2025 أغسطس/أوت 12 - تم تعديله في [التاريخ]

عيد الشباب 2025.. الرياضة ورش ملكي بامتياز


محمد بن الماحي، رئيس الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات
العلم - بقلم محمد بن الماحي

شكلت سنة 2025 محطة حاسمة في مسار الرياضة المغربية، بفضل الإرادة الملكية السامية التي جعلت من الرياضة رافعة حقيقية للتنمية الشاملة.
 
فبالنسبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لم تعد الرياضة مجرد ساحة للتباري أو فضاءً لتحقيق الإنجازات الفردية، بل أصبحت ركيزة أساسية للتنمية متعددة الأبعاد، انسجاماً مع توجهات النموذج التنموي الجديد.
 
الرؤية الملكية.. ملامح ومسارات
 
رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس واضحة المعالم: اعتبار الرياضة أداة استراتيجية للتنمية وقوة هادئة قادرة على ترسيخ المكتسبات، وتسريع وتيرة التحديث، وتزويد المملكة بمزيد من البنيات التحتية الطرقية والفندقية ومنشآت الإنتاج المتطورة.
 
وهي رؤية تشمل الجهات الاثنتي عشرة للمملكة، بما تزخر به من ثروات وتنوع، لاسيما اللغوي والثقافي، في إطار تفعيل الجهوية المتقدمة، واعتماد الرياضة كرافعة اجتماعية وتنموية قوية.
 
وقد مكنت هذه المقاربة كل مواطن من الشعور بالفخر والانتماء لهذا المشروع الوطني الجامع.
 
إعادة ابتكار العبقرية المغربية
 
إعادة بناء الثقة في القدرات الوطنية، وتحديث البلاد بعمق، وترسيخ مبادئ الإنصاف والتضامن الاجتماعي، ومنح الشباب المغربي دفعة قوية نحو المستقبل، وتحقيق تنمية متوازنة ومتناغمة، وفتح آفاق التشغيل والتكوين: كل ذلك يشكل جوهر الطموح الملكي.
 
وبكلمة واحدة، بناء مجتمع ديمقراطي حديث يمنح المواطن المغربي سبباً للوجود والمساهمة.
 
هذه الرؤية تجمع بين تشييد بنى تحتية رياضية حديثة، ودعم معنوي دائم للأبطال والممارسين.
 
وفي خطبه، ذكّر جلالته بأن: “بركة الله ترافق العمل عندما يكون في خدمة المصلحة العامة”، جاعلاً من الرياضة، بكل أبعادها، ورشاً وطنياً للتنمية.

بنية تحتية رياضية في خدمة التنمية
 
تميز المشهد الرياضي لسنة 2025 بإنجاز مشاريع كبرى:
 
 • تدشين ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، المهيأ لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، في ترشيح يجمع بين إفريقيا وأوروبا، والشمال والجنوب، والعالمين العربي والمتوسطي.
 • انطلاق أشغال الملعب الأولمبي الجديد بالرباط.
 • إعطاء الانطلاقة لمشروع ملعب الحسن الثاني ببنسليمان، الأكبر في إفريقيا ومن بين القلائل عالمياً بطاقة استيعابية تصل إلى 115 ألف متفرج، وبميزانية تبلغ 5 مليارات درهم.
 
وقد استُكملت هذه المشاريع بتحديث ملاعب الدار البيضاء، وأكادير، ومراكش، وفاس، وطنجة، وفق المعايير الدولية للاتحادين الإفريقي والدولي لكرة القدم.
 
تضافر الجهود
 
أولى جلالة الملك أهمية كبرى لربط هذه المنشآت الرياضية بشبكات نقل عصرية وفعّالة، بما في ذلك القطار فائق السرعة.
 
وقد خصص قانون المالية لسنة 2025 مبلغ 70 مليار درهم للبنيات التحتية العمومية، في إطار مخطط شامل بقيمة 340 مليار درهم، يشمل خطوط السكك الحديدية السريعة وتوسعة المطارات، مما يجعل المغرب أكثر انفتاحاً وجاهزية لاستقبال العالم.
 
