2024 مارس 1 - تم تعديله في [التاريخ]

كَلامْ.. ليْس لِلرَّأْيِ النَّعَامْ !

افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 29 فبراير 2024


العلم - محمد بشكار

1
نعيشُ الآن التَّاريخ الأسْود لِلمُسْتقبل!

2
المرأة المحظوظة مَنْ تَعْثُر على رجُل لا يقْتصر مُراده على ما يريده أغلب الرجال !

3
ثمَّة مَنْ يتجاوز في الوقاحة جبْهته العريضة بأمتار، فتجدهُ يتحدَّث عن الأوْزان الطبيعية لحجْم الإنسان، وهو في ثقل الأحجام أخفُّ مِنْ جناح بعوضة !

4
لا أعْرف إذا كان ثمّة منْ ما زال يؤمن بجدْوى الكتابة، هذه الصَّيْدلية التي كانت توجد بترْسَانة أوْراقها في كلِّ بيْت، وكُنا نسْتعيض بحركتها الخفيفة على القلب، عنْ اقتناء عقاقير الكآبة، لا أعْرِف إذا كان ثمّة في زمن انهيار الإنسان، مَنْ ما زال يؤمن بنثْر الأحْرُف أو شَعْرَنتها لإشاعة قِيَم الجمال !

5
بعد الدَّفْن نُولِّي الأدْبار، والحقيقة أنَّ نفْس الفأس ينتظرنا جميعاً، ولو تغيَّر الحفار!

6
لقدْ وصَلْنا هذه الأيّام إلى ثقافة الطراكس.. وما الطراكس إلا جرّافة تُكشِّر بأمْرٍ من القيادات العليا عن أنيابها المعْدنية، ومَنْ لم يصِلهُ نبأٌ من هذه التَّقْليعة الجديدة التي تقْلعُ الأخضر واليابس، ما عليه إلا أن يُعيد النَّظَر في الرَّقبة الّتي تحْملُ الرّأسْ !

الأصل في الثقافة أن نكون مع الفقراء المُهجَّرين غصْباً منْ بيوتهم أو أراضيهم الفلاحية، دون تعْويض سريعٍ أوْ منازل مُهيّأةٍ سلفاً تقيهم آفة التشرُّد في جنباتِ الشّوارع، فما أسهل أنْ تُكشِّر عنْ أنياب الطراكس وأنت تُدير المُحرِّك، ولكن الأصْعَب أنْ تُراعي حقوق البشر قبل البدْء في قلب الأعْلى على الأسْفل، الأبْشع أن  تُهَندسَ أو تُخطِّط بخفة مَنْ يُحركُ المرق، منظرا جميلا لقرى سياحية، وأنت لا تعلم أن ما رسمتهُ مزهُوّاً بالأنقاض على الورق، هو مشروع مقبرةٍ سيدْفن الضُّعفاء أحياءً، حقّاً إنّ أفظع ما يحزُّ في النفوس أنْ تبْرد الرُّؤوس من حرارتها، أن نُصبح مَعزُولين لا أحد يهْتَمُّ بالآخر، لتسْحقنا جميعاً مظاهرُ التَّعسُّف والطغيان، لا أحد يتكلّم بينما المواطن الفقير تبْتلعُهُ يومياً بطون مافيا العقارات البورجوازية المُتعفِّنة، وليْتَها تتغوَّطُه دون عسْرٍ في الهضْم حتى لا يخْتنِق مِنْ شِدّةِ الألم!

لا أتحدَّثُ عمّنْ كبّروا بريع الثقافة العجيزة أوسَعَ من الكراسي، بل عن المثقفين الشُّرفاء الذين ما زال في عروقهم، سريانٌ من الحمِيَّةِ الغيورة على أبناء البلد، أولئك الذين يعلمون أن الثقافة الحقيقية لا تُؤكِّل الخُبز، وأنها أنْجَع علاج للعجز، ليس ذلك العجز الذي قد يذهب إليه التَّفكير ويحتاج  إلى وصفات لتقوية الباه، إنما ذلك الوهَن الذي يجعل الكلمة مُرتخِيّة مع القلم، دون قذفٍ صريحٍ يُذْكَر مِن الأفواه!

7
الإنسان الأخير الذي بشّر أو أنْذر الفلاسفةُ من مغبَّة نُشوئه، ذلك الإنسان الذي يتفوّق عليه حتّى الحيوان، على الأقل بمرجعيته التي توجدُ في الذيل، أصبح اليوم ويا للأسف غفيراً بيْننا..ألمْ ترَ كيف يملأ حياتنا بكل معاني الفراغ، وما الجديد فنحن نكتشف كل يوم مخلوقاتٍ محسوبةً خطأ على البشر، ويتبرّأ من ماديتها الجشِعة حتى الحجر !

8
إذا لم تغْضبْ اليوم فلا معنى لكُلِّ ما تكتبْ، قُلْ لي فقط أيُّها الشَّادي يا حَادِيَ العِيسِ، مِنْ أين تسْتمدُّ شهيَّتكَ في الطَّربْ !

9
اليَأسُ أيضاً أمَل.. حين نتحمَّل مُقاوِمين ما لا يُحْتملْ!

ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 29 فبراير 2024




في نفس الركن