2025 أكتوبر 15 - تم تعديله في [التاريخ]

في‭ ‬مفاهيم‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭:‬ من‭ ‬تأطير‭ ‬الـمواطنين‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬النتائج


اشتمل‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬بمناسبة‭ ‬افتتاح‭ ‬الدورة‭ ‬الخريفية‭ ‬للبرلمان‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬مفاهيم‭ ‬دستورية‭ ‬وسياسية‭ ‬واجتماعية‮ ‬‭ ‬انفرد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬صياغتها‭ ‬الجديدة‭ ‬،‭ ‬وسدت‭ ‬فراغاً‭ ‬في‭ ‬المفردات‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدراسات‭ ‬الفكرية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬نحت‭ ‬المصطلحات‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية‭ ‬و‭ ‬الاقتصادية‭ ‬،‭ ‬منها‭ ‬تأطير‭ ‬المواطنين‭ ‬ووضعهم‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬عمل‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬،‭ ‬وترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬النتائج‭ ‬،‭ ‬إعمالاً‭ ‬لمقتضيات‭ ‬الفصل‭ ‬27‮ ‬‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن ( ‬للمواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬حق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬حوزة‭ ‬الإدارة‭ ‬العمومية‭ ‬،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المنتخبة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬الهيئات‭ ‬المكلفة‭ ‬بمهام‭ ‬المرفق‭ ‬العام‭ (.
 
وقد‭ ‬شدد‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إعطاء‭ ‬عناية‭ ‬خاصة‭ ‬لتأطير‭ ‬المواطنين‭ ‬والتعريف‭ ‬بالمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تاخذها‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬،‭ ‬وبمختلف‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬حقوق‭ ‬وحريات‭ ‬المواطنين‭ ‬بصفة‭ ‬مباشرة‭ .‬‮ ‬‭ ‬والرسالة‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬وحدها‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬موجهة‭ ‬للجميع،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬البرلمانيون‭ ‬،‭ ‬لأنهم‭ ‬يمثلون‭ ‬المواطنين‮ ‬‭ ‬،‭ ‬بقدرما‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬والمنتخبين‭ ‬بمختلف‭ ‬المجالس‭ ‬المنتخبة‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬الترابية‭ ‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وفعاليات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وكل‭ ‬القوى‭ ‬الحية‭ ‬للأمة‭ .‬
 
فمسألة‭ ‬تأطير‭ ‬المواطنين‭ ‬تتجاوز‭ ‬الفصل‭ ‬7‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تأطير‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬وتكوينهم‭ ‬السياسي‭ ‬،‭ ‬وتعزيز‭ ‬انخراطهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ) ‬،‭ ‬لتشمل‭ ‬الجميع‭ ‬طالما‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬تنوير‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬،‭ ‬ونشر‭ ‬ثقافة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ .‬
 
والتعريف‭ ‬بالمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬،‭ ‬هو‭ ‬الركن‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬تأطير‭ ‬المواطنين‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تظل‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬تخاطب‭ ‬نفسها‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬يبقى‭ ‬المواطنون‭ ‬خارج‭ ‬التغطية‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬القطيعة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬النفور‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬الحكومية‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬بأنواعها‭ . ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬تفرز‭ ‬الاختلال‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬والمواطنات‭ ‬وبين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭
.‬
ولئن‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬تواصل‭ ‬بذل‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬،‭ ‬للمضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامجها‭ ‬،‭ ‬وتستعد‭ ‬اليوم‭ ‬لتنزيل‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬التنمية‭ ‬الترابية‭ ‬،‭ ‬طبقاً‭ ‬للتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬السادسة‭ ‬والعشرين‭ ‬لاعتلاء‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬العرش‭ ‬المجيد‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬القرارات‭ ‬المهمة‭ ‬و‭ ‬المبادرات‭ ‬الكبرى‭ ‬والقوانين‭ ‬المتخذة‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬مضامينها‭ ‬و‭ ‬الأهداف‭ ‬المتوخاة‭ ‬منها‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬عموم‭ ‬المغاربة‭ ‬،‭ ‬وبالقدر‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬الوضوح‭ ‬والشرح‭ ‬والتعريف‭ .‬
 
أما‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬الفاعلين‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬النتائج‭ ‬،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬معطيات‭ ‬ميدانية‭ ‬دقيقة‭ ‬،‭ ‬واستثماراً‭ ‬أمثل‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬الرقمية،‭ ‬فهي‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬انطلاق‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستشرافية‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬وبناء‭ ‬الأوراش‭ ‬الاستراتيجية‮ ‬‭ ‬،‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬الحرص‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬المنشودة‭ ‬،‭ ‬وضمان‭ ‬الاستفادة‭ ‬المؤكدة‭ ‬من‭ ‬ثمار‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ . ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالتنمية‭ ‬الترابية‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬تنبني‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬العلمي‭ ‬والهندسة‭ ‬الواقعية‭ ‬والتدبير‭ ‬العقلاني‭ . ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬مقومات‭ ‬ثقافة‭ ‬النتائج‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬نقرأ‭ ‬ملامحها‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ .‬
 



في نفس الركن