العلم - أنس الشعرة
دخل قانون المسطرة الجنائية الجديد، رقم 03.23، حيّز التنفيذ يوم الاثنين 8 دجنبر 2025، في خطوة وصفها خبراء بالقانونية بالتاريخية، وتهدف إلى تحديث المنظومة القضائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة بالمغرب. وأكدت وزارة العدل أن القانون، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 8 شتنبر 2025، بدأ سريانه الرسمي وفق أحكام المادة السادسة منه.
دخل قانون المسطرة الجنائية الجديد، رقم 03.23، حيّز التنفيذ يوم الاثنين 8 دجنبر 2025، في خطوة وصفها خبراء بالقانونية بالتاريخية، وتهدف إلى تحديث المنظومة القضائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة بالمغرب. وأكدت وزارة العدل أن القانون، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 8 شتنبر 2025، بدأ سريانه الرسمي وفق أحكام المادة السادسة منه.
وقالت الوزارة في بلاغ رسمي إن دخول هذا القانون حيّز التطبيق يمثل "محطة قانونية مهمة تجسد الإرادة السياسية للمملكة في تحديث منظومة العدالة"، مشيرة إلى أن الإصلاح ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية لتطوير السياسة الجنائية وضمان عدالة فعالة وناجعة، وفق روح دستور 2011 الذي جعل حماية الحقوق والحريات ركيزة أساسية لبناء المغرب الديمقراطي.
وأكدت الوزارة أن القانون الجديد "يشكل نقلة نوعية في تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتكريس الثقة في المنظومة القضائية"، ويأتي ضمن ورش وطني شامل لإصلاح العدالة، نتاج مسار تشاركي موسع شمل مختلف الفاعلين والمؤسسات، بما يتماشى مع النموذج التنموي الجديد ورؤية المغرب 2030.
وفي قراءة قانونية للإصلاح، قال معاذ الأنصاري، محام بهيئة الرباط، إن القانون يمثل "أشمل مراجعة عرفها قانون المسطرة الجنائية منذ صدوره سنة 2023"، موضحاً أنه شمل "تغيير وتتميم 286 مادة، وإضافة 106 مواد جديدة، وتعويض 62 مادة، وحذف 5 مواد". وأشار الأنصاري إلى أن القانون نص لأول مرة على مبدأ المساواة أمام القانون وضرورة المحاكمة العادلة في أجل معقول، مع احترام حقوق الدفاع وتمكين المشتبه فيهم من كافة ضمانات المحاكمة العادلة، بما يتوافق مع دستور 2011.
وأضاف الأنصاري أن القانون الجديد تضمن "مجموعة من المقتضيات الخاصة بإقامة الدعوى العمومية في الجرائم الماسة بالمال العام"، حيث أصبح "وجب تبليغ الوكيل القضائي للمملكة أو الوكيل القضائي للجماعات الترابية بكل دعوى عمومية تتعلق بالاعتداء على أموال أو ممتلكات عمومية أو على موظفين أثناء مزاولة مهامهم"، لضمان تدخل النيابة العامة للدفاع عن مصالح الإدارة والموظفين.
وأشار إلى أن أبرز المستجدات في هذا المجال يتمثل في "تقييد دور جمعيات حماية المال العام في التبليغ أو إقامة الدعوى العمومية"، بحيث أصبح إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى في الجرائم الماسة بالمال العام يتطلب "طلباً من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات"، باستثناء حالات التلبس، وهو ما أثار جدلاً بين الجمعيات والسلطة التشريعية، حيث اعتبرت الجمعيات أن ذلك قد "يحمي ناهبي المال العام ويعقد تحريك الأبحاث ضدهم".
وأوضح الأنصاري أن القانون أتاح أيضاً "إجراء بحث مالي موازي لتحديد عائدات الأنشطة الإجرامية"، مع منح النيابة العامة صلاحية الحجز على الأموال، مع توفير حماية للمشتبه فيهم من خلال إمكانية "طلب رفع الحجز خلال 10 أيام، والطعون أمام رئيس المحكمة خلال نفس المهلة". وقال الأنصاري إن هذا الإجراء يمثل "حماية كبرى لحقوق المشتبه فيهم ويحفز النيابة العامة على تسريع إجراءات البحث والتحري".
وأضاف أن القانون حرص على حماية حقوق المشتكين والمتضررين من خلال تنظيم اختصاصات الجهات المكلفة بالبحث والتحري، مع السماح للنيابة العامة بالاستعانة بالخبراء عند الحاجة، مثل "إجراء خبرة لتحديد البصمات البيولوجية أو الجينية للمشتبه فيهم".
وأشار إلى أن القانون نظم مسألة برقيات البحث على الصعيد الوطني، مؤكداً أن المادة 40 "ألزمت النيابة العامة بإلغاء برقيات البحث تلقائياً بمجرد القبض على الشخص المبحوث عنه أو تقادم الجرائم"، وذلك لضمان حماية حرية الأفراد ومنع تأثير البرقيات على حياتهم.
ولفت الأنصاري إلى أن من بين المستجدات أيضاً "إتاحة التظلم على قرار الحفظ من قبل المشتكي، سواء لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أو لدى رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض"، مع إعطاء "فرصة لكل مشتك لعرض شكايته من جديد بعد حفظها".
وأشار كذلك إلى تعزيز دور المحامي خلال البحث التمهيدي، حيث أصبح له "حق طرح الأسئلة، التماس إجراء فحص طبي للموكل، تقديم الوثائق والدفوع، وعرض كفالة لإطلاق سراحه"، مؤكداً أن ذلك "يعزز ضمانات المشتبه فيه ويعطي صورة دقيقة للنيابة العامة قبل اتخاذ أي قرار".
وختم الأنصاري بأن التطبيق العملي لهذه المستجدات "من شأنه تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وزيادة ثقة المتقاضين في القضاء، رغم بعض الانتقادات التي رافقت المقتضيات أثناء مسطرة التشريع"، مشدداً على أن التنفيذ قد يكشف "نواقص وثغرات تحتاج إلى معالجة لتجويد التشريع وملاءمته مع الدستور والاتفاقيات الدولية".
رئيسية 








الرئيسية 





