رجاء بلقاضي.. تجربة تشكيلية تحتفي باللون والبعد الروحي

العلم - الرباط

تحتضن فضاءات الميغامول بالرباط معرضًا فنيًا جديدًا للفنانة التشكيلية رجاء بلقاضي، وذلك إلى غاية 22 دجنبر، في تجربة إبداعية تؤكد من خلالها حضورها المتنامي داخل المشهد التشكيلي المغربي المعاصر.
 

ويضم المعرض مجموعة من اللوحات التي تنهل من التجريد كخيار جمالي وتعبيري، حيث توظف الفنانة اللون والخط والفراغ لبناء عوالم بصرية مفتوحة على التأويل، تتجاوز المباشر والمرئي نحو الإحساس والدلالة. وتبرز الأعمال من خلال تناغم لوني واضح، خاصة عبر هيمنة درجات الأزرق والأخضر، بما تحمله من إيحاءات بالطبيعة والصفاء والبعد الروحي.
 

كما تكشف اللوحات عن عالم رمزي غني، تحضر فيه الأشكال الهندسية والعناصر الدائرية والإشارات الإيحائية، التي توحي بالحركة والاستمرارية والطاقة الداخلية. وتتحول اللوحة في هذا السياق إلى فضاء للتأمل، حيث لا تُفرض قراءة واحدة على المتلقي، بل يُمنح حرية التفاعل مع العمل الفني وفق تجربته الذاتية.

وتستمد رجاء بلقاضي جزءًا كبيرًا من رؤيتها التشكيلية من تفاعلها مع تعدد الثقافات واللغات، إذ تستلهم أعمالها من المرجعيات البصرية والرمزية للثقافة العربية، ومن لغة التيفيناغ الأمازيغية بما تحمله من حمولة تاريخية وروحية عميقة. وتظهر هذه العناصر في شكل علامات وإشارات تشكيلية مجردة، تندمج داخل النسيج اللوني للوحة دون مباشرة، لتمنح العمل بعدًا هوياتيًا منفتحًا يتجاوز الانتماء الأحادي نحو أفق إنساني كوني.
 

وتُظهر الأعمال المعروضة اشتغالًا واعيًا على التوازن بين العفوية والضبط التشكيلي، إذ تتقاطع الخطوط المنحنية مع الأشكال المنكسرة في بناء بصري متماسك، يمنح اللوحات حركية داخلية ويعكس تعدد الحالات الشعورية التي تستلهمها الفنانة من التجربة الإنسانية.
 

ويؤكد هذا المعرض أن الفن التشكيلي قادر على اختراق الفضاءات المفتوحة ومخاطبة جمهور واسع، بعيدًا عن النخبوية، مما يعزز دوره الثقافي والتواصلي داخل المجتمع. كما يشكل معرض رجاء بلقاضي محطة فنية لافتة، تعكس نضج تجربة تشكيلية تبحث عن المعنى بقدر ما تحتفي بالجمال، وتكرس حضورًا نسائيًا واثقًا ومؤثرًا في الساحة الفنية المغربية.