2025 أغسطس/أوت 4 - تم تعديله في [التاريخ]

لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء

الافتتاحية هذه المرة قصيدة في ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 17 يوليوز 2025


العلم - محمد بشكار

لا أُرِيدُ
الأرَاضِيَ سَبْعاً وَلا مِثْلَهَا
فِي السَّمَاوَاتِ،
لكِنّني لَسْتُ أُفرِّطُ
فِي طِينِ غزّةَ كَيْفَ
ومِنهُ الخلِيقةُ تَبْدأُ هَذا النُّشُوءَ..

أنَا هَا هُنَا يَا إلَهِيَ حيْثُ سَقَطْتُ شَهِيداً، طُلَّ مِنْ غَيْمَةٍ لِتَرَانِيَ مَا زِلْتُ آدَمَ نَفْسَهُ مُنْذُ تَلَقَّيْتُ صَفْحَكَ فِي  كَلِمَاتٍ عَزَائِي الوَحِيدَ لِكَيْ تَسْتَمِرَّ الحَيَاةُ، وَمَا زِلْتُ مُنْذُ هَوَيْتُ إِلَى حُفْرَةِ الْأَرْضِ أَجْتَرُّ فِي عُنُقِي غُصَّتِي، هِيَ بَيْنَ الْفَوَاكِهِ تُفَّاحَةٌ، وَهْيَ  فِي حُلْوِهَا الْمُرِّ بَيْنَ النِّسَاءِ الجَمِيلاتِ حوَّاءُ تَحْبُلُ بِي غَيْرَ مَا مَرّةٍ لِتَقِينِي الفَنَاءَ، أنَا هَا هُنَا أَبَتِي دُونَ عِلْمِ التُّرَابِ كَبُرْتُ كَأَيِّ نَبَاتٍ وَلَمْ ألْتَفِتْ لِجُذُورِي وَغُصْنُ يَدِي فِي السَّمَاءِ يُدَاعِبُ فِي غَيْمَةٍ نَهْدَهَا. كَمْ كَبُرْتُ وَمِنْ دُونِ
عِلْمِ الطُّفُولَةِ. أَخْشَى إِذَا
مَا اسْتَعَدْتُ الطُّفُولَةَ أَفْقِدَ ذَاكِرَتِي وَاُضَيِّعَ بِالأَمْسِ كُلَّ مَكَانٍ إِلَى الْغَدِ.
يَا لَيْتَنِي لَمْ أَشِخْ فِي الطُّفُولَةِ.
يَا آدَمُ
هَلْ صُدْفةً اشتُقَّ
مِنْ إسْمِكَ
الدَّمُ

طُلَّ إِلهِيَ مِنْ نَجْمَةٍ تَنْطَفِي فِي عُيُونِيَ والْقِ وَلَوْ نَظْرَةً هِيَ نُورِي الْحَكِيمُ، سَتُبْصِرُ فِي الأَرْضِ آدَمَ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ يَمْرَحُ بَيْنَ الجِنَانِ، تَطَوَّرْتُ أَكْثَرَ مِمَّا أُطِيقُهُ أَوْ يَنْبَغِي فِي الْخَلِيقَةِ، أَصْبَحْتُ أَصْغَرَ حَجْماً وَأَكْبَرَ حُلْماً، فَطِرْتُ سَماءً وَمَا زِلْتُ أَنْفُذُ أَقْطَارَهَا دُونَ  أنْ أَقْرَبَ الشَّمْسَ، فالأُمُّ
تَضْرِبُ كَفَّ ابْنِهَا حِينَ يَلْعَبُ
بِالنَّارِ مِنْ دُونِ سُلْطَانْ !

أنَا لَا أزَالُ بِأرْضِكَ فِي حُفْرَةٍ، لَا أزَالُ هُنَا أَبَتِي، قَدْ وَصَلْتُ إِلَى مَا وَصَلْتُ.. وَلَكِنَّنِي ضَائِعٌ بَعْدَ أنْ ضَاقَ وَقْتِيَ فِي سَاعَةِ اليَدِ وَانْتَشَرَتْ نُسَخِي الْبَشَرِيَّةُ حَتَّى غَدَوْتُ بِدُونِ مَلَامِحَ،
مَا عُدْتُ أُشْبِهُنِي
بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَتْنِي الْمَرَايَا،
وَمَا عَادَ طِينٌ خُلقتُ بِمَاءِ عَجِينِهِ
يَنْفَعُنِي لِأُرَمِّمَ تَحْتَ القِنَاعْ
وَجْهَ آدَمَ فِي
وَجْهِيَ الآدَمِيِّ الأَخِيرْ !

ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 17 يوليوز 2025




في نفس الركن