عندما تصل الغطرسة إلى مستويات عالية دون أن يكون لها سند مادي ومعطيات ملموسة مقنعة يكون ذلك مؤشرا على بداية أفول وإنهيار هذا الطرف المتغطرس، هذا أمر أثبتت صحته تجارب الانسانية.
الغطرسة هي الفخر أو العجرفة المفرطة التي تؤدي إلى استعلاء وتكبر على الآخرين مع فقدان التواصل مع الواقع، وغالبا ما ترتبط بسوء تقدير القدرات وتفضيل الأفكار السهلة على التفكير الواقعي، ويمكن أن تظهر في سلوك الأفراد أو في سياق السياسات العالمية.
يصف الكاتب الفنلندى «آرين تورنين» فى كتابه «تاريخ الغطرسة»: ما من شيء أخطر على الإنسان من أن يقع فى براثن الغطرسة، فى لحظة النجاح، عندئذ يعتبر نفسه فى مصاف الآلهة. يقول تورنين: إن الشخص المصاب بالغطرسة أو العجرفة، يعتقد أنه قادر على كل شىء، فالثقة المبالغ فيه بالنفس تستدرج الإنسان إلى تفسيرات خاطئة لبيئته، وأيضا إلى تقديرات خاطئة، ويستحق هذا الشخص أن يلتقى بـ «نمسيس إلهة الانتقام»! ثم يضرب مثالا للغطرسة فى تصرفات نابليون بونابرت الذى أعلن فى عام 1811: بعد ثلاثة أعوام سأصير سيد الكون، فهزمه الإنجليز فى 1815، ونفوه إلى جزيرة سانت هيلانة بالمحيط الأطلنطي، ومات فيها مريضا بعد ست سنوات.
وذكر تورنين: إن نشوة الانتصار تعد عملية كيميائية تنشطها مشاعر إثارة وتشويق دراماتيكية، بمعنى أن تغييرا كيميائيا يحدث فى الأدمغة، تصحبه نبضات فى جميع أنحاء الجهاز العصبى محدثة تلك النشوة، وهو ما حدث لليابانيين، على سبيل المثال، بعد أن انتصروا على الصين فى عام 1937، ثم انتصروا فى معركة تلو الأخرى على الحلفاء فى منطقة المحيط الهادى وفى جنوب شرق آسيا.
من يصدق ان غطرسة جورج كليمنصو رئيس وزراء فرنسا (1917- 1920)، كانت سببا رئيسيا من أسباب الحرب العالمية الثانية بعد عشرين سنة؟، فبعد هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الأولى حرص كليمنصو على الانتقام منها وإذلالها ماديا وإقليميا ونفسيا، مغازلا مشاعر الشعب الفرنسى وهتافاتهم، فأخذ منطقتى الألزاس واللورين ذى الثروات الطبيعية الهائلة من ألمانيا، مقابل ضمان تسديد تعويضات لفرنسا، قد بلغت 226 مليار مارك ذهبى فى عام 1921، خُفضت إلى 132 مليارا، لم تستطع ألمانيا سوى سداد 53 مليارا حتى 1932، وكان يتوقع أن يكتمل السداد على عام 1988، وهو ما كان أرضا خصبة لظهور النازية الغاضبة واندلاع الحرب العالمية الثانية.
يقول الكاتب روبرت إى كابلان إن الحكام الذين تعتريهم نشوة السلطة لديهم نقط عمياء، أى طموح جامح وأهداف لا يمكن الوصول إليها. عموما الغطرسة لها خلفية تاريخية عميقة، غالبًا ما تنشأ فى سياق الإمبراطوريات القوية والحضارات المؤثرة المؤمنة بتفوقها وحتمية الهيمنة، مثل اليونان وروما وبلاد فارس، ويعكس هذا الموقف ظاهرة ثقافية أوسع حيث تؤدى الثقة فى التقدم أو الشعور بالاستحقاق إلى الغطرسة فى مختلف مجالات الحياة، وغالبًا ما ترتبط هذه العقلية بقلق متزايد على المستقبل، وهو ما يعنى وجود علاقة معقدة بين تصور المتغطرس عن تفوقه وانعدام إحساسه بالأمن.
نحن في نهاية الربع الأول من القرن الحادي والعشرين أمام حالة غير مسبوقة فى تاريخ العلاقات الدولية ما بعد الحرب العالمية الثانية، نوع من الغطرسة السياسية، تضرب شمالا وجنوبا، شرقا وغربا.
يستخدم مصطلح الغطرسة العالمية لوصف الهيمنة المفترضة للولايات المتحدة على البلدان الأخرى. وفقا لديفيد إلوود، فإن الغطرسة العالمية هي «عندما تكون ثقافتك ونفوذك الاقتصادي قويين للغاية ومنتشرين على نطاق واسع بحيث لا تحتاج إلى احتلال الآخرين للتأثير على حياتهم». تختلف الغطرسة العالمية عن مفهوم الإمبريالية، التي بموجبها تحتل دولة ما دولة أخرى. وصف الإيرانيون والفرنسيون والألمان واليابانيون والإندونيسيون والهنود والروس الولايات المتحدة بأنها "عاصمة الغطرسة العالميةّ".
