2023 فبراير 28 - تم تعديله في [التاريخ]

عودة‭ ‬النقاش‭ ‬حول‭ ‬تعديل‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬

الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬لعيد‭ ‬العرش‭ ‬حدد‭ ‬المعالم‭ ‬الكبرى‭ ‬للإصلاحات‭ ‬المنتظرة‭ ‬


العلم الإلكترونية - لحسن الياسميني 

تستعد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والمنظمات‭ ‬المهتمة‭ ‬بوضع‭ ‬المرأة‭ ‬لوضع‭ ‬مذكراتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بتصورها‭ ‬حول‭ ‬التعديلات‭ ‬المزمع‭ ‬إجراؤها‭ ‬على‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬19‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬هذه‭ ‬المدونة‭ ‬سنة‭ ‬2004‭.‬
 
ويأتي‭ ‬التعديل‭ ‬المرتقب‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬المدونة‭ ‬التي‭ ‬رغم‭ ‬نقائصها‭ ‬كانت‭ ‬خطوة‭ ‬كبيرة‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬آخر‭ ‬قانون‭ ‬للأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬الصادر‭ ‬سنة‭ ‬1993‭.‬
 
فخلال‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬المدونة‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تستجب‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬تحصين‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والأسرة،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الفراغات‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تركتها‭ ‬المدونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬السلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬التي‭ ‬منحتها‭ ‬للقاضي،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬النقص‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الاختصاص،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬القضاة‭ ‬الممارسين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬،‭ ‬وتم‭ ‬تكليفهم‭ ‬بأقسام‭ ‬قضاء‭ ‬الأسرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السلط‭ ‬التقديرية‭ ‬الممنوحة‭ ‬للقضاة‭ ‬غير‭ ‬مؤطرة‭ ‬قانونيا‭ ‬بالشكل‭ ‬الكافي‭ ‬لتفادي‭ ‬الأحكام‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المظلومين،‭ ‬خصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتقدير‭ ‬النفقة،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬المدونة‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬معايير‭ ‬موحدة‭ ‬لتحديدها‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني،‭ ‬بل‭ ‬تركت‭ ‬الأمر‭ ‬للسلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬للقضاة،‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التعويضات‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬تختلف‭ ‬داخل‭ ‬المحكمة‭ ‬الواحدة،‭ ‬هذا‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تضارب‭ ‬السلط‭ ‬والقرارات‭ ‬بين‭ ‬درجات‭ ‬المحاكم،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬أحكام‭ ‬صادرة‭ ‬من‭ ‬محاكم‭ ‬دنيا‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬لقضاة‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭.‬
 
ومن‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬المدونة‭ ‬الحالية،‭ ‬الفصل‭ ‬400‭ ‬منها‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لاجتهادات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭.‬
 
ومن‭ ‬الدواعي‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬إلى‭ ‬الدعوة‭ ‬لمراجعة‭ ‬المدونة،‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬الذي‭ ‬يقر‭ ‬المناصفة‭ ‬ومزيدا‭ ‬من‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تتلاءم‭ ‬المدونة‭ ‬باعتبارها‭ ‬قانونا‭ ‬أدنى‭ ‬مع‭ ‬أسمى‭ ‬قانون‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وهو‭ ‬الدستور‭.‬
 
كما‭ ‬تأتي‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬تنفيذا‭ ‬للخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬لعيد‭ ‬العرش‭ ‬المنصرم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬حدد‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لمعالم‭ ‬التعديلات‭ ‬المرتقبة‭ ‬لمدونة‭ ‬الأسرة،‭ ‬والتي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تنزيل‭ ‬الفصل‭ ‬19‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬الذي‭ ‬يكرس‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل،‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬وينصّ‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المناصفة‭ ‬كهدف‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭.‬
 
ومن‭ ‬حيث‭ ‬المنهجية‭ ‬أكّد‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬منهجية‭ ‬تعددية‭ ‬وتشاورية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مقاصد‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وخصوصيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬الاعتدال‭ ‬والاجتهاد‭ ‬المنفتح،‭ ‬والتشاور‭ ‬والحوار،‭ ‬وإشراك‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬والفعاليات‭ ‬المعنية‭.‬
 
كما‭ ‬تأتي‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬انسجاما‭ ‬مع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬التي‭ ‬صادق‭ ‬عليها‭ ‬المغرب،‭ ‬ورفع‭ ‬عنها‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التحفظ‭.‬
 
وينتظر‭ ‬المتتبعون‭ ‬الآفاق‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفتحها‭ ‬التعديل‭ ‬الجديد،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬رفعت‭ ‬من‭ ‬سقف‭ ‬المطالبة‭ ‬حيث‭ ‬طالبت‭ ‬بالمراجعة‭ ‬الجذرية‭ ‬للمدونة‭.‬
 
ومن‭ ‬شأن‭ ‬الاجتهاد‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬عليه‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬توازنا‭ ‬بين‭ ‬انتظارات‭ ‬المنظمات‭ ‬المهتمة‭ ‬بقضايا‭ ‬المرأة‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬المشاورات‭ ‬من‭ ‬تعديلات‭ ‬ستعزز‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬مكاسب‭ ‬الأسرة،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬الاختلالات‭ ‬التي‭ ‬أبانت‭ ‬عنها‭ ‬المدونة‭ ‬الحالية‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬تطبيقها‭. ‬



في نفس الركن