الدبلوماسية الرياضية
 
على الصعيد الدولي، واصلت الرياضة دورها في تعزيز إشعاع المملكة:
 
 • تنظيم كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
 • إنجازات في رياضتي التنس والتايكواندو.
 • تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025.
 • احتضان أول كأس إفريقية لكرة القدم داخل القاعة للسيدات، التي توج بها المغرب.
 • تنظيم بطولة إفريقيا للكرة الطائرة بمرتيل.
 • انطلاق طواف المغرب للدراجات من العيون.
 • تعزيز الشراكة مع الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية لتنظيم بطولات مدرسية في رياضة الغولف.

ومن المنتظر أن يتابع أكثر من 5 مليارات مشاهد فعاليات كأس العالم 2030، مما سيمنح المغرب إشعاعاً عالمياً غير مسبوق، إلى جانب استهداف استقبال 35 مليون زائر سنوياً في أفق 2030.
 
تنسيق احترافي
 
لضمان تنسيق فعّال، تم إحداث مؤسسة المغرب 2030، المكلفة بمتابعة جميع المشاريع الكبرى المرتبطة بكأس العالم، وضمان أن يكون هذا الحدث رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار النموذج التنموي الجديد.
 
-المرأة والرياضة : المساواة بين الرجل والمرأة .
 
من أبرز لحظات السنة استقبال جلالة الملك للمنتخب الوطني النسوي لكرة القدم خلال احتفالات عيد العرش.
 
هذا الحدث الرمزي أكد أن الرياضة النسوية أصبحت ركناً أساسياً في المشروع الرياضي الوطني، وأن المرأة المغربية شريك لا غنى عنه في رفع راية الوطن عالياً.
 
-الشباب المغربي : جيل مغربي جديد .
 
اليوم ملايين الشباب المغاربة، يعيشون “الزمن الرقمي”، الذي يفتح أعينهم على جيل جديد من الإصلاحات، وهي قفزة تسعى الى تأمين الرّفاه والكرامة والعدالة و تعمل على تمكين الانسان بكافة حقوق المواطنية والإنسانية بكلّ أبعادها الحضارية الكونية… بمعنى أن كل الاستراتيجيات بدأت تعبر عن آمال أجيال شابّة لم تعد تتحمّل استمرار وتكرار وإعادة إنتاج نفس السلوكات والاختلالات، التي تؤدّي إلى إذكاء الغضب الاجتماعي وتغذية الاحتجاجات والاضطرابات.
 
وتماشيا مع ذلك شهدت سنة 2025 تسريع تعميم شبكة الجيل الخامس على الصعيد الوطني، مما عزز مكانة المغرب كمحور إفريقي للرياضات الإلكترونية، حيث تميز شباب مغاربة في بطولات عالمية للألعاب الرقمية، محققين ألقاباً تثبت أن رياضات المستقبل مدمجة في الاستراتيجية الوطنية.
 
-الخلاصة .
 
تجسدت النتائج على أرض الواقع: خلق نحو 50 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر منذ بداية الألفية، استفادة أكثر من 5 ملايين تلميذ من أنشطة رياضية مدرسية، وأثر إيجابي على التعمير والسياحة والاستثمار في المدن المستضيفة.
 
إن تنظيم كأس العالم 2030 والفعاليات الرياضية الكبرى يندرج ضمن رؤية شمولية تضمن المنافع لجميع المناطق، بما في ذلك القرى والمناطق النائية.
 
لقد رسخت سنة 2025 صورة المغرب كقوة رياضية إفريقية ودولية. غير أن ما يميز هذه المرحلة، إلى جانب المشاريع والإنجازات، هو البعد الإنساني والروحي للرؤية الملكية: جعل الرياضة جسراً بين الأجيال، ورابطاً مع إفريقيا والعالم، ومدرسة للمواطنة، ووسيلة للفخر الوطني، وأداة لإشعاع المملكة على الساحة الدولية.





في نفس الركن