واجهت الولايات المتحدة تاريخيا اتهامات بالغطرسة، بدءا من حرب فيتنام مرورا بأفغانستان والعراق وغيرها.
سراب الانتصار على غزة
ذكرت صحيفة واشنطن بوست يوم الأحد 31 أغسطس 2025 أن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب تبحث خطة لما بعد الحرب على غزة تقضي بأن تدير الولايات المتحدة القطاع لما لا يقل عن عقد ونقل سكان غزة وإعادة بنائه منتجعا سياحيا ومركزا صناعيا.
وقالت الصحيفة إن الخطة التي اطّلعت عليها والمؤلفة من 38 صفحة تنص على أن سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليوني ونصف مليون نسمة سيغادرونه إما "طوعا” إلى بلد آخر أو إلى مناطق محددة داخل القطاع خلال إعادة الإعمار.
وكانت رويترز قد ذكرت في وقت سابق أن هناك اقتراحا ببناء مخيمات واسعة النطاق تسمى "مناطق عبور إنسانية" داخل غزة، وربما خارجها، لإيواء السكان الفلسطينيين. وحملت هذه الخطة اسم مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة، وهي منظمة إغاثة مثيرة للجدل تدعمها واشنطن. وقد كشفت مصادر رسمية غربية عدة من بينها مصادر سويسرية أن المؤسسة الإنسانية المزعومة مسيرة من طرف المخابرات المركزية الأمريكية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية وأنها كلفت بعملية وهمية لتزويد سكان غزة بالمؤمن لخداع الرأي العام الدولي ولكنها حولت مراكز الإغاثة إلى مصيدة موت للغازيين كما أكد ذلك عسكريون أمريكيون سابقون انتدبوا كمتقاعدين للعمل في المؤسسة.
وذكرت واشنطن بوست أن كل من يملك أرضا سيحصل على “رمز رقمي” مقابل حقوق إعادة تطوير ممتلكاته، مضيفة أن كل فلسطيني غادر سيحصل على خمسة آلاف دولار نقدا وإعانات مالية لتغطية إيجار أربع سنوات. وأضافت أنهم سيحصلون أيضا على الطعام لمدة عام.
وقالت الصحيفة إن الخطة تسمى “صندوق إعادة الإعمار والتسريع الاقتصادي والتحول في غزة”، ووضعتها مؤسسة غزة الإنسانية.
وتنسق المؤسسة مع الجيش الإسرائيلي وتستعين بشركات أمنية ولوجستية أمريكية خاصة لإدخال المساعدات الغذائية إلى غزة. وتفضلها إدارة ترامب وإسرائيل للقيام بالجهود الإنسانية في غزة على عكس المنظومة التي تقودها الأمم المتحدة والتي تقول إسرائيل إنها تسمح للمسلحين بتحويل المساعدات لصالحهم.
وكانت الأمم المتحدة قد قالت في أوائل أغسطس إن أكثر من ألف شخص لقوا حتفهم في أثناء محاولتهم تلقي المساعدات في غزة منذ بدء مؤسسة غزة الإنسانية العمل في مايو 2025، معظمهم قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية العاملة بالقرب من مواقع المؤسسة.
ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأمريكية بعد على طلب للتعليق، لكن خطة إعادة إعمار غزة تتماشى على ما يبدو مع تعليقات سابقة أدلى بها ترامب.
وأعلن ترامب لأول مرة في الرابع من فبراير أن على الولايات المتحدة “السيطرة” على القطاع وإعادة بنائه ليكون “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد نقل السكان الفلسطينيين إلى أماكن أخرى.
وأثارت تصريحات ترامب غضب أغلب دول العالم والمنظمات الإنسانية إزاء احتمال تهجيرهم قسرا من غزة والسيطرة على أراضيهم,
حرب عصابات
جاء في تقرير نشرته شبكة الجزيرة يوم 28 أغسطس 2025 كتبه حلمي موسى:
تبدو إسرائيل شديدة التناقض، ولو ظاهريا، بين ما تريده وما تستطيع فعله في قطاع غزة. فالقيادة السياسية تعلن صباح مساء نيتها في احتلال مدينة غزة وإلحاق هزيمة تامة بحماس، ولا تخفي حتى نواياها في تهجير الفلسطينيين طوعا وقسرا، وحتى إن بعضها يعلن نيته أيضا الاستيطان فيها.
