2025 أكتوبر 30 - تم تعديله في [التاريخ]

قطاعات‭ ‬الماء‭ ‬والطاقات‭ ‬الخضراء‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المالي‭ ‬الجديد

خبراء‭ ‬يشيدون‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬الهيكلية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والانتقال‭ ‬الطاقي


العلم نهيلة البرهومي
 
تتمثل‭ ‬أولوية‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة2026‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الهيكلية‭ ‬الكبرى‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬توازنات‭ ‬المالية‭ ‬العمومية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وتفعيلًا‭ ‬للتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية،‭ ‬أكدت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬التدابير‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تأمين‭ ‬التزويد‭ ‬بالماء‭ ‬الشروب‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬المائي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬خُصص‭ ‬له‭ ‬مجموع‭ ‬اعتمادات‭ ‬يقدر‭ ‬بـ‭ ‬16‭,‬4‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭. ‬وسيتم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬مواصلة‭ ‬تنزيل‭ ‬برنامج‭ ‬بناء‭ ‬السدود‭ (‬16‭ ‬سدًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وبرمجة‭ ‬أشغال‭ ‬بناء‭ ‬سدين‭ ‬كبيرين‭ ‬جديدين‭)‬،‭ ‬وتسريع‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬لنقل‭ ‬المياه‭ ‬بين‭ ‬الأحواض‭ ‬المائية‭ (‬خصوصًا‭ ‬من‭ ‬حوض‭ ‬واد‭ ‬لو‭ ‬واللوكوس‭ ‬إلى‭ ‬حوض‭ ‬أم‭ ‬الربيع‭ ‬مرورًا‭ ‬بأحواض‭ ‬سبو‭ ‬وأبي‭ ‬رقراق‭)‬،‭ ‬ومواصلة‭ ‬تفعيل‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬لمشاريع‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬بهدف‭ ‬تأمين‭ ‬تعبئة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭,‬7‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬سنويًا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التزويد‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬بالمجال‭ ‬القروي،‭ ‬وذلك‭ ‬بالموازاة‭ ‬مع‭ ‬تدبير‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الماء‭ ‬واقتصاده‭ ‬وتثمينه‭.‬
 
وستعمل‭ ‬الحكومة،‭ ‬على‭ ‬توطيد‭ ‬مسار‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬استعمال‭ ‬الطاقات‭ ‬الخضراء،‭ ‬عبر‭ ‬تسريع‭ ‬تطوير‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تشكل‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬المزيج‭ ‬الكهربائي‭ ‬الوطني،‭ ‬موازاة‭ ‬مع‭ ‬تفعيل‭ ‬عرض‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭. ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تطوير‭ ‬استعمال‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬عبر‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬أول‭ ‬محطة‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬بميناء‭ ‬الناظور‭ ‬غرب‭ ‬المتوسط،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬وحدتين‭ ‬لإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬بتاهدارت‭ ‬باستعمال‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬مع‭ ‬تحويل‭ ‬المحطة‭ ‬الحالية‭ ‬بتاهدارت‭ ‬ومحطتي‭ ‬القنيطرة‭ ‬والمحمدية‭ ‬لمحطات‭ ‬تستعمل‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬عوض‭ ‬الفيول‭ ‬والفحم‭.‬
 
وعن‭ ‬تخصيص‭ ‬16‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬لتأمين‭ ‬التزويد‭ ‬بالماء‭ ‬الشروب‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬المائي،‭ ‬أكد‭ ‬عيماد‭ ‬بوعزيز،‭ ‬مهندس‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭ ‬وخبير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الماء،‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬2020‭ (‬أي‭ ‬قبل‭ ‬الجفاف‭ ‬وندرة‭ ‬التساقطات‭ ‬المطرية‭)‬،‭ ‬كانت‭ ‬الميزانية‭ ‬المرصودة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬800‭ ‬إلى‭ ‬900‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭ ‬سنويا،‭ ‬وكانت‭ ‬موجهة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬إلى‭ ‬تعميم‭ ‬الماء‭ ‬الشروب‭ ‬بالمناطق‭ ‬النائية‭.‬
 
