الرباط: أنس الشعرة
رغم ما يميز العلاقات المغربية الإسبانية في المرحلة الراهنة من خطاب رسمي يركز على التعاون الاستراتيجي وتجاوز الملفات الخلافية، فإن إدراج مدينة مليلية المحتلة ضمن أجندة زيارة وفد الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي، بدعوة مباشرة من مدريد، يطرح أكثر من علامة استفهام حول نوايا إسبانيا في مقاربة هذا الملف التاريخي الحساس. فالخطوة، التي تأتي لأول مرة في تاريخ الحلف، تعكس محاولة واضحة لإضفاء بعد أطلسي على واقع استعماري مزمن، في تجاهل تام لموقف المغرب الثابت باعتبار سبتة ومليلية أراضٍ محتلة لا يمكن شرعنة بقائها تحت السيادة الإسبانية عبر تحالفات عسكرية أو أطر دفاعية عابرة للحدود.
وذكرت صحيفة «إل باييس» الإسبانية أن وفداً يضم عشرات البرلمانيين المنتمين للجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي «الناتو» سيقوم بزيارة إلى مدينة مليلية المحتلة، في الفترة ما بين 24 و27 شتنبر الجاري، وذلك بعد محطة أولى في مدريد. وتعد هذه أول زيارة من نوعها للمدينة، التي تبقى هي وسبتة خارج المظلة الدفاعية الرسمية للحلف.
وأوضحت الصحيفة أن برنامج الزيارة يشمل لقاءات مع رئيس مجلس الشيوخ بيدرو رولان، ومسؤولين بارزين من وزارات الخارجية والدفاع والداخلية، بالإضافة إلى خبراء أمنيين من معهد «إلكانو». أما في مليلية، فسيقضي الوفد نحو 48 ساعة يلتقي خلالها رئيس المدينة خوان خوسيه إمبرودا، والمندوبة الحكومية صابرينا موح، والقائد العام للقوات في مليلية الجنرال لويس كورتيس، إلى جانب قادة الشرطة الوطنية والحرس المدني. كما تتضمن الزيارة جولة في مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين، الذي يعاني من اكتظاظ يفوق طاقته الاستيعابية، إضافة إلى متابعة عرض عسكري في ميدان رماية.
ومن جهتها، أفادت صحيفة «إل فارو دي سبتة» أن الوفد يضم حوالي 60 برلمانياً من 16 دولة عضو في الحلف، ضمنهم أعضاء في مجموعة المتوسط والشرق الأوسط واللجنة الفرعية للأمن المدني والقدرة على الصمود.
وأشارت الصحيفة إلى أن برنامج الزيارة يبدأ يوم 25 شتنبر في مدريد بعقد جلسات عمل في مجلس الشيوخ مخصصة للسياسة الخارجية والدفاع ومكافحة الإرهاب، قبل الانتقال إلى مليلية المحتلة يومي 26 و27 لمعاينة أثر الهجرة على جنوب أوروبا.
وأضاف المصدر ذاته أن الزيارة تتم بدعم من البرلمان الإسباني (الكونغرس والسينات)، وبالتنسيق مع أربع وزارات: الدفاع، الداخلية، الخارجية، والهجرة، مشيرة إلى أن السيناتور فرناندو غوتييريز دياز دي أوتازو، وهو جنرال متقاعد وقائد سابق لمليلية، كان وراء الدعوة لتنظيمها.
ورغم الطابع البرلماني والتقني الذي تحاول مدريد إضفاءه على الزيارة، إلا أن إدراج مليلية ضمن الأجندة الرسمية لا يخلو من حساسية سياسية، بالنظر إلى أن الرباط تعتبر المدينة أرضاً محتلة، وترى في أي حضور دولي بها خطوة قد تُفهم كتأويل لتكريس واقع استعماري يتعارض مع مطالبها المشروعة في استرجاع سيادتها الكاملة على مليلية وسبتة المحتلتين.