والجيش الإسرائيلي، الذي كان على الدوام مقاول تنفيذ المخططات السياسية، يتحدث عن أن احتلال غزة هو "فخ"، وأن تنفيذ الخطط يعني الغرق في أوحال القطاع، خصوصا أن الجيش منهك وبحاجة إلى إنعاش وصيانة ومراجعة أولويات. وشهد آخر اجتماع للكابينت تبادل اتهامات وسجالا بين رئيس الأركان الجنرال إيال زامير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، حمل فيه الأول على الأخير بأنه لا يعرف الفارق بين الكتيبة واللواء.
وبحسب القناة 12، فإن النقاش احتدم أثناء مناقشة عملية احتلال غزة، قبل إنجاز مهمة إخلاء نحو مليون فلسطيني، إذ أوضح رئيس الأركان "لا نعرف كم من الوقت سيستغرق إخلاء السكان. لا نعرف مستوى التعاون والوسائل التي سنستخدمها. من الصعب تحديد جداول زمنية دقيقة". فرد عليه سموتريتش "لقد وجّهناك لاتخاذ إجراء سريع. من جهتي، ستُتوّجهم: من لا يخرج، لا تُعطِهم ماءً ولا كهرباء، دعهم يموتون جوعًا أو يستسلمون. هذا ما نريده وأنت قادر على فعله". وانضم إليه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قائلًا: ماذا؟ هل أنتم خائفون من "المدعية العسكرية العامة"؟.
ولم يتدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ولا وزير الدفاع إسرائيل كاتس في هذا النقاش. وتحدث نتنياهو والوزير رون ديرمر عن طول "الحبل السياسي" الذي تملكه إسرائيل. وأوضح الاثنان أن "الرئيس ترامب يمنحنا كل الدعم، لكن لا نملك وقتا لا نهائيا، (..) العمل لمدة 6 أشهر غير ممكن. ترامب يريد عملًا سريعا وحاسما، ولا يريد إطالة أمد الحرب".
ورغم أن إعادة احتلال غزة وتدميرها، وفق ما أعلن من مخططات، يتطلب من الجيش الإسرائيلي ما يقرب من عام، فإن القيادة السياسية تطالب بتقليص الجداول الزمنية. فحرب لمدة عام آخر تزيد ليس فقط حجم الكارثة الاقتصادية التي تعيشها إسرائيل، ولا الكارثة السياسية الدولية، وإنما أيضا ما يعانيه الجيش الإسرائيلي ذاته من تفكك وتراجع.
وثمة بين العسكريين من يرون أن الجيش الذي فشل في تحقيق أهداف "عربات جدعون الأولى"، سوف يمنى بمزيد من الخسائر وسيفشل في تحقيق أهداف "عربات جدعون الثانية". وفي نظر هؤلاء، يجد قادة الجيش الإسرائيلي صعوبة في فهم معنى حرب العصابات الحديثة. إذ "يتحدث كبار القادة الإسرائيليين في الميدان وفي المناصب العليا عن مقاومين خائفين يفرون من الجيش الإسرائيلي، لكنهم ببساطة لا يفهمون حرب العصابات التي تشنها حماس، التي لا تسعى إلا إلى الانتقام والاختفاء وتستخدم القوة النارية التي يستخدمها الجيش في قطاع غزة لتوريط إسرائيل في العالم".
وبحسب ما ينشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الجيش وفق ما يقع من أحداث، خصوصا العمليات التي وقعت في بيت حانون وجباليا والزيتون وخاني ونس ورفح، يواجه جملة مشاكل يصعب حلها في وقت قريب. فالجيش البري يعاني من إنهاك واسع، ومعداته تحتاج إلى صيانة، كما أن الروح القتالية لجزء من جنوده، تراجعت بشكل كبير.
وتعتقد قيادة الجيش أن برنامج الحملة الذي يبدأ في 7 أكتوبر 2025، يسمح لفصائل المقاومة بالتخندق والاستعداد في أنفاق مدينة غزة، مما يجعل ما جرى حتى الآن من مقاومة مجرد جزء يسير مما سيحدث.
وصرح مصدر عسكري إسرائيلي لشبكة "سي إن إن" الأمريكية بأنهم "يعلمون أننا قادمون ولذلك هم يستعدون"، في وقت أن الجيش غير متأكد من عدد المقاومين الباقين، ولا يعرف بدقة شبكة الأنفاق في المدينة، والتي هي "أكثر تعقيدا مما توقعنا". وإذا أخذنا بالحسبان ما جرى في آخر عملية اقتحام لموقع عسكري إسرائيلي في خان يونس حيث كانت فتحات النفق على بعد 40 مترا فقط من الموقع، نعرف حجم المصاعب التي تعترض الجيش في غزة.
وبحسب تحقيقات الجيش الأولية، استغرق الأمر حوالي ثلاث ساعات من لحظة خروج مسلحي حماس من فتحة النفق، التي تبعد حوالي 40 مترا عن الموقع العسكري، حتى انتهاء الحادث. ويعترف الجيش بأنه رغم وجود معلومات استخباراتية شاملة حول الأنفاق في قطاع غزة، فإنهم لم يعثروا عليها جميعا بعد.
