عمل مسرحي جديد يفتتح رحلته من الدار البيضاء مزاوجا بين الحكي الشعبي والبعد الرمزي
*العلم: شيماء اغنيوة*
تستعد الخشبة الكبرى لمسرح بنمسيك بالدار البيضاء يوم الجمعة 12 شتنبر 2025، لاحتضان العرض المسرحي "كناش الحشمة"، الذي يجمع بين عمق الأسطورة وجرأة التحليل النفسي، في عمل يزاوج بين الحكي الشعبي والبعد الرمزي والفلسفي.
تقدم فرقة "الفن الأصيل" مسرحيتها الجديدة "كناش الحشمة"، بنص مسرحي وكلمات أغاني للكاتب عبد المجيد سعد الله، وإخراج ودراماتورجيا للمبدع سامي سعد الله، فيما تولى ياسين الزاوي السينوغرافيا وتصميم الملابس. يتقاسم خشبة العرض ثلة من الممثلين هم: مصطفى اهنيني، الحسين أغبالو، رجاء بوحامي، وبوشعيب العمراني، إلى جانب الفنان سعيد مزوار الذي يشرف كذلك على إدارة الفرقة. أما الجانب الموسيقي فقد حمل توقيع توفيق بلخضر ورشيد بيضار في الألحان والعزف والتوزيع. وساهم أيوب بنهباش كمساعد مخرج ومصمم إضاءة، بينما تكلفت سلوى ياسين بتنفيذ الملابس، ونورا إسماعيل بإنجاز الأقنعة، ووديع حامين كمساعد سينوغراف. كما تولى المهدي لدري وبدر جغالف مهام المحافظة العامة والكومبارس، وساهمت ياسمينة الشريبي في الإعلام والتواصل.
يحمل العرض جمهوره إلى فضاء الأسطورة، حيث يستلهم قصة بشار الخير ورحلته من أجل تحرير ابنة الشيخ عرعار، المسجونة في "قبة العار"، في مواجهة عقلية تكرس الجهل وتؤسس لثقافة الاستعباد. ومن خلال هذا الصراع، يتحول بشار إلى رمز للتحرر والدفاع عن قيمة المرأة، وعن كرامة الإنسان وذاكرة الرحل أصحاب الأرض والتاريخ الثقافي.
غير أن "كناش الحشمة" لا تقف عند حدود الحكي الشعبي، بل تذهب أبعد في مساءلة الوجود البشري من خلال مدخل التحليل النفسي. فالتصور الإخراجي يستلهم ثنائيات الحياة والموت، الرغبة واللاوعي، السادية والمازوشية، إضافة إلى عقد إنسانية عميقة كعقدة فقدان الشرف والرجولة، وعقدة "إلكترا"، لتطرح أسئلة فلسفية كبرى: معنى الحياة والموت، الحرية والمساواة، التضحية والانتماء، ووضعية المرأة في مجتمع يراوح بين الذاكرة والهوية.
ويمنح البعد البصري للعمل عمقاً إضافياً، إذ يؤكد مصمم الإضاءة أيوب بنهباش أن اعتماده على "الفضاء الفارغ" لم يكن صدفة، بل اختياراً جمالياً يروم ملء الفراغ المسرحي بعناصر ضوئية تستلهم التراث المغربي العتيق. فالإضاءة هنا ليست مجرد تقنية، بل لغة موازية تساهم في تحديد الزمن النفسي للمشهد، والمكان الدرامي، وأثر الشخصية، كما تعيد تشكيل القبة وبيت ابنة الشيخ على الخشبة، لتجعل الضوء عنصراً من عناصر الحكي.
بهذا التصور المركب، تقدم "كناش الحشمة" عرضاً مسرحياً متكاملاً، حيث يلتقي النص الرمزي بالبعد النفسي، والسينوغرافيا البصرية بروح التراث الصحراوي، ليخرج العمل في صيغة فرجوية حديثة تفتح باب النقاش حول قيم الحرية والمساواة والتعايش، وتعيد الاعتبار لذاكرة الرحل كجزء أصيل من الهوية الثقافية المغربية.