2021 شتنبر 30 - تم تعديله في [التاريخ]

عبد اللّه البقالي يكتب حديث اليوم


العلم الإلكترونية - عبد اللّه البقالي 

حينما يبرر قضاة المحكمة الأوروبية قرارهم بإلغاء اتفاقيات التعاون الفلاحي و الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي و المغرب بمبررات واهية ، يتأكد أن الحكم سياسي صرف و لا أساس قانوني و منطقي له ، لأن القول بأن سكان منطقة الصحراء لا يستفيدون من عائدات هذه الاتفاقيات ، و الدفع بشرعية تمثيلية هؤلاء السكان ، يكشف عن الخلفية الحقيقية وراء إصرار قضاة في المحكمة الأوروبية على إصدار مثل هذه الأحكام البئيسة .
 
‎الأكيد أن صدور حكم معين لا يتم ، و لا يمكن أن يستند على قناعات شخصية ،أو على أساس مواقف شخصية ، بل لا بد له من أن يعتمد على وقائع واضحة و معينة و محددة ، و إدراك هذه الوقائع لا يتحقق عبر الاحتماء في المكاتب المكيفة ، بل لا بد من إجراء تحقيقات و معاينات و استنطاق الوثائق و المراجع . و هذا ما يكشف الخلفية السياسية لقرار المحكمة الأوروبية الأخير ، لأننا لم نسمع بإجراء تحقيق في عين المكان ، و لا اعتماد حقائق و معطيات محددة تساعد في إصدار حكم عادل متحرر من قيود الاعتبارات و القناعات السياسية .
 
‎إن قضاة المحكمة الأوروبية يدركون جيدا كيف كانت الأوضاع في أقاليمنا الجنوبية في عهد استعمار جاء من نفس المنظومة الإقليمية التي تنتمي إليها المحكمة الأوربية الحالية ، و يعلمون جيدا حجم الاستنزاف و الاستعباد و الدمار الذي مارسه ذلك الاستعمار ، و ما كان لهذا النزاع المفتعل ليوجد لولا الاستعمار الأوروبي لأجزاء كثيرة من المغرب ، و ما أصبحت عليه هذه المناطق حاليا من تقدم و ازدهار على المستويات الاجتماعية و الاقتصادية و العمرانية كافة ، و لذلك من غير المنطقي ، بل من البلادة الدفع باستفادة هذه الأقاليم من عائدات الاتفاقيات .
 
‎أما عن شرعية التمثيلية ، فإن الخلفية السياسية لقضاة المحكمة الأوروبية تتضح في رفضهم للتمثيلية الانتخابية الشرعية التي تفرزها صناديق الاقتراع في إطار انتخابات شهد مراقبون من الاتحاد الأوروبي أنفسهم على نزاهتها ، و بالمناسبة فإن نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات الأخيرة في أقاليمنا الجنوبية كانت الأكثر ارتفاعا على المستوى الوطني ، و ميلهم الواضح نحو تمثيلية مزعومة تفرض بالأساليب المعهودة ، حيث يحشر بعض المئات من المحتجزين في خيمة كبيرة لينتخبوا نفس الأشخاص الذين يقبضون برقاب العباد هناك منذ حقب طويلة من الزمن .
 
‎لا يضير المغاربة في شيء أن يتم إلغاء هذه الاتفاقيات المذكورة ، لأنهم لن يقبلوا بمنطق التجزيء فيما يتعلق بالسيادة الوطنية ، و لأن المغاربة مقتنعون بأن تلك الاتفاقيات تفتقد إلى التوازن الذي يعتمد منطق رابح / رابح ، لكنهم يقبلون بها على مضض لأنهم يدرجونها في التعاون المغربي الأوروبي بمفهومه الشامل و في إطار المقاربة الشاملة .
 
   للتواصل مع الأستاذ الكاتب : bakkali_alam@hotmail.com  
 

 



في نفس الركن