وتوجد قوات من وحدات مختلفة من الجيش الإسرائيلي في المنطقة التي وقعت فيها الحادثة منذ عدة أسابيع. وقد خرج مسلحون من فتحة النفق المذكور، ودخلوا الموقع الذي تمركزت فيه قوة من لواء كفير، وبدؤوا بإطلاق نيران الرشاشات والصواريخ المضادة للدبابات على القوات. حسب تل أبيب أصيب ثلاثة جنود، أحدهم بجروح خطيرة واثنان بجروح طفيفة، وبدا أن المهاجمين كانوا يستعدون لأسر جنود.
المعلومات الاستخبارية
وكتب المراسل العسكري لـ"يديعوت" يوآف زيتون أن المعلومات الاستخبارية التي لدى الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن حماس استأنفت بناء الأنفاق والبنية التحتية تحت الأرض حتى في المناطق التي أجرى فيها الجيش مناورات سابقة. ويقدر الجيش وجود أنظمة تحت الأرض كبيرة ومهمة لحماس في مدينة غزة، بعضها لم يُكشف في المناورة الأولى في المدينة قبل حوالي عام ونصف العام، وسيكون التحدي تحت الأرض أكثر خطورة للقوات في حال إجراء مناورة أخرى هناك.
وقال مسؤول في الجيش ليديعوت "القتال لمدة عامين في غزة أمر معقّد وصعب. معنويات المقاتلين واحترافيتهم عالية للغاية، لكننا نتعامل مع عواقب قتالٍ ممتد لعامين متتاليين". ويقر كثيرون بأن هجوم خان يونس لم ينتهِ بكارثة، لكن الكابوس الحقيقي ينتظر الجيش في غزة. فغزة فيها أعلى كثافة بنائية وبعمارات وأبراج عالية، وهدمها -عدا عن الوقت الطويل الذي يتطلبه- يوفر غطاء هاما للأنفاق وفتحاتها. والفشل الاستخباري الذي ظهر في خان يونس، سوف يتكرر في غزة وربما بوتائر أعلى.
كما أن تجربة خان يونس أظهرت أنه رغم توهم سيطرة الجيش على المدينة و"تطهيرها" ثلاث مرات، فإن ذلك لم يمنع استمرار وجود أنفاق ومقاومين فيها. وحسب مصدر إسرائيلي "هكذا تبدو حرب العصابات. جيشٌ كبير يتمركز في خلية ميدانية، في حين يتحرك الإرهابيون عبر الأنفاق. يخرجون، وينفذون هجومًا ثم يختفون". وهذا بالضبط الكابوس الذي يخشاه الجيش الإسرائيلي بشدة في غزة، فالجيش الذي يبقى في أرض يحتلها لفترة طويلة، يفتقر للمزايا التي توفرها لمقاتلي حرب العصابات.
وفي مقالة لمراسل القناة 12 شاي ليفي، يعرض لسوء فهم قادة كبار وصغار في الجيش الإسرائيلي لمبادئ حرب العصابات التي تعتمد مبدأ "اضرب واهرب"، وهو أمرٌ الجيش الإسرائيلي ليس مؤهلا له. ويعتقد أن سوء الفهم هذا يؤثر بشكل مباشر على عملية صنع القرار وعلى الإستراتيجية والنتائج النهائية. وهو يرى أن الجيش الإسرائيلي دمر منظومات حماس العسكرية من قيادات وأدوات وهياكل التي كانت أشبه بمنظومات جيش. لكن الحرب استمرت وحماس غيّرت أسلوبها: بدلا من جيش كبير غدت منظمة حرب عصابات. وغدا تمركز الجيش الإسرائيلي في مواقع ثابتة سمة ضعف وليس عنصر قوة.
جبهة بلا خطوط
وأشار إلى أن عقيدة الجيش الإسرائيلي القتالية المعتمدة على مبادئ الحركة السريعة وإطلاق النار الكثيف وغزو الأراضي، تجد صعوبة في التعامل مع واقعٍ يفتقر إلى خط جبهة واضح، ويعمل فيه العدو في مساحة مدنية كثيفة مليئة بالدمار والبنية التحتية تحت الأرض.
مبادئ حرب العصابات هي الاختباء، وتحديد نقاط الضعف، ثم الاختفاء بسرعة. وبسرعة صار الجيش يقيس نجاحاته بإحصاء جثث أعدائه من دون أن يؤثر ذلك على مجرى الأمور. فالهدف ليس تحييد أفراد، وإنما في الأصل كسر إرادة القتال عندهم.
