Quantcast
2023 مارس 6 - تم تعديله في [التاريخ]

رن رن.. أنا صدام حسين.. بقلم / / قاسم حول

رن رن رن رن رن رن..

نعم أنا صدام حسين معك على التلفون.. تفضلي ..



سيدي أنا رسميه بنت سالم الخليل من مدينة هيت يوجد شاب أحبه ويحبني ونريد أن نتزوج على شرع الله ورسوله ووالدي لا يرضى أن أقترن بخطيبي زوجا.

رن رن رن رن رن رن.. أنا صدام حسين هل أنت والد الشابة رسميه الخليل..

نعم سيدي..

خليها تتزوج على بركة الله!

حاضر سيدي..

أقيم حفل الزفاف وحملت العروس صورة القائد الضرورة صدام حسين وهي تؤدي رقصة العرس.. ويبث حفل الزواج من التلفزة.. وينتشي الدكتاتور بغروره..

رن رن رن رن رن رن.. نعم معك صدام حسين.. شعندك

سيدي أنا الرسام إبراهيم الكمالي.. رسمت صورتك ورفضوا وضعها على غلاف مجلة الف باء..

رن رن رن رن رن رن.. أنا صدام حسين.. أنت حسن العلوي رئيس تحرير مجلة الف باء؟

نعم سيدي..

أنشر صورتي التي رسمها إبراهيم الكمالي على غلاف الف باء..

حاضر سيدي

تسلم في ذات اليوم الرسام إبراهيم الكمالي هدية قلم حبر باندان، مع مائة دولار .. ظنا من صدام حسين بأن صورته رسمها بالحبر الأسود وبقلم الباندان!

رن رن رن رن رن رن .. نعم أنا صدام حسين .. شتريد؟

سيدي أنا شاعر شعبي كتبت قصيدة عصماء في مديحك ورفض التلفزيون بثها يقولون لي انها قصيدة ضعيفة لا تليق بمقامك وأريد أن أسمعك أياها ..

سمعني شكتبت ..

يقرأ له القصيدة وتستهويه

رن رن رن رن رن رن.. معك صدام حسين.. أنت سعد البزاز؟

نعم سيدي..

ليش تحجب مشاعر الناس عني .. أترك مكانك وشوفلك غير شغله روح أشتغل بشركة توزيع الصحف .. بس قبل لا تترك التلفزيون هذه الليلة تبث القصيدة من التلفزيون!

حاضر سيدي..

وهكذا كل يوم جمعة يتسلى القائد الضرورة مع مواطنين في حل مشاكلهم فيما الوطن غارق بدم الحروب وعوز الخبز وظلام الليل والوضوء بمياه التصريف في  مياه الفراتين والشاطئ ..

يحل السيد الرئيس مشاكل عشرة مواطنين في كل يوم جمعة ويروج الإعلام أخبار الناس الذين سمعوا الريس بصوته المتهدج .. أنا صدام حسين معكم .. ويتزاحم محررو الأعمدة الصحفية كل يتسابق في تنظير صوت القائد الضرورة في الهاتف ..!

تذكرت تلك المهازل وأنا أشاهد اليوم برنامجا تلفزيونيا مع المواطنين.. ويشكو المواطن "سين" أن ساقه مبتورة في الحرب ولم يتسلم منذ سنوات مكافأة جرحى الحرب.. فيجيبه رئيس الوزراء أنا الآن أشاهد البرنامج وستصرف لك مكافأة الجرحى.. ويمسك الميكروفون مواطن آخر ويستنجد برئيس الوزراء أنه منذ شهور توقف صرف راتبه التقاعدي البالغ ما يعادل مائتي دولار، فيجيبه رئيس الوزراء محدثا صاحب البرنامج، أخذ تلفون المواطن وسوف يزوره ربيع نادر ويعالج مشكلته مع مديرية التقاعد..

المجرم صدام حسين.. والطيب محمد شياع السوداني:

ما هكذا تحل مشاكل أربعين مليون مواطن عراقي، وهم ليسوا بهذا العدد بالمناسبة، فنفوس العراق لا يتجاوزون الستة عشر مليون مواطن بينهم عشرة آلاف من الأخوة الكورد عادوا من روسيا في عهد عبد الكريم قاسم وتكاثروا من وراء الحدود.. مجموع مواطني العراق الحقيقيين، لا يتجاوزون الستة عشر مليونا وأراهن على هذا القول.. والفائض المتبقي لا يحمل وثيقة الميلاد العراقية.

لا يوجد مواطن مبتور الساق في حرب العراق، بل يوجد ستة عشر مليون عراقي مبتوري الأذرع والسيقان، وستة عشر مليون من الشحاذين أمام أبواب مديرية التقاعد، وستة عشر مليون مبتوري الخاطر أمام أنظار العالم لا يهددهم زلزال أنطاكيا، بل يهددهم زلالال السماء.. يهددهم الله ورسوله والمؤمنون، ويصب عليهم لعنة القدر بقوله تعالى "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا".

لن تحلوا مشاكل العراق لا بخطابات الهاتف ولا ببرنامج تلفزيوني.. لا أمريكا تريد عراقا سعيدا، ولا إيران.. لا إسرائيل تريد عراقا سعيدا ولا بلدان الخليج  والجوار.

إذا كنتم تريدون وطنا سعيدا، عراقا سعيدا لكم ولأبنائكم بعدكم، وقد وهبكم الله رزقا من النفط والكبريت والزئبق الأحمر، مدفونة في باطن الأرض، وعلى سواحل أنهاره أنبت لكم نخلا وافراً  فلا تقطعوا عذوق النخيل ولا تدلقوا ماء الفراتين النقي في بحر الخليج المالح، ولا تفتحوا خزائن المصارف لتنهبوا مال الفقراء لإيداعها في بنوك الفرنجة وغير الفرنجة!

لا يحل مشاكل المواطن العراقي المسكين والطيب تلفون الدكتاتور الأهوج صدام حسين، ولا برنامج الطيب السوداني من التلفاز، بل دولة قوية شجاعة فيها الإنسان المناسب في المكان المناسب. والقبض على اللصوص ومحاكمتهم لينالوا أقصى العقوبات مهما تكن ألقابهم وعناوينهم وعرقهم وجنسياتهم لأن ما نهبوه ليس سوى أموال الفقراء الذين بترت سيقانهم في حروب عبثية مجنونة متوسلين هاتف صدام حسين وبرنامج تلفزيون ما بعد دكتاتور مجنون .. فهل نحن بمجموعنا مخربين للوطن ليصح علينا القول:

إن كنت تريد أن تبني  وطنا متحضراً فإنك تحتاج إلى سومريين!

وإن كنت تريد أن تهدم وطنا متحضراً فإنك تحتاج إلى عراقيين!

قاسم حول - سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا

              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار