضفاف أبي رقراق

في 23 دجنبر، دوّى البيانو في القاعة الكبرى لـINSMAC، حيث أبدع الشاب الروسي بيوتر أكولوف، الموهبة التي تخرجت من كلية غنيسين بموسكو، وتتلمذت على يد كبار الأساتذة في كونسرفاتوار تشايكوفسكي وأوبرلين بالولايات المتحدة. قدم الفنان الشاب باقة من روائع باخ، بيتهوفن، وبروكوفييف، محملا أصابعه بشهادات التتويج من منصات عالمية، بينها ألمانيا، والصين، وكازاخستان، وروسيا، والولايات المتحدة، حيث حصد الجوائز الأولى والكبرى بين 2014 و2023، ليصفه الحضور بـ"سفير صغير للموسيقى، يحمل في حقيبته شمس موسكو، ويزرعها في ضفاف أبي رقراق".


"سفارة الإتقان" تعبر المتوسط: ميروسلاف كولتيشيف يمنح الرباط لؤلؤة قبل العام الجديد

وقبلها بيوم واحد، وفي 22 دجنبر، سكنت قاعة باحنيني للحفلات الموسيقية بالرباط على أنغام ميروسلاف كولتيشيف، الفنان الروسي المكرم، الذي حل بالمغرب ضمن المشروع الدولي السنوي "Ambassade de la Maestria Musicale" المعروف عربيا بـ "سفارة الإتقان"، وهو مشروع أطلقته دار موسيقى سانت بطرسبرغ منذ 2012، بالتعاون مع روسوترودنيتشيستفو، ويشمل تدريب المواهب الروسية وتنظيم جولات موسيقية عالمية.

أدى كولتيشيف أعمالا خالدة لـ تشايكوفسكي وشوبان، فانبهر الجمهور الذي تجاوز 200 شخص، بينهم دبلوماسيون روس وأجانب، شخصيات ثقافية مغربية، صحفيون، ومبدعون. بدا العازف وهو يمس مفاتيح البيانو كما يمس شاعر صفحة القصيدة، ليحول القاعة إلى "حديقة ثلجية من سانت بطرسبرغ، تذوب على أرض الرباط دفئا".

كولتيشيف، ابن لينينغراد (1985)، وخريج معهد سانت بطرسبرغ للموسيقى (ريمْسكي كورساكوف)، تتلمذ على يد البروفيسور ألكسندر ساندلر، ويدرس منذ 2012 في قسم البيانو، قبل أن يرتقي إلى أستاذ مشارك عام 2020. وقد توّجه مرسوم رئاسي في 25 مارس 2025 بـ وسام الفنان المكرم لروسيا الاتحادية، ليغدو أحد أبرز العازفين المنفردين في دار موسيقى سانت بطرسبرغ منذ 2006.


بين حفل يحتفي بالشباب المتوج عالميا، وآخرَ يرفع راية الإتقان الكلاسيكي عبر الجغرافيا، بدت الرباط في ديسمبر 2025 كمنصة كونية، تعانق الشرق والغرب، وتثبت أن الثقافة لغة لا تحتاج إلى مترجم، بل إلى أذن تصغي، وقلب يهتز.

لقد حمل العازفان إلى الرباط رسالتين متكاملتين، الأولى تقول إن الموهبة تسافر أسرع من الطائرات، والثانية تؤكد أن الإتقان يصنع وطنا من الموسيقى.

هكذا أسدل العام ستاره… لا بالصمت، بل بـ تصفيق يشبه المطر، وبنغم يبقى معلقا في الهواء حتى إشعار آخر.



في نفس الركن