ويرى شاي ليفي أن هناك في الجيش الإسرائيلي بشكل عام، من أعلى المستويات إلى أدنى المستويات، انفصاما يُذكّرنا بالجنرالات الأمريكيين في حرب الفيتنام. فقادة الجيش الإسرائيلي يعرضون صورة وردية، لكنهم ببساطة منفصلون عن الواقع الصعب والمعقد على الأرض بشكل عام. وهذا يُعطي الجمهور الإسرائيلي ذروة الفرح والشعور بالنصر، الذي ينفجر على أرض الواقع، ومرة أخرى لا نفهم -على سبيل المثال- كيف بعد عامين، تهاجم فصيلة من حماس موقعا للجيش الإسرائيلي أو حتى تفكر في الأمر.
ويوضح المقدم (احتياط) ألون إيفياتار، الخبير في الشأن الفلسطيني، في حوار على إذاعة "إف إم 103" أن حماس "تلقت ضربة موجعة، وهي تعمل وفق نمط مختلف. فقد تطورت من جيش صغير إلى حرب عصابات خالصة، وتعمل من منطق حرب عصابات. بفضل وحداتها داخل الأنفاق، تتمكن من تسليح نفسها، والسيطرة على المتفجرات، ومن وجهة نظرها، إذا قررت إسرائيل دخول قطاع غزة، فستحرص على محاصرته بطريقة تُنهك إسرائيل. ستتخبط إسرائيل في دمائها. ومن وجهة نظرها، القطاع مجرد وحل غزي، وإذا دخلت إسرائيل، فستدفع الثمن". وفي نظره "حماس ليست خائفة من دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة"، فقد وجهوا رسالة "إذا قررت إسرائيل دخول مدينة غزة، فحماس تنتظرها هناك".
لبننة
أما الرئيس السابق لشعبة العمليات الجنرال (احتياط) إسرائيل زيف فحذر في حوار على إذاعة إف إم 103″ من أنه يُلاحظ تغييرًا في نمط عمل حماس. وقال "هذا بالضبط ما تسمّى بـ"لبننة" الوضع في غزة. هناك نوع من عدم الوضوح فيما يتعلق بمسألة عدم وضوح الهدف، ونتيجةً لذلك، تبقى القوات في حالة مؤقتة باستمرار. الدفاع غير مُنظّم ولا يوجد زخم للهجوم".
وبحسب زيف "ما نراه أمام أعيننا هو حماس جديدة، حماس تتعافى من الضربة التي تلقتها من الجيش الإسرائيلي. حماس تُعيد تنظيم نفسها كما بدأت كمنظمة إرهابية، منظمة حرب عصابات". من وجهة نظره، هذا تغييرٌ نتج عن أفعالنا. اليوم، نتعامل مع نوع من صنع أيدينا، "بمجرد أن لا تُغير النتيجة وضع الحكم هناك، ستُسبب الفوضى في ما يلي. الأمر لا يقتصر على حماس فحسب، بل هناك جماعات مسلحة أخرى لا تُقاتل إسرائيل حاليا".
عموما، من المؤكد أن إسرائيل تبحث في كل الاتجاهات عما يمكن أن يقلص من آثار حرب العصابات على جنودها. ولكن في ظل وضع فيه آلاف الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة التي يعيد الفلسطينيون استخدامها، وآلاف الشباب الناقمين على الاحتلال، وسد إسرائيل آفاق أي تسوية أو حكم مقبول، فإن النتيجة الطبيعية هي مقاومة مستمرة. وحرب العصابات تعتمد بشكل كبير على دوافع وأهداف نفسية وإعلامية مؤثرة ميدانيا، وفي الأساس على الجنود ومعنويات الجمهور الإسرائيلي وما تثيره من جدل عام.
وعندما يترافق هذا مع أشكال المقاطعة السياسية والاقتصادية والملاحقات القانونية، فإن فرص الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب من دون شروطها تزداد. وأخيرا فإن حرب العصابات إذا ما تطورت، وليس فقط في قطاع غزة، فإنها تشكل النقيض لعقيدة القتال الإسرائيلية القائمة على الضربات الخاطفة والحرب السريعة.
