2021 دجنبر 29 - تم تعديله في [التاريخ]

سنة الحسم


العلم الإلكترونية - بقلم بدر بن علاش
 
الأكيد أن طي صفحة سنة 2021 يدفعنا للوقوف على مجموعة من المحطات و الأحداث الهامة في الساحة الوطنية، وفي مقدمتها حسب تقديري، الاستحقاقات الانتخابية، والتي أفرزت خارطة سياسية جديدة أقل ما يمكن وصفها به هو "بارقة الأمل الجديدة"، بعد سنوات من الإخفاقات الحكومية خلال تجربتين للنسيان، وحتى لا أطيل هنا،و من باب تغليب نقاط الضوء، ونحن نستقبل سنة ميلادية جديدة،ينبغي استحضار الدور الكبير الذي لعبته المؤسسة الملكية في إنجاح هذه الاستحقاقات، ومن ورائها مجموعة من الفاعلين السياسيين وفئة واسعة من المغاربة، حينما أعلن عن إجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، في نفس اليوم، في احترام تام للأجندة السياسية للمغرب،الأمر الذي أكد عمق الممارسة الديمقراطية، ونضج البناء السياسي المغربي، دون اكتراث للأصوات النشاز،و التي كانت تعتقد أن تأجيل هذا الموعد الانتخابي لبضع شهور أخرى كاف لإعادة ترتيب بعض أوراقها المبعثرة، وذلك حينما حاولوا الركوب على تبعات جائحة "كورونا" والتي في نظرهم كانت ستكون عاملا حاسما في فشل هذا الموعد ، وهو ما تبين عكسه تماما بعد انتهاء المسلسل الانتخابي الطويل. 

إن احترام الأجندة السياسية قاعدة أساسية في أي بناء يتطلع للمستقبل، وينشد القطع مع ممارسات بائدة، قاعدة لا تتقنها سوى التجارب العريقة في تفعيل الممارسة الديمقراطية قولا وفعلا، والتي دخلها المغرب من الباب الواسع على أمل التخلص من باقي الشوائب و الممارسات المعزولة في أقرب حين.

احترام فيه رسائل غير مشفرة،ولا تحتمل الكثير من القراءات،سوى أن المغرب اجتاز الامتحان بنجاح زكته النتائج التي حملت التغيير عبر صناديق الاقتراع، والتي أفرزت خارطة سياسية واضحة المعالم بأغلبية حكومية بني أساسها من  الأحزاب الثلاثة الأولى في الانتخابات التشريعية، وهي ذاتها التي تمسك بزمام تدبير الجهات الإثني عشر للمملكة، وهي سابقة في التجربة السياسية في بلادنا،ستكون لها آثارها الإيجابية لا محالة، وخاصة على مستوى انسجام الرؤى و البرامج، و تنزيل الاستراتيجيات الكبرى في إطار وحدة ترابية منحها الدستور مكانة بارزة،و جعلتها وثيقة النموذج التنموي الجديد في مقدمة الرهانات.

والأكيد أيضا،أن حسم احترام الأجندات السياسية للبلاد، سيجعلنا مستقبلا في حِل من أي نقاش في هذه النقطة بالذات، لأن التحديات كثيرة و حجم انتظارات المواطنين،وخاصة على المستوى الاجتماعي، وفي مقدمتها ملفات التشغيل و الصحة و التعليم والعدالة المجالية و الترابية.

حسم آخر طبع سنة 2021، شهد به القريب و البعيد، ولمسه الصديق و العدو، و حتى المتردد و العازف على الوترين، وذلك حينما رفع جلالة الملك محمد السادس "اللاءات الخمس" بمناسبة الذكرى الـ39 للمسيرة الخضراء، والتي حملت مواقف صارمة و لا لبس فيها تجاه قضيتنا الوطنية الأولى، مفادها أن المملكة حسمت بشكل نهائي ولا رجعة فيه ملف الصحراء المغربية، ومضى بعيدا في مسلسل النماء و التشييد في أقاليمه الجنوبية، أما من له أطماع وأحقاد و عقد أبدية فما عليه سوى تجرع مرارة الهزيمة تلو الهزيمة.

وهنا تعود بي الذاكرة إلى نقاش جمعني مع صحفي أجنبي، تزامن مع إعلان المغرب استدعاء سفيرته في ألمانيا للتشاور بسبب ما وصف في حينه بـ"مواقف عدائية تنتهك المصالح العليا للمملكة" ربطها البعض بقضية الصحراء  المغربية، حينما بادر إلى سؤالي "من أين للمغرب بهذه القوة و الجرأة حتى يرفع "العين الحمراء' تجاه مجموعة من القوى الدولية ؟" وهنا كان جوابي واضحا مفاده أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس،لنا مؤسسات  تجمعنا وتوحد صفنا ضد كل ما تسول له نفسه النيل منا،وتقوض مؤامراتهم و دسائسهم، وتجعلهم كحال الديك عندما يأتي السكين على عنقه.

وأن سياستنا باتت مدروسة و استباقية و ببعد جغرافي شمولي في إطار معادلة "رابح رابح"، بعيدا عن البهرجة الإعلامية التي يتقنها الخصوم، وترك الأمور للصدفة، وسياسة الكرسي الفارغ.

مغرب باتت له مكانة أساسية في محيطه الجيوسياسي، سياسيا و اقتصاديا و أمنيا، وله من الإمكانيات و القدرات ما يسمح له بأن يكون ندا للند للقوى العالمية.   
 



في نفس الركن