وحسب‭ ‬بوعزيز،‭ ‬فإن‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الميزانية‭ ‬المرصودة‭ ‬سابقا‭ ‬إلى‭ ‬16‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬بمثابة‭ ‬تحد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وسلبياتها،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المغرب‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬تساقطات‭ ‬تبلغ‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب،‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تساقطات‭ ‬مطرية‭ ‬أو‭ ‬ثلجية‭.‬
 
وأوضح‭ ‬بوعزيز‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬مع‭ ‬‮«‬العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الإشكال‭ ‬الحقيقي‭ ‬اليوم‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬نقص‭ ‬التساقطات‭ ‬وتفاوتاتها‭ ‬المجالية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬المغرب‭ ‬يستهلك‭ ‬من‭ ‬‮«‬رأسمال‮»‬‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬اي‭ ‬المخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المتواجد‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭.‬
 
واعتبر‭ ‬المتحدث،‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أمام‭ ‬المغرب‭ ‬هو‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬محطات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه،‭ ‬والتي‭ ‬يشترط‭ ‬وجودها‭ ‬على‭ ‬السواحل‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالا‭ ‬جوهريا‭ ‬‮«‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‮»‬،‭ ‬هنا‭ ‬اعتبر‭ ‬بوعزيز‭ ‬أن‭ ‬16‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬جاءت‭ ‬لتلبي‭ ‬هذه‭ ‬الحاجيات،‭ ‬وإحداث‭ ‬مشاريع‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬الأحواض‭ ‬المائية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬السدود‭..‬
 
وفي‭ ‬الشق‭ ‬المتعلق‭ ‬بتوطيد‭ ‬مسار‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬استعمال‭ ‬الطاقات‭ ‬الخضراء،‭ ‬يرى‭ ‬مصطفى‭ ‬العيسات،‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطاقي،‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لديها‭ ‬خيار‭ ‬غير‭ ‬التسريع‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬الطاقي،‭ ‬نظرا‭ ‬لارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬الطاقة‭ ‬عالميا‭ ‬والذي‭ ‬يؤثر‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬ميزان‭ ‬الأداء‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬
 
وأوضح‭ ‬العيسات‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬80‭ ‬إلى‭ ‬85‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬مستوردة‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سقف2030‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬52‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقات‭ ‬النظيفة‭ ‬وجب‭ ‬تنزيله‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬بإجراءات‭ ‬عملية،‭ ‬لتحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطاقي‭.‬
وحسب‭ ‬الخبير،‭ ‬فكل‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬التمويلات‭ ‬التي‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬استيراد‭ ‬الطاقة‭ (‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭). ‬منبها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬الانتقال‭ ‬الطاقي،‭ ‬بمثابة‭ ‬مشروع‭ ‬ملكي‭ ‬بامتياز‭.‬
 
ونبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬التسريع‭ ‬هو‭ ‬وصول‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬52‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬ولهذا‭ ‬تتجه‭ ‬بلادنا‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬الطاقات‭ ‬الريحية،‭ ‬والهيدروجين‭ ‬الأخضر‭. ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الغاية‭ ‬الأسمى‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للهيدروجين‭ ‬الأخضر،‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وبذلك‭ ‬ضمان‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ»السيادة‭ ‬الطاقية‮»‬‭. ‬
 
من‭ ‬جهته،‭ ‬سجل‭ ‬أمين‭ ‬بنونة،‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطاقي،‭ ‬أنه‭ ‬ومنذ‭ ‬تفعيل‭ ‬سنتي‭ ‬2023‭ ‬و2024‭ ‬مولدات‭ ‬ريحية‭ ‬وشمسية‭ ‬بالداخلة،‭ ‬ولحدود‭ ‬2025‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬خطوات‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬التأخر‭ ‬الحاصل‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬حث‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬على‭ ‬مصطلح‭ ‬التسريع‭.‬
 
وأكد‭ ‬بنونة،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬منتظرا‭ ‬استعماله‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬بل‭ ‬موجها‭ ‬للمكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬بما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬للهدروجين‭ ‬قصد‭ ‬إنتاج‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الآمونيا‭ ‬الخضراء‭. ‬وأن‭ ‬خطة‭ ‬التسريع‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر،‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬بهدف‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬وإنما‭ ‬للاستعمالات‭ ‬الصناعية‭. ‬وأرجع‭ ‬الخبير‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التكلفة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬لاستعمالات‭ ‬الهدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الطاقية‭.‬
 



في نفس الركن