إسرائيل عالقة في فخ
تحت عنوان “إسرائيل في فخ غزة”، قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية إن أكثر من عام ونصف مضى منذ هجوم السابع من أكتوبر، ومع ذلك لم تحل إسرائيل أياً من معضلاتها، بل على العكس، فالخطة التي أقرّها مجلس وزراء بنيامين نتنياهو في 5 مايو لإعادة السيطرة على القطاع، تنذر بكوارث جديدة. وترى المجلة أن إعادة الاحتلال العسكري لغزة ستعيد إسرائيل إلى مستنقع إدارة منطقة يبلغ عدد سكانها أكثر من 2.1 مليون نسمة، يعاديها معظمهم. وهو تحديدا ما دفع رئيس الوزراء الأسبق، أرييل شارون، إلى الانسحاب من القطاع عام 2005 وتفكيك المستوطنات المقامة فيه. والعودة إليه اليوم ستكون “كارثة بكل المقاييس”، بحسب المجلة، مشيرة إلى أن أكثر من 60 في المئة من الإسرائيليين، وفقا للاستطلاعات، يعارضون إعادة احتلال غزة.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن القضاء على مقاتلي الحركة الإسلامية بات قريبا. لكن، أليس هذا ما يعد به منذ عام ونصف؟ تتساءل المجلة الأسبوعية الفرنسية، مضيفة أن نتنياهو، على عكس معظم أسلافه، أراد إقناع شعبه بإمكانية تحقيق الازدهار من دون سلام، متجاهلا أن الاحتلال والاستيطان لا يؤديان سوى إلى تأجيج الصراع وجر البلاد إلى مزيد من الاضطرابات.
واعتبرت المجلة الفرنسية أن غياب الغطاء الدبلوماسي، وغياب رؤية لحل سياسي للقضية الفلسطينية، وعدم وجود خطة لتحرير الرهائن، كلها عوامل تدفع حكومة نتنياهو يومًا بعد يوم إلى فخ غزة. وهذا بالضبط ما كان يريده زعيم “حماس” الراحل، يحيى السنوار. فرغم أن العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر قد تمت تصفيته من قبل الجيش الإسرائيلي، فإن الفخ الذي نصبه ما يزال يطبق شيئًا فشيئا على إسرائيل، تختم مجلة “لوبوان”.
هل تتجدد الحرب على لبنان؟
على الجبهة اللبنانية ورغم نجاحها يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 في قتل زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله وعدد من كبار قادة التنظيم وجر بيروت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يعود حزب الله إلى استعادة عافيته وتفشل واشنطن حتى الآن في نزع سلاحه رغم ضغوطها وتهديداتها وهو ما يضع إسرائيل أمام خطر تجدد التعرض للضربات.
لم يكن قرار الحكومة اللبنانية بطرح شعار «حصرية السلاح» حدثًا عابرًا في السياسة الداخلية، بل خطوة أعادت النقاش إلى مربّعه الأول: مستقبل سلاح حزب الله. ومع تمسّك الحزب برفض أي مسّ بهذا السلاح، بدا واضحًا أن الصراع لم يعد فقط سياسيًا داخليًا، بل بات يتقاطع مع حسابات إقليمية أوسع، وفي مقدمتها قرار إسرائيل بشأن احتمالية تجدد الحرب على لبنان.
من جانبها، تبدو إسرائيل عالقة بين حدين متناقضين: الأول باستعجال الحسم خوفًا من أن يستعيد الحزب عافيته بسرعة، ويحول الضربات الأخيرة إلى فرصة لتعزيز قوته، والثاني يفرض التريث خشية أن تؤدي أي حرب جديدة إلى قلب المعادلات وإعادة الصواريخ إلى تل أبيب، بما يطيح بالسردية التي يروج لها نتنياهو عن إنهاء خطر الحزب.
وبين هذين الحدين، تتزايد الأسئلة في لبنان: هل يشكل شعار «حصرية السلاح» بداية مرحلة جديدة من المواجهة الداخلية والخارجية معًا؟ أم أنه مجرّد فصل إضافي في مسار مأزوم، تبقى فيه احتمالية الحرب قائمة، ولكنّ توقيتها رهنٌ بحسابات إسرائيلية معقدة؟
منذ انتهاء الحرب الأخيرة، يتصرف العقل الإسرائيلي على قاعدة أنّ الفرصة التي سنحت لتوجيه ضربات قاسية إلى حزب الله قد لا تتكرر مرة أخرى. ذلك أنه رغم الجراح العميقة التي أصابت الحزب، إلا أنّ إسرائيل تدرك أنّ الضربة القاضية لم تتحقق. وقد علّمتها تجربة أربعة عقود أنّ حزب الله ليس حركة يمكن إضعافها إلى حدّ الانهيار، ولا هو شبيه بمنظمة التحرير التي أخرجت من بيروت عام 1982، بل هو تنظيم عقائدي شديد القدرة على التعلّم والتكيّف.
وهذا العنصر يزيد من قلق إسرائيل. لأن كل يوم إضافي يسمح للحزب بإعادة ترميم قدراته، وبناء ما تهدّم، واستنباط طرق جديدة لمواجهة التهديدات. ولأن الحزب يميل إلى تحويل كل انتكاسةٍ أو تهديد إلى فرصة لاكتساب خبرة أكبر ومراكمة عناصر قوة إضافية، فإنّ تل أبيب ترى أنّ «النافذة الزمنية» المتاحة لها الآن قد تنغلق سريعًا.
من هنا ينبع الاستعجال الإسرائيلي: فكرة أنّ الحسم يجب أن يُنجَز قبل أن يكمل الحزب لملمة صفوفه ويستعيد قدراته. لأن تقدير العدو الأمني يرى أنّ الضربات التي أصابت القيادة والبنية التحتية للحزب لن تبقى فعالة لوقت طويل، وأن أي تأخير يمنح الحزب فرصة استعادة زمام المبادرة.
هذا الاستعجال ليس كافيًا لدفع إسرائيل نحو الحرب. فالحسابات السياسية والعسكرية في تل أبيب أكثر تعقيدًا مما يبدو. صحيح أنّ إسرائيل خرجت من المواجهة الأخيرة بقدرٍ من التفوق النسبي وحرية حركة أوسع، ولكنّ ذلك لا يعني أن خوض حرب جديدة سيكون بالضرورة في صالحها.
في الداخل الإسرائيلي، يروّج نتنياهو لسردية مفادها أنّه استطاع «تحييد خطر حزب الله» أو على الأقل تقليصه إلى الحدّ الأدنى. أي مواجهة جديدة تحمل في طياتها خطر تقويض هذه السردية بسرعة، إذ يكفي أن تسقط صواريخ على تل أبيب أو مدن الوسط لتنهار صورة «الانتصار» وتتحول إلى عبء سياسي على الحكومة.
في العامل الإقليمي والدولي، تعلم إسرائيل أنّ أي حرب واسعة على لبنان قد تعيد خلط الأوراق مع الولايات المتحدة ومع العواصم العربية التي تشهد مسار تطبيع متفاوت. كما إن التغيرات في سوريا والعراق واليمن تجعل ميدان الحرب أكثر تشابكًا، واحتمالات المفاجآت أعلى مما كانت عليه في السابق. وهذا، ما يجعل التريث خيارًا غير ثانوي، بل ضرورة سياسية وعسكرية، ما دامت إسرائيل تستثمر مكتسبات الحرب الأخيرة، دون المجازفة بخسارتها في مواجهة جديدة قد تكون مكلفة وغير محسوبة النتائج.
مشروع الداخل لنزع السلاح لا يلزم إسرائيل بأي خطوة، فيما اعتمد حزب الله خيار الغموض حول قدراته ونواياه.
في الداخل اللبناني، يحتدم النقاش حول مشروع «حصرية السلاح»، حيث يتصرف خصوم حزب الله على استغلال فرصة تاريخية للتخلص منه نهائياً. ويتهامس هؤلاء عما إذا كان العدو سيدعم هذه الجهود عبر القيام بخطوات ملموسة، مثل الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة في الجنوب، أو وقف الاعتداءات المتكررة والاغتيالات والغارات الجوية؟ انطلاقاً من الاعتقاد بأن هذه الإجراءات تسحب الذرائع من يد الحزب وتمنح الحكومة قوة لفرض قرارها.
قد يبدو هذا الخيار منطقيًا، ولكن إسرائيل لا تفكر بهذه الطريقة. فالغطرسة الإسرائيلية لا تسمح بهكذا «تنازلات»، وهي تقول إنّها تصنع «أمنها» بيديها، لا عبر أي معاهدات أو ترتيبات أمنية. لذلك فهي تفضّل تكريس معادلة التفوق والهيمنة، حتى لو كانت النتيجة المباشرة أن تمنح حزب الله نقطة قوة إضافية في النقاش الداخلي. فالحزب يطرح السؤال البديهي: كيف يُطلب منه التخلي عن سلاحه فيما العدو لا يزال يحتل وينتهك ويضرب؟
بهذا المعنى، تعيد إسرائيل إنتاج المعادلة نفسها: إصرار على إظهار السيطرة واليد العليا، ولو على حساب منح حزب الله المزيد من الأسباب والشرعية في التمسك بسلاحه. إنها سياسة تقوم على الإذلال وردع الخصوم، ضاربةً عرض الحائط القرار 1701 أو أي مسار ديبلوماسي يمكن أن يقود إلى استقرار حقيقي.
في مقابل الضغوط الإسرائيلية والداخلية، يبدو أن حزب الله يعتمد مقاربة جديدة لإعادة بناء معادلات الردع، تقوم على العودة إلى المجهول. فالحزب بات ممتنعًا عن الكلام العلني حول قدراته العسكرية، وتوقف عن استعراض نوعية السلاح أو الإعلان عن عمليات إعادة البناء، مفضلًا الصمت والغموض على الإفصاح والتباهي.
هذا النهج يعيد إلى الأذهان المرحلة الممتدة منذ تأسيس الحزب حتى حرب يوليو 2006، حيث كانت السرية التامة والحساسية الأمنية المطلقة من أبرز سمات عمله. يومها، كان الغموض نفسه مصدر قوة، إذ ترك العدو في حالة شك دائم حول ما يملكه الحزب، ما جعل المخيلة الإسرائيلية تميل دائمًا إلى افتراض الأسوأ.
اليوم، يبدو أنّ الحزب يسعى إلى استعادة هذا الغموض البنّاء، إذ يتحول إلى أداة ردع بحد ذاته: فالتكتم على القدرات وخطط التعافي يعيد للحزب قدرة على المفاجأة، ويجعل إسرائيل عاجزة عن التقييم بدقة لحجم التهديد. ويعيد حزب الله صياغة ردعه عبر العودة إلى الغموض البنّاء: صمت مدروس يعيد إنتاج حالة الشك لدى العدو.
ولعلّ أكثر ما يعبّر عن هذه المقاربة هو ما قاله مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة: «نحن حزب قتال، ولكن حزب رويةٍ بالقتال». فالحزب اليوم لا يتخلى عن سلاحه ولا عن مشروعه، ولكنه يقدّم نفسه كتنظيم أكثر ترويًا وسرية، لا يُستَفز ولا يجانب خوض معركة حسب توقيت الآخرين، فيجمع بين الاستعداد الدائم وبين الصبر الإستراتيجي، ليعيد صياغة الردع من موقع الظل لا من منصة العلن.
هكذا، يقف لبنان على حافة مواجهة جديدة، في معادلة شديدة الحساسية: إسرائيل لا تثق بالوقت وتخشى المستقبل، وحزب الله يراهن على الزمن كسلاح سريّ بحد ذاته.
حراس البحر الأحمر
رغم نجاح إسرائيل بدعم من حلفائها في واشنطن ولندن وبرلين في قتل رئيس وزراء اليمن وعدد من أعضاء حكومته خلال اجتماع لهم في صنعاء يوم الخميس 28 أغسطس 2025 لم يحدث فراغ في اليمن وواصل الجيش اليمني عمليات قصفه للمواقع الحساسة في إسرائيل.
وفاتح سبتمبر توعدت صنعاء بردّ واسع ومؤلم على اغتيال حكومة الرهوي، مؤكدة تصعيد المواجهة مع الكيان الإسرائيلي وتهديد مواقع حيوية للاحتلال.
وأكّدت القيادة العسكرية العليا، في تصريحات متعدّدة، أن الردّ اليمني على هذه الجريمة سيكون مؤلماً للعدو، وأن «أياماً سوداً تنتظر إسرائيل».
وقد تمكّنت صنعاء من احتواء تداعيات الاستهداف الذي طاول اجتماعاً للحكومة، في أقلّ من 48 ساعة، وذلك بتكليف النائب الأول لرئيس الحكومة، محمد مفتاح، بالقيام بأعماله إلى حين تعيين خلَف للشهيد، وتوجيه القوات المسلحة بالرد القوي والمؤلم على هذه الجريمة التي أودت، إلى جانب الرهوي، بحياة وزراء الخارجية، جمال أحمد عامر، والزراعة، رضوان الرباعي، والكهرباء، علي سيف الشرجبي، والإعلام، هاشم شرف الدين. وقالت مصادر حكومية مطّلعة في صنعاء، لـ»الأخبار»، إن وزراء آخرين أيضاً أصيبوا بجروح متباينة، مضيفة أن البعض منهم إصاباتهم خطرة، ويتلقّون العلاج في مستشفيات العاصمة. ونفت المزاعم التي تم تسويقها في شأن مقتل جميع أعضاء الحكومة.
قالت مصادر عسكرية مطّلعة، لـ»الأخبار»، إن «الردّ اليمني على استهداف اجتماع اعتيادي لحكومة مدنية، لن يكون انفعالياً كما يتوقّع البعض، بل إن العمليات التي تعدّ لها قوات صنعاء ستكون نوعية ومؤلمة، وإن مقرّات الاحتلال الحكومية لن تكون بعيدة عن نيران قواتنا المسلحة». وأضافت المصادر أن «بنك أهداف صنعاء قد يتّسع ولن يكون منزل ومقرّات (رئيس حكومة العدو، بنيامين) نتنياهو، أماكن آمنة».
وعلى خط مواز، دفع هذا الاغتيال، بقيادة «أنصار الله»، إلى وضع الملف الأمني الداخلي في رأس قائمة الاهتمامات، خاصة أن الموالين للتحالف المعادي للحوثيين حاولوا استغلاله، بالدعوة إلى التصعيد ضد الحركة، معتبرين أن ما حدث سيضعف الحركة.
في المقابل، بدت مخاوف الكيان الإسرائيلي من ردّ صنعاء على الهجوم، واضحة. وخلال الساعات الماضية، قالت وسائل إعلام عبرية إن حكومة الاحتلال نقلت اجتماعاتها إلى أماكن سرية ومحصّنة تحت الأرض، في حين ذكرت «القناة 12» العبرية أن الحكومة فرضت حظر نشر في شأن اجتماعاتها.
للتواصل مع الكاتب
عمر نجيب
Omar_najib2003@